وصلتني رواية شجرة عارية موسومة بتوقيع وإهداء من الكاتبة الروائية العنود سعيد، الرواية من إصدارات نادي تبوك الأدبي عام 2023م. وبما أن الغلاف يعتبر عتبة مهمة من عتبات النص فالتصميم جاء ملائماً للعنوان عبارة عن باب خشبي قديم صمم بشكل دائري، وكأن الشجرة العارية لم ينتهِ دورها حتى وإن كانت عارية فإنها تتحول لأخشاب لا حياة فيها لتستخدم بأشياء عدة، بل قد تتحول تحولاً جذرياً من العري إلى الستر وهو الباب الذي يغلق ويكون سداً منيعاً لما بداخل البيت. افتتحت الكاتبة عنود سعيد الرواية بإهداء ثم مدخل تمهيدي للقارئ جاء فيه "لا تتنازل عن أحلامك حتى لا تصبح مثل تلك الشجرة العارية، هناك من يغتصبون الأشجار ويقطفون ثمارها ثم يتركونها عارية، فلا تقبل بوجود مناطق مظلمة في حياتك!" لم تحدد الكاتبة في روايتها، لا زماناً، ولا مكاناً، ولا مجتمعاً عربياً محدداً، ففي مستهل الرواية البطلة سارة دعت زميلتها في العمل هند حين أوصلتها للمنزل على الغداء، ثم جلس الأب والأم للبطلة مع سارة وزميلتها هند وتناولا الغداء معاً وتجاذبا أطراف الحديث، وهذا غير موجود أصلاً في المجتمع السعودي، مما يتضح أن الكاتبة اختارت آفاقاً رحبة لم تحصرها على مجتمعنا قط. بطلة الرواية كما وضعتها الكاتبة بذكاء هي سارة الفتاة الجميلة التي كل يتمنى الارتباط بها. كما أن الروائية وضعت شخصية حاقدة تكيد المكائد وتحيكها هي سلمى، كما وضعت أيضاً شخصية الشاب أحمد العازف عن الزواج بعد فشل زيجته الأولى اتجه للتجارة وقرر ألا أحد يستحق من بنات حواء، لكن رق قلبه أخيراً بعد إقناع والدته وأخته هند بأن هناك قلباً يشبه روحك الجميلة التي تستحقها. جاء في حوارات الرواية أن الرجال يتزوجون لمجرد الإنجاب وليس الحب، كما جاء فيها "الحب أساس النجاح في أية علاقة"، الكاتبة العنود سعيد أشبعت الرواية بكثرة الحوارات التي يعتبرها النقاد هروباً من اللغة، لكن ذلك لم يلغِ جماليات السرد والحبكة في رواية شجرة عارية. كان عنصر التأزم في الرواية هو خسارة أحمد وهو خطيب البطلة سارة في شركته العقارية بسبب الشخصية الحاقدة سلمى، ومن ثم تدهور صحته وإصابته بجلطة نجا منها بصعوبة. وضياع ممتلكاته وعرضها بالمزاد لوفاء دائنيه بالقوة الجبرية. جاء في صفحة 60: "كانت تلك الطعنات التي سددتها سلمى لقلب سارة كفيلة بالقضاء على روحين جمعهما الحب وفرقتهم نيران الحقد". كما جاء في الصفحة 65: " كبرنا ومأساة الفقر ما زالت تطاردنا". وفي الصفحة 86، بدأت الكاتبة بالسرد بصيغة ضمير المتكلم بعيداً عن الحوارات، وبدأت اللغة تسمو والأحداث تتسارع وصنعت عناصر تأزم عدة منها وفاة والد البطلة سارة في حادث سير وكيف أن ابنته تجاوزت الأزمة. جاءت نهاية الرواية غير متوقعة ومليئة بالمآسي والأحداث المؤلمة إلا أن القوة الكامنة هي الحب الذي كان حاضراً في كل فصول الرواية، وهو قنديل الأمل الذي أضاء كل أحداث الرواية حتى النهاية، لكن القدر أقوى من كل شيء، فالبدايات الجميلة التي لم نتوقعها ستأخذنا إلى نهايات لا نريدها. براك البلوي