بين دفتي السرد والشعر واللوحة الغناء والنغم، نظم مقهى نمو الأدبي بالتعاون مع مقهى فيروز ضمن برنامج الشريك الأدبي محاضرة بعنوان " مواقف الارتحال والتوديع في الشعر العربي " شارك بها الأديب والباحث في الشعر والأدب العربي الأستاذ حمود الصاهود، والشاعر عبدالله العنزي، وسط حضور الشّعراء والمهتمين بالشّأن الثقافي. وأستهل الضيفان حديثهما عن الارتحال والتوديع ومدى تأثيره و ارتباطه بالشعر الجاهلي تحديداً كونه يتصل بطبيعة البيئة و عموم الحياة آنذاك و ما تفرضه عليهم الظروف من التنقل والارتحال ، فيما تطرقا إلى أغراضه و تنوعه و أكثرها ارتباطاً وتكرراً بالشعر الجاهلي كالوقوف على الأطلال بعد الرحيل وارتحال الشاعر على ناقته ، والارتحال بسبب الحروب أو ارتحال الأفراد كما في حال الصعلوك المرتحل ، متناولان بعض الشواهد الشعرية المرتبطة بهذا العنوان الذي يحوي أرث قصائدي عظيم خلده العرب بالجاهلية . و استعرض الصاهود بسردية مبسطه كيف كان الارتحال مصدرا من مصادر التكسب باعتبار أن هناك مكانة وحظوة كبيرة ينظر فيها للرحالة كمصدر للأخبار والأشعار ثم انتقلا للحديث عن مراحل الترحال والتوديع وما يصحبهما من مراحل الاستيقاف و الالتفات و الوداع وهما من أكثر أوجاع الرحيل ألماً وقسوة و حرقة و استحضرا شواهد تلك المواجع في سردهما لبعض القصص و القصائد التي قيلت في مناسبتهما ففي الاستيقاف يستشهد الشاعر عبدالله العنزي بقصيدة مدججه بالوجد والشجن حينما طلب الشاعر ابن الدمينة من محبوبته الوقوف قليلاً قبل الرحيل : قفي قبل وشك البين يا ابنة مالك ولا تحرمينا نظرة من جمالك إما في الالتفات يذكر الصاهود ما قالهٌ جميل بثينة: وممَّا شجاني أنَّها يوم ودّعت تولَّت وماء العين بالجفن حائر فلما أعادت من بعيد بنظرة إليّ التفاتاً أسلمتها المحاجر و عن أشد و أشهر مواضيع الارتحال كان الحديث إسهاباً عن القصائد التي ارتبطت بارتحال العشاق الشعراء و ما تضمنته تلك القصائد من تصوير بليغ لألم الفراق والوداع و ما يعتريهم من الأسى و الحزن و في هذا المحور كان لابد أن تحل قصائد قيس بن الملوح على مسامع الحضور إذ تعددت القصائد التي أسردها الضيفان لعل أشهرها وأوجعها قوله : وليس الذي يجري من العين ماؤٌها ولكنها نفسُ تذوبُ وتقطٌرٌ