المسرح له أهمية بالغة في تشكيل الوعي والفكر لدى المجتمعات، من خلال تناوله قضاياهم ومحاكاته لأحاسيسهم، رافعًا مستوى الوعي في كثير من الأمور والموضوعات المختلفة التي تعيد التوازن دائما لثقافة المجتمع.. المخرج عماد الشنفري أحد مبدعي الساحة المسرحية تحدث عن جوانب عدّة تمس المسرح على المستوى المحلي والدولي، والعلاقة الأبدية مع المجتمع والطموحات حسب الرؤية، فإلى نص الحوار: * المخرج عماد الشنفري قلت في أحد اللقاءات أنك تكتب نصا بعين المؤلف وليس بعين المخرج، كيف؟ * عندما يكون المؤلف هو المخرج فإنه يظلم النص والعرض فنيا ويقوم بإخراجه كما تصوره أثناء الكتابة كما يخرج النص على شكل سيناريو وليس نصا مسرحيا، لذلك على المؤلف المخرج أن يكتب بعين المؤلف فقط بدون أن يتخيل الإخراج لنصه أثناء كتابته المسرحية بحيث يجعل من النص المسرحي قيمة إبداعية بعدها يمكن له إخراجه برؤية أخرى تضيف على العمل جمالية فنية. * يقال إنك صائد الجوائز، حدثنا عن الجوائز وأهم جائزة حصلت عليه؟ * الجوائز كانت حافزا في البدايات وتعطي انطلاقة لأي مسرحي في بداية مشواره، ولكن الآن لم تعد ذات أهمية أكثر من كونها تحصيل حاصل، وحقيقة لا أستطيع حصر هذه الجوائز، ولكن هي مختلفة في النص والإخراج على مستوى الخليج والوطن العربي وتظل أقربها إلى قلبي جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب عن فرع الآداب ووسام الاستحقاق الذي منحته من لدن مولاي -طيب الله ثراه- وهو الوسام الوحيد الذي منح لمسرحي عماني إلى يومنا الحالي في مجال المسرح. * المسرح العماني حاضر بقوة في المحافل الدولية أم ما زال مهمشا؟ * المسرح العماني حاضر بقوة في مختلف المهرجانات الإقليمية والدولية ويقدم مدارس مختلفة والحراك المسرحي العماني حاليا في ذروته، حيث تجاوزت عدد الفرق المسرحية العمانية ستين فرقة كما أشهرت الجمعية العمانية للمسرح هذا العام وهناك مهرجانات مسرحية عربية تقام بالسلطنة وكل هذا يبشر بأن المسرح العماني قادم بقوة في الأعوام القادمة بإذن الله. * في رأيك هل توظيف التراث في المسرح ضرورة فنية؟ * بالتأكيد ليس ضرورة فنية لأن التوظيف يعتمد على نوعية النص وأسلوب الإخراج لكن يظل التراث له رونقه ومدرسته الخاصة عندما يوظف بشكل حداثي ويقدم رؤية فنية إبداعية. * كنت من الحضور في مهرجان الرياض المسرحي مؤخرا ماذا تقول عنه؟ * أعتقد أن مهرجان الرياض بدا من حيث انتهى الآخرون وهذا الدعم اللا محدود من الجهات المسؤولة بالمملكة لمهرجان الرياض ينبئ بأن المهرجان سيتربع على عرش المهرجانات الإقليمية ومع ذلك تبقى المسألة بالكيف وليس بالكم أي أن الكرة الآن بأرجل المسرحيين السعوديين لتقديم عروض إبداعية لا تقل عن حجم المهرجان وقوة التنظيم. ويضيف المخرج المسرحي عماد الشنفري: مهرجان الرياض المسرحي في دورته الأخيرة أثبت أنه قادم بقوة على ساحة المهرجانات العربية من حيث التنظيم والتجهيز والندوات والضيوف والعروض المقدمة ويمكن وصفه بمهرجان الخمس نجوم حيث كان مختلف تمام من مختلف الجوانب واعطي دفعه قوية ليس للمسرحيين السعوديين فحسب بل لكل المسرحيين العرب بأن المسرح ما زال أبا الفنون ويحظى بالدعم والاهتمام في أقطارنا العربية. * في رأيك حضور المرأة في المسرح يضيف قوة إلى العرض والمسرح بصورة عامة؟ * حضور المرأة ليس له علاقة بقوة العرض من عدمه والمرأة جزأ لا يتجزأ من الإبداع مثلها مثل الرجل وهناك أعمال لا يوجد بها شخصيات نسائية وهناك أعمال لا يوجد بها شخصيات ذكورية فالنص من يحدد وجود المرأة أو الرجل بالعمل والمسألة هي تكاملية في تقديم العرض. * تشهد المملكة تطور في كل المجالات ومنها الجانب الثقافي والمسرحي ماذا تقول في ذلك؟ * المملكة ليست حديثة في المجال الثقافي بل سبقت دول المنطقة من منتصف القرن الماضي وكانت أعمالهم تنشر في بيروت والقاهرة وبغداد وهم جيل الرواد ممن ساهموا في نشر الثقافة العربية أم المسرح فإن كانت تجتنبه عقبات ولكن استطاع المسرحيين السعوديين أن يقدموا إبداعاتهم الفنية بتجلي خارج المملكة وحصد المسرح السعودي جوائز كبيرة بالمهرجانات الخليجية والعربية وهذا دليل بأنه جيل استطاع أن يحفر بالصخر ويأقلم نفسه على ما هو متاح له في وقتها ومع كل ذلك أثبت وجوده بكل جدارة والنظرة المستقبلية للمسرح السعودي واعدة وتبشر بخير واليوم المملكة هي قبلة المسرح بالوطن العربي سواء من خلال موسم الرياض الذي يستضيف أشهر نجوم المسرح كذلك بعد أشهر قليلة تستضيف الرياض مهرجان الخليجي للفرق المسرحية بدول مجلس التعاون بعد توقفه لعدة سنوات وإحياء هذا المهرجان من جديد بالرياض دليل على تبني المسؤولين بالمملكة للحراك المسرحي سواء كان محليا أو إقليميا. اليوم المملكة قفزت في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياحية ومنها الثقافية وهي تسير بخطوط متوازية في كل هذه الاتجاهات وخلال السنوات القليلة القادمة ستتربع المملكة القمة على كل المستويات وهذا بفضل فكر ورؤية ولي العهد سمو الامير محمد بن سلمان -حفظه الله-. * يقال هناك هبوط في مستوى العروض المسرحية العربية ما السبب؟ * إذا كنا نقصد المسرح التجاري أو مسرح الشباك بكل تأكيد سيكون الهبوط موجودا لأنه مسرح ترفيهي للضحك وهذه العقلية بالوطن العربي للمسرح التجاري للأسف لكن تظل هناك عروض ذات قيمة أدبية ونوعية تقدم في المهرجانات سواء الداخلية أو الخارجية، كذلك ما زالت بعض الأسماء المسرحية بالوطن العربي تحافظ على التوازن في بعض العروض التجارية. * هل للمسرح دور في وضع الحلول لمشكلات المجتمع؟ * لم يكن يوما المسرح وصيا في وضع الحلول للمجتمع المسرح دوره تنويري يعرض القضية سواء اجتماعيا أو سياسيا أو غيرها وهو بمثابة التلسكوب يكبر هذه القضية وينبه منها ولكن ليس مهمته وضع الحلول ولا يجب أن يتطرق لها بل أن يضع الأفكار الممكنة لمعالجتها. o تتكرر مقولة إن المشهد النقدي المسرحي ضعيف في العالم العربي؟ * هو ليس ضعيفا، بل ليس مختصا وأصبح النقد بوابة للانتقاد وتصفية حسابات وأحيانا يكون النقد مجردا وسطحيا عبارة عن انطباع لا يلامس جوهر العمل، وكثير ما يكون النقد مجاملة حسب العلاقات بين الناقد وفريق العمل بالتالي كل هذا لم يعطِ مجالا للناقد الحقيقي الظهور على السطح وغابت أدوات النقد وأصبح الجميع يساير المشهد العام. * كثرة المهرجانات المسرحية هل هي حالة إيجابية تخدم المسرح والمسرحيين؟ * نعم هذه المهرجانات تعطي مساحة كبيرة للمبدعين في تقديم أعمالهم وهي تخدم مختلف شرائح الفنانين من شباب إلى هواه إلى محترفين ووجودها يساعد على نشر الحركة الفنية. *المشاركة في المهرجانات المحلية والخارجية له دور في إثراء وصناعة المسرحي في رأيك؟ * المشاركة تصقل الفنان وتجعله يطلع على تجارب الآخرين وهو بمثابة الورشة الكبيرة التي تنمي قدراته واعتقد هي مهمه لأي مسرحي إذا أراد أن يتطور ويطور من نفسه. * ماذا ينقص المسرح العربي في رأيك؟ * هناك حراك مسرحي حاليا كبير جدا وإمارة الشارقة تقوم بهذا الدور العربي منذ سنوات طويلة من خلال مهرجان المسرح العربي واليوم الرياض محطة مهمة من محطات العروض المسرحية ونأمل أن تنطلق كل المهرجانات المحلية لتكون عربية حتى يتم التكامل بينها. * حدثنا عن عملك "سدرة الشيخ" والذي شارك في مهرجان المسرح العربي في العراق؟ * سدرة الشيخ هو عمل مقتبس من رواية الشيخ الأبيض لصاحب السمو الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة وهذه الرواية اقتبستها حتى أحولها لعرض مسرحي فرجوي بالتالي العرض سيكون مختلفا عن بقية العروض المشاركة في المهرجان العربي وهذا العرض سبق وأن فاز بجوائز بمهرجان المسرح الخليجي وأضيفت عليه بعض التعديلات حتى عندما عرض في سلطنة عمان وبإذن الله يستطيع العرض تحقيق رضا الجمهور. * كلمة منك للمسرحيين في المملكة؟ * أولا المسرحيون السعوديون وصلوا إلى كل المهرجانات الدولية والعربية منذ سنين طويلة بعروض رائعة واليوم يحتاج المسرح السعودي أن يقدم عروضا متوازنة بحيث يمكن للمتفرج العادي أن يحضرها ويستمتع بها وليست فقط عروض للنخبة تعرض للمهرجانات، فالعروض المتوازنة يمكن أن تشمل المتعة والفرجة والفكرة فيستمتع بها النخبة من المختصين والجمهور العادي ويمكن أن تقدم بعد المهرجان في مسارح أخرى للجمهور السعودي.