بُسط أهل الجنة، قال تعالى: (وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ)، والزرابيُّ جمعُ زربية وهي البُسط، وهو مبثوثةٌ على شكلٍ متّسقٍ ومتكاملٍ. أما الوسائد، فقال تعالى: (وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ)، النمارق: جمع نمرقة وهي الوسادة، وهي التي توضَعُ تحتَ الرأسِ، وقيل المساند، وهي التي تُوْضَعُ خلفَ الظهر أو على الجنب، وقد يعمهما اللفظ. وهذه المخاد والوسائد مصفوفةٌ ومعدّةٌ للاستناد إليها دائماً، وترتيبُ الوسائدِ وصفُّها أجملُ للناظر من المبعثرة، وهكذا وسائدُ أهل الجنة، فينعمون حتّى بالنظر. سرر وأرائك أهل الجنة، قال تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ)، السرر: جمع سرير وهو الذي يجلس عليه، وذكر الله تعالى لهذه السرر ثلاث صفات: فالسررُ مصفوفةٌ بعضُها إلى جانبِ بعض وليس بعضُها خلف بعض، ولا بعيدٌة عن بعضها البعض. وقال تعالى: (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ *مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ) موضونةٌ: أي مرصّعة، ومتقاربة، ومنسوجة بقضبانِ الذهب مشبّكةٌ بالدُّر والياقوت والزبرجد. وقال تعالى: (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) والأرائكِ جمعُ أريكةٍ، قال ابن عباس: لا تكونُ أريكةً حتى يكونَ السريرُ في الحَجَلَةِ، وقال مجاهد هي الأسرّةُ في الحجال، والحجال: القبةُ من القماشِ تكونُ على السريرِ مثلما يُصْنَعُ للعروسِ على سريرِها من ضربِ الستور والأقمشةِ على شكل القبّة وتعلَّقُ فوق السرير، فالأريكةُ سريرٌ عليه الستور، يخلو به المؤمنُ بحِبِّه. خدم أهل الجنة، قال تعالى: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ)، وقال تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا )، يطوفُ على أهلِ الجنّةِ للخدمةِ وُلْدَانٌ من ولدانِ أهل الجنّة (مُخَلَّدُونَ) أي على حالةٍ واحدةٍ مخلَّدون، لا يتغيّرون عنها، لا تزيدُ أعمارُهم على تلك السنُّ، وقوله تعالى: (إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا)، أي إذا (رَأَيْتَهُمْ) في انتشارهم في قضاء حوائج، وكثرتهم، وصباحةِ وجوههمِ، وحسنِ ألوانهم وثيابهم وحليهم (حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا) يكونُ في التشبيه أحسنُ من هذا، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن. (سلسلة أركان الإيمان / علي محمد الصلابي)