يصادف اليوم الخميس الموافق 25 إبريل الجاري الذكرى الثامنة لإطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، لرؤية المملكة 2030، التي نقلت بانطلاقتها المملكة العربية السعودية ووطناً واقتصاداً ومجتمعاً إلى مرحلة جديدة من التميز والتقدم والتفوق الحضاري بجميع مناحي ومجالات الحياة. الرؤية منذ انطلاقتها وهي في سباق ماراثوني مع الزمن لتحقيق مستهدفاتها الاستراتيجية ضمن برامجها ومبادراتها العديدة للارتقاء بأداء الاقتصاد الوطني، بعيداً عن النفط، بحيث يصبح اقتصادنا أكثر تنوعاً وازدهاراً مما كان عليه واقع الحال قبل انطلاق الرؤية، سيما وأن الاقتصاد السعودي كان يعتمد بشكلٍ كبير على النفط كمحرك رئيسي للحراك الاقتصادي ومسيرة التنمية التي تعيشها المملكة. ولكن ولله الحمد بعد مضي أقل من عقد من الزمن، ارتفعت مساهمة الناتج المحلي غير النفطي إلى 50 % في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وذلك نتيجة لنجاح سياسة التنويع الاقتصادي وتفعيل مساهمة العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية غير النفطية في الاقتصاد، حيث على سبيل المثال لا الحصر، ساهم القطاع السياحي العام الماضي بتحقيق إيرادات بلغت 250 مليار ريال سعودي، وتحقيق القطاع للمستهدف بالرؤية بوصول أعداد السائحين المحليين والأجانب إلى 106 ملايين سائح، متجاوزاً بذلك الهدف المحدد الوصول إليه في عام 2030 وهو 100 مليون سائح، مما استدعى تغيير المستهدف إلى 150 مليون سائح (80 و 70 مليون سائح محلي ودولي على التوالي) بحلول عام 2030. وعلى جانب المدفوعات الإلكترونية، فقد أعلن البنك المركزي السعودي "ساما" وصول حصة المدفوعات الإلكترونية في قطاع التجزئة "الأفراد" -أحد مؤشرات برنامج تطوير القطاع المالي- إلى نسبة 70 % من إجمالي عمليات الدفع المنفذة من قبل الأفراد في المملكة لعام 2023، مقارنةً بنسبة 62 % المسجلة في العام 2022. وبتحقيق هذا الإنجاز الرائع، تكون المملكة قد حققت هدف الرؤية بشكل استباقي قبل حلوله المخطط له في عام 2025. برنامج الإسكان أحد برامج رؤية المملكة 2030 حقق هدفه الاستراتيجي المتمثل بالوصول إلى 60 % نسبة تملك في 2020 مقارنة بنسبة 47 % قبل إطلاق البرنامج في 2016، وبهذا الإنجاز الوطني العملاق، تَمكن البرنامج من إلغاء مفهوم الانتظار طويلاً للحصول على السكن، حيث أتاح البرنامج الاستحقاق الفوري للمواطنين من خلال تقديم حلول تمويلية وخيارات سكنية متنوعة، ما أسهم في استفادة أكثر من 834 ألف أسرة سعودية منها أكثر من 310 آلاف أسرة سكنت منازلها. وكان لصندوق الاستثمارات العامة، دور مهم في الحراك الاقتصادي والتنموي الذي شهدته المملكة خلال الأعوام الثمانية الماضية، وبالتحديد عندما أعيدت هيكلة الصندوق في عام 2015 ونقل إدارته من وزارة المالية إلى مجلس الشؤون الاقتصادية التنمية وبرئاسة سمو ولي العهد لمجلس إدارته، لأن يكون منطلقاً جديداً للتنمية المستدامة، حيث نَمت أصول الصندوق تحت الإدارة من 971 مليار ريال سعودي في عام 2018 إلى ما يزيد على 3.7 تريليونات ريال سعودي، ومساهمة الصندوق في خَلق أكثر من 644 ألف فرصة وظيفية مباشرة وغير مباشرة، وتأسيس 94 شركة ضمن محفظة الصندوق. ولتحقيق أحد أبرز مرتكزات الرؤية لأن يكون لدينا اقتصاد مزدهر، استهدفت الرؤية رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16 % إلى 50 % على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، كما واستهدفت الرؤية رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8 % إلى المعدل العالمي 5.7 %، والانتقال من المركز 25 في مؤشر التنافسية العالمي إلى أحد المراكز ال10 الأولى، ورفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 40 % إلى 75 %، وزيادة حجم الاقتصاد لينتقل من المرتبة 19 إلى المراتب ال15 الأولى على مستوى مجموعة ال20. أخيراً وليس آخراً، استهدفت الرؤية خفض معدل البطالة بين السعوديين من 11.6 % إلى 7% (بلغ معدل البطالة بين السعوديين 7.7% للربع الرابع من عام 2023) ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22 % إلى 30 % (بلغت مشاركة المرأة في سوق العمل 35.5 % للربع الرابع من عام 2023)، وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من 20 % إلى 35 %. أخلص القول؛ إن رؤية المملكة 2030 أحدثت نقلة حضارية نوعية غير مسبوقة على مستوى الاقتصاد والمالية العامة، بما في ذلك المجتمع في وقت قصير جداً قياساً بعمر الزمن، مما جعلها حديثاً على لسان المنظمات العالمية المرموقة، وما يؤكد على ذلك إعلان المركز الوطني للتنافسية ومجموعة البنك الدولي في واشنطن عن اعتزامهما إنشاء مركز للمعرفة في المملكة، وذلك في إطار مساعي الجانبين في نشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية عالمياً.