ما إن ينتهي موسم الحج حتى يبدأ التأهب لموسم الحج القادمِ على ساقٍ وقَدَمٍ، بهِمَمٍ تُشحَذُ وطاقاتٍ تُحشَدُ وعقولٍ - بتوفيق الله - عميقة التفكير حكيمةِ التدبير، ويبحثُ سُبل تحسينها وطرائق تطويرها كيفاً وكماً. تستمر هذه المدارسة والمراجعة العميقة والتجهيز المُتقن حتى حلول موسم الحج ليُفاجأ الحجاج منذ أن تطأ أقدامهم أرض المملكة بخدمات بهيجة المنظر. تذهب عنهم وعثاء السفر، إجراءات الدخول السلسة البالغة الانسياب وحسن الاستقبال، والعناية الخاصة بكبار السن وما يكتنفها من مشاعر فياضة بالحب المتبادل بين الحجاج وبين مستقبليهم من رجال الأمن والمسؤولين عن خدمة الحجاج. هي الأمر الملحوظ والمنظر المعهود في موانئ المملكة ومطاراتها التي استقبلت ملايين الحجاج بأحضانها. وللحضور الأمني المميز يبث شعور الطمأنينة في القلوب الهاتفة بالتلبية وجاعلاً الهدوء التام يخيّم على المشاعر المقدسة فيتفرغ الحجاج لأداء المناسك وهم في طمأنينة تامّة وخشوعٍ بالغ. والإدارة الحصيفة لحركة الحجاج التي تختصر الوقت وتخفف عنهم الهم والتعب تمنحهم الانطباع المريح بأن السلطات السعودية محترفة للغاية في تنظيم الحشود وحسن إدارتها. التجهيزات الطبية المكثفة في كل شبر في المشاعر المقدسة لا تترك شيئاً للاحتمالات ولا للصدف، فسيارات الإسعاف عيادات طبية متنقلة متأهبة لأي طارئ تتحرك فور حدوث أي طارئ وتقوم بواجبها فوراً. المواد الغذائية المطابقة لأعلى المواصفات تملأ المشاعر المقدسة وتلبي أذواق الحجاج القادمين من مشرق الأرض ومغربها. أما الشروط الصارمة الحازمة التي فرضت على حملات الحج فقد نظمت عملها ورتّبت إجراءاتها فقد حفظت حقوق الحجاج وسلامتهم ومنعت أي تقصير أو تساهل من أصحاب الحملات. وأما الموقف الشديد الصرامة والقوة الذي تعيد القيادة تأكيده والتذكير به كل موسم وهو عدم السماح بتحويل موسم الحج مسرحاً للصراعات السياسية وميداناً تصفى فيه الحسابات بين الدول فقد كفل للحجاج الآمنين الطمأنينة المنشودة لتأدية النسك وهم بأحسن حال وراحة بال وقد استمتعت أرواحهم بحجهم المبرور وسعيهم المشكور وارتاحت نفوسهم بالخدمات المتكاملة والملبية لكل احتياجات الحجاج، تم تقديمها من قبل القيادة الرشيدة ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة؛ وسط خدمات جليلة يعودون بعدها إلى بلدانهم وهم يحملون أطيب وأمتع الذكريات.