شهر رمضان له مكانة عظيمة في ذاكرة العرب المسلمين على مر العصور، حيث كان المصريون يحتفلون بقدوم شهر رمضان بالاحتفالات العامرة واللهو والإسراف بالإضافة إلى جانب حرصهم على التقرب من الله خلال أيام الشهر، ذلك أثار فضول الرحالة الأجانب لاكتشاف العادات التي يمارسها المسلمون في رمضان، فكان هناك مجموعة أشخاص من الحملة الفرنسية قدموا لزيارة مصر وكان من ضمنهم الرحالة الفرنسي جاسبار دو شابرول الذي قدم مع الحملة الفرنسية عام 1798 لاكتشاف ودراسة العادات والتقاليد للمجتمع المصري خصوصا في شهر رمضان الذي جذب انتباه كثير من الرحالة الأجانب. حيث وصف الرحالة جاسبار دو شابرول مصر بأن كل شخص يسعى في النهار قدر طاقته كي ينهي عمله في أسرع وقت ليخصص بعض الساعات للنوم، وترى الفلاح نائماً تحت نخلة بعد أن أنهى في الصباح عمله، وترى التاجر ينام في دكانه والعامة ممددين في الشوارع بجوار جدران مساكنهم بينما الغني نعسان ينتظر على أريكته الفاخرة في الفترة التي تسبق غروب الشمس، وأخيراً تأتي الساعة التي طال انتظارها فينهضون على عجل ويهرع كل شخص للحصول على مكانه في مائدة الإفطار. وقال دو شابرول: تتجمع النساء في شرفات منازلهم لرؤية غروب الشمس وتعلن الأغنيات حلول وقت المسرات ووقت الطعام وتردد كل المساجد بأصوات المؤذنين تنادي الناس للصلاة وتحدث ضجة ويفترق الناس على الفور وتنفض الجماعات ويتبعثر الجمع إما إلى المقاهي وإما إلى البيوت والمساجد والميادين العامة، ويأكل كل شخص بشراهة، ووضح في حديثه عن المساجد أنها تظل مضاءة حتى بزوغ النهار ويقضي أفاضل الناس ليلهم في حديث نافع، لكن الجمهور يذهب إلى المقاهي حيث الرواة يقصون بحماسة مغامرات عجيبة تخلب الألباب بطريقة فريدة، وأثار انتباه دو شابرول تناقض عادات المصريين في هذا الشهر ويراه غريباً، إن شهر رمضان هو أهم الأوقات التي يغرق فيها المصريون في المسرات واللهو وهو شهر صيام وشهر مهرجانات، وقد يبدو من الغريب أن يختاروا (المصريون) مثل هذا التوقيت للقيام بممارسات متناقضة التوبة وتطهير النفس من ناحية وممارسة الملذات من ناحية أخرى. (السرد العربي القديم / كعبي ضياء)