أي كذبة على وجه الأرض تحدث وخزة في الضمير، ومهما صغرت وتضاءلت وربما لا تعدو جزيئاً من جزء من الثانية. إلا أنها هذه البذرة هي سبب استمرار الحياة وإلا لفسد من في الأرض وفنى من فيها، هذه البذرة الطيبة حقيقة بالتنمية والعناية والرعاية فكلما تبوأت مكانها الصحيح في العقل والقلب أتاحت حيزاً من الحكمة والانضباط، وبما أن النقل والتصوير والتمرير أصبحت على قفا من يشيل فلا غرابة من تكاثر الأرانب والشائعات وانتشار الخزعبلات يمنة ويسرة، إذ ما برح الخيال يسرف في غيه بمنحه التسهيلات للمعاصي في العبور، وهكذا تنمو خلايا البؤس لاستمالة السذج وجرهم إلى حيث الخسران المبين، الشائعات آفة استقرار المجتمعات وهي كذلك فهي معول هدم إذ إنها تقلب الحقائق رأساً على عقب وتسهم في إعاقة برامج التنمية ناهيك عن دورها التعيس في تأجيج الخلافات والافتراءات التي تستند إلى الكذب، دعني أسوق مثالاً بسيطاً فحينما تذهب إلى الطبيب كيف سيكون رد فعلك إذا خاطبك قائلاً إنك ربما تعاني من مرض خبيث والعياذ بالله وقد لا يمهلك بأن تعيش أكثر من ثلاثة أشهر وهو نتيجة فحص مبدئي، ما أثقل هذه التسعون ليلة وقد تهلك قبل ذلك، وكيف ستكون مشاعرك المختلطة بالدمع والدم وأنت تتلقى هذا الخبر المفزع والذي استنبطه الدكتور لمجرد الاشتباه بدون إجراء تحاليل مخبرية دقيقة؟ وهكذا هو دور "اللي يدرعم ويطير بالعجة" وأمل أن يختفي مع الغبار الكثيف غير مأسوف عليه، لأن من يؤجر عقله لإرادة غيره ونواياه مسلوب الشخصية وعديم الاحترام، التسرع بالحكم على الأشياء والتصديق والتمرير وفق استنتاج متسرع ومن دون التبين والتحقق لتأخذه العجلة بالإثم نحو نفق سوء التقدير وبئس المصير، ليس نقصاً في القدرة أو المهارة، بقدر ما نزع ثقته بنفسه وبملء إرادته، فهو يسير خلف الأغلبية، حيث إنه لا يمتلك أدوات القرار، مستوى الحذر بحصائد الأيادي والألسن يكاد يكون أقل من الحد الأدنى، مطلق الشائعة وممررها قرأ ودرس وتعلم وتربى ولكنه لم يتأثر أو بمعنى أصح لم يستشعر، وهذه الجزئية مرتبطة بأسلوب التربية، تجار الشائعات بالجملة والتجزئة مازالوا يسرحون ويمرحون ويظلمون الناس حينما يساهمون في الإرباك والتشويش، سواء كان ذلك على الصعيد الاقتصادي من خلال تمرير الكذب وتوريط أكبر عدد من المستثمرين والمساهمين بآفاق محدودة ورؤى تفتقر إلى الانضباط والتحليل الدقيق. أو السياسي أو الاجتماعي فكلها تصب في خانة الإفك والبهتان، هنا يكمن دور التعليم والإعلام بكل الوسائل المتاحة، بل إنه دور وطني صادق ومسؤولية أدبية وأخلاقية تجسد الانتماء، وتسهم الفطنة بدرجة كبيرة في إسقاط كثير من المحاولات الرامية إلى الاستخفاف بعقول الناس وجرهم إلى الهاوية، فليس ثمة أقسى من انتهاك القناعات وزرع بذور التشكيك وإنهاك الثقة. ومجابهتها ومحاربتها تكمن في ملء الفراغ وعدم ترك المساحات في العقول مسرحاً للعبث بالقيم والمبادئ. إن تمرير الرسائل المعبرة والنماذج المؤثرة في العقول حري بالاهتمام لحماية الناس من شر الناس، المخزون الإبداعي تفجرت طاقاته لدى السعوديين من خلال وسائل التواصل الحديثة بحاجة إلى الاحتواء والتدريب والتطوير وهو ما نلمسه حقيقة. في حين أن الاهتمام بالمسرح وتغذيته بالنصوص الجيدة والخلاقة سيشكلان حائط صد منيعاً لتعزيز ودعم روافد التنمية الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية. تجربتنا الرائدة في ترسيخ الاستقرار بفضل الله ثم جزالة معاني حب الوطن الذي يسري في العروق ويعيش مع كل سعودي وسعودية بفخر واعتزاز أحد الأمثلة الحية وعصية على الاستمالة والاستغفال والاستغلال، النص الجيد، المهارات العالية، المقرات النموذجية، ستشكل بإذن الله رسائل حب وسلام لكل من يحب السلام وبالله التوفيق. قال أبو العتاهية: إن الفساد ضده الصلاح ورب جد جره المزاح من جعل النمام عيناً هلكا مبلغك الشر كباغيه لكا