منذ عام 2004 انطلقت في إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة خدمة «تاكسي المطار» المخصّصة للسيدات والعائلات فقط، وبدأت الخدمة بسائقة واحدة في ذلك العام، وسبقتها دبي في تلك التجربة؛ ليصل عدد السائقات اليوم إلى 28 سائقة، جاهزات على مدار الساعة لنقل الركاب من مطار الشارقة إلى مدينة الشارقة والمنطقة الوسطى والشرقية، أو إلى مختلف مدن إمارات الدولة، لكن الشرط الوحيد هو أن التاكسي الذي تقوده سيدة مخصص للعائلات والنساء فقط. هؤلاء السائقات ينتمين إلى عدة جنسيات عربية وغير عربية، أهمها: مصر، المغرب، السودان، فلسطين، أثيوبيا، الفلبين، أندونيسيا والصومال، ويعملن في شركات للتاكسي تابعة للدولة سواء كانت خاصة أو عامة. «الرياض» التقت السائقات في موقع عملهن الرئيس في مطار الشارقة، حيث عبرن عن وجهات نظرهن بحماس، في عدة محاور تتعلق بكيفية تعامل الركاب معهن، وكيف يقيمون أداءهن، ومدى ارتياحهن لهذه المهنة، وأهم التحديات والعوائق التي تواجههن أثناء القيام بهذا العمل، وغيرها من الجوانب الأخرى المتعلقة بشكل مباشر بهذا العمل. «سعودي» ركب مع «عياله» وطول الطريق إلى الفندق ينتقد قيادة المرأة للسيارة ثقة وتعارف في البداية أكدت السائقة «منى صالح» -من السودان، وتعمل منذ سنتين- على استمتاعها بهذا العمل، وقالت:»لا يوجد مشكلات حقيقية تواجه السائقات، ولديهن الثقة بأنفسهن، مما يؤهلهن إلى التحرك بأمان وسهولة في كافة مناطق الدولة، خصوصاً أن التواصل مستمر ومباشر معهن، سواء من خلال مكتب المطار أو من خلال شركات الأجرة، خاصة وأن السائقة لا تسمح إلاّ بركوب العوائل والسيدات في سيارتها»، مشيرة إلى أنها تعرفت على الكثير من السيدات والعوائل من خلال نقلها لهم من مطار الشارقة إلى كافة إمارات الدولة الأخرى. سائقة تستعد لمغادرة المكان بحثاً عن الركاب وأضافت: من المواقف التي لا أنساها في حياتي أنني نقلت عائلة سعودية إلى إحدى إمارات الدولة، وعند وصولي إلى المكان المطلوب بدأت العائلة في النزول من السيارة، ماعدا الطفل الصغير «حسن» يبلغ من العمر سنتين، حيث تمسك بالمقعد وبدأ في الصراخ ولا يريد أن ينزل مع والدته!. تدريب وتأهيل أما عن التدريب الذي تتلقاه السائقات في هذا المجال، فتقول السائقة «كرشنا» -من سيري لانكا، وتعمل منذ أربع سنوات-، أنه يتم تدريب السائقات في بداية الأمر على معرفة أغلب الأماكن والطرق المؤدية لها، كذلك يتم تدريب السائقة على كيفية التعامل مع الركاب بطريقة لبقة ولطيفة؛ فالسائقة تساعد السيدات أو العوائل التي تركب معها في حمل حقائب السفر ووضعها في التاكسي، وفي حالة عدم معرفتها للمكان المطلوب وهذا الأمر نادر الحدوث -على حد قولها-، فإن السائقة تتصل بمكتب الشركة التابعة لها قبل الانطلاق في الرحلة، وتتأكد من المكان المطلوب، حيث ان هناك شخصا مختصا يدلها ويصف لها المكان بكل يسر وسهولة، وهذه العملية لا تأخذ سوى دقائق قليلة لا تحتسب من وقت الرحلة. لقطة جماعية للسائقات في مطار الشارقة تجربة السعوديين! أما عن التحديات والصعوبات التي قد تواجه السائقات، فتحدثنا السائقة «بريجيت» -من الفلبين وتعمل منذ سنتين تقريباً-، وقالت:لا صعوبات حقيقية تواجه السائقات، ماعدا تدخل بعض الركاب خاصة من بعض السعوديين في موضوع «العدّاد»، حيث ان عداد تاكسي المطار يبدأ ب20 درهماً بالنسبة لإمارة الشارقة والإمارات الأخرى، عدا إمارة دبي حيث يبدأ العداد ب40 درهماً، وهذا قانون تفرضه إدارة المواصلات العامة على جميع أنواع التاكسي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن