مصطلح "بلغونا" هي دعوة موجهة للعامة من الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة ومن في حكمهما، للمبادرة بالمشاركة في تطوير أو تقييم أو الإبلاغ عما تضطلع به هذه الجهات من مهام واختصاصات تنظيمية أو أمنية أو قضائية أو تنفيذية أو رقابية نتيجة ما قد يعتري سواء السلوكيات من مخالفات أو الإجراءات من خلل أو الخدمات من قصور؛ هذا النوع من الدعوة للمساهمة في الرقابة المجتمعية تشكل رسالة بالغة الأهمية وتعكس حرص ما يوليه القائمون على هذه الجهات من أهمية لدور العامة الرقابي في فرض مبادئ النظام العام وصيانة مقوماته للمحافظة على كيان المجتمع ووحدته واستتباب الأمن والنظام العام فيه وضمان أمن وسلامة الجميع من نشاز السلوكيات والممارسات الخاطئة، وتعزيز مبادئ النزاهة والشفافية والعدالة والسلاسة في الإجراءات والخدمات، وكذلك حفظ حقوق المستهلك في مواجهة الجهات الخاضعة لرقابتها في حالة عدم الالتزام بما هو مفروض عليها نظاما من أحكام الضمان والصيانة؛ وهي أي -هذه المشاركة المجتمعية- إحدى أهم صور ممارسة دور المواطنة الصالحة للمساهمة في إصلاح وتطوير كثير مما تضطلع به الجهات الحكومية من اختصاصات متنوعة ومهام ممتدة، متى ما أوليت هذه المشاركات المجتمعية التطوعية ووسائلها المعلنة للتواصل على التحفيز والاهتمام والمتابعة والمعالجة الناجزة. ولتحقيق ما ذكر أعلاه للتحفيز على المشاركة المجتمعية بتفعيل الدور الرقابي المنشود للمبادرة بالإبلاغ عما ذكر أعلاه من مخالفات أو سلوكيات أو تجاوزات، نقول إنه ما زال هناك بعض من الجهات الحكومية التي تشترط أو تجبر المبلغ على اللجوء إلى الأسلوب التقليدي في آلية تلقي البلاغات بطلب حضوره الشخصي لديها كشرط لاستقبال البلاغ، وهذا حقيقة لا ينسجم مع جزالة ما تحقق لوطننا في هذا العهد المبارك من تحول في البيئة الرقمية وأدواتها وبنجاحات ملموسة في مجالات وقطاعات عدة؛ الأمر الآخر وهو عندما يعلن البعض الآخر من الجهات عن تمكين التواصل معها عبر وسائل وقنوات إلكترونية متنوعة لتلقي البلاغات أو نحو ذلك، كالموقع أو البريد الإلكتروني الخاص بها، أو من خلال تطبيق إلكتروني خاص صمم لغرض تلقي البلاغات، الواقع يقول ودون تسمية لتلك الجهات لأن الهدف من الطرح هنا هو النقد البناء والحث على المتابعة، هو أن هذه القنوات الإلكترونية المعلنة إما أنها لا تعمل بشكل تام نتيجة التعطل المستمر بسبب قلة المتابعة، أو أنها تعمل ولكنها تجعل من مراحل البلاغ رحلة مملة وتستنزف وقت وجهد المبلغ بسبب بيروقراطية الخطوات والمتطلبات، وهو بالتالي ما يعيدنا مرة أخرى إلى ما ذكرناه سابقا عن الأسلوب التقليدي لتلقي البلاغات، أو وهو الأقرب صرف النظر عن المبادرة بتقديم البلاغ نتيجة المشقة؛ وأن حالف الحظ أي مبلغ بإرسال أو تقديم بلاغه فسيجد عدم التفاعل التام معه، لا سيما أن التفاعل مع المبلغ لتأكيد استلام بلاغه وتقدير مبادرته بشكره، لا يعني ذلك قبول البلاغ والشروع في معالجته، لأن هذا الأخير يقتضي إجراءات تفصيلية وخطوات دقيقة نتيجة لما يترتب عليها من آثار ومسؤولية قانونية مختلفة.