بعض الركاب يرفضون فكرة «العدّاد»، ويريدون الاتفاق من البداية على سعر محدد للرحلة وهذا طبعاً لا يجوز!. وتضيف: بعض الركاب السعوديين خاصة الرجل إذا كان برفقة عائلته فإنه يرفض أحياناً الركوب في تاكسي نسائي، وإذا ركب فإنه طوال الرحلة يعبّر عن امتعاضه من قيادة المرأة للسيارة، وربما هذا يعود إلى أنه غير معتاد على قيادة المرأة للسيارة في السعودية. منى صالح (السودان) راتب ونسبة أما السائقة «هارتاتيك» -من أندونيسيا، وتعمل منذ ثلاث سنوات-، فتحدثنا عن الراتب الذي تتلقاه، حيث يبلغ 1500 درهم، إضافة إلى نسبة 25% من الدخل الشهري. وقالت:»تفرض الشركة علينا أن نحصل يومياً على مبلغ 350 درهماً فقط، ولذا فلنا حرية العمل خلال اليوم كاملاً حسب ظروفنا، حيث انه فيما يتعلق بأوقات العمل الخاصة بالسائقات؛ فإن النظام المتبع معهن هو نظام التشغيل بالوقت المفتوح، وذلك تلبية لرغبتهن ومراعاة لهن، وهذا بناء على رغبة السائقات في عدم حصرهن في توقيت زمني محدد، خاصة أن دولة الإمارات تنعم بالأمن العام في الطرقات والشوارع الرئيسة والفرعية، إضافة إلى عدم حصر وصول الرحلات الجوية في مطار الشارقة الدولي في ساعات النهار فقط». كرشنا (سيري لانكا) عدة لغات أما السائقة «إيمان» -من مصر-، فتشرح لنا كيفية مخاطبة السائقة للجنسيات المختلفة التي تركب معها، وقالت:»يجب على السائقة أن تتحدث اللغة العربية والانجليزية على الأقل، إضافة إلى لغتها الأم إن كانت غير عربية، وفي حالة أن تكون لغة الراكب مختلفة عن هذه اللغات فتطلب السائقة منه وصف المكان الذي يريد الذهاب إلية، وغالباً يكون مكتوبا على ورقة وبالتفصيل، وكل هذا قبل أن تنطلق السائقة في رحلتها، حيث تتأكد من المكان المطلوب». بريجيت (الفلبين) موقف محرج! وختاماً تحدثنا إحدى السائقات عن بعض المواقف المحرجة التي قد تتعرض لها السائقة أثناء نقل الركاب إلى المكان المطلوب، فالبعض منهم قد يرفض دفع المبلغ المطلوب إذا رأى أنه غير مناسب من وجهة نظره، على الرغم من أن الأمر يخضع ل»العدّاد»، وليس هناك مجال للتلاعب بالمبلغ، وهذا ماحدث معها فعلاً، حيث ركبت معها ثلاث سيدات، وعند وصولهن للمكان المطلوب رفضن الدفع؛ بحجة أن المبلغ كبير حيث اضطرت هي للاتصال بالشرطة وقبل وصولهم خضعت السيدات للأمر ودفعن المبلغ المطلوب. هارتاتيك (أندونيسيا) إدارة العمل وفي هذا الصدد أكد «أحمد القائد» -رئيس قسم امتياز مركبات الأجرة بالتكليف في مواصلات الشارقة-، حرص المؤسسة على توفير راحة الركاب من الجنسين، ومنح الفرصة للسيدات والعائلات بالمحافظة على خصوصيتهم في مركبة الأجرة، من خلال وجود سائقة أجرة تقود السيارة، حيث ان هناك 28 مركبة أجرة تقودها السائقات من مطار الشارقة الدولي إلى وجهات مختلفة، سواء في مدينة الشارقة والمنطقة الوسطى والشرقية، أو إلى مختلف مدن إمارات الدولة. وقال انه تم مراعاة السائقات في العمل، بحيث يسمح لهن بنقل الركاب من السيدات والعائلات بنظام توزيع الركاب، الذي أعطي فيه مبدأ الأفضلية للسائقات، باعتبار أن الركاب من السيدات يتجهن إلى مركبات الأجرة التي تقودها سائقات، إضافة إلى العائلات، وبالتالي سرعة حصول السائقات على الدور نظراً لعدد مركباتهن قياساً بمركبات السائقين التي تفوق 175 مركبة، حيث ان نظام توزيع الركاب من العائلات مقسم بالتساوي بين السائقين والسائقات. وأضاف ان حقوق السائقات محفوظة بعقد عمل تتفق فيه السائقة مع صاحب شركة الامتياز التي ستعمل فيها على جميع الشروط والامتيازات، وبإمكانها الرفض شأن أي عقد عمل بين صاحب العمل والعامل.