في السابق كنا نزور المقاهي المنتشرة في جميع أنحاء بلادنا لنشرب فنجال قهوة ونلتقي الأصدقاء في جلسة تطول وتقصر دون أن يكون هناك أي عمل نقوم به. جلسة وتبادل أحاديث لا غير ثم نغادر ويتوجه كل منا بعدها إلى منزله أو إلى أي وجهة أخرى نبحث فيها عن قضاء التزام أو تمضية وقت كيفما أتفق. كان هذا هو حال المقاهي التقريبي إلى مدة قريبة قبل أن يأتي الشريك الأدبي فتصبح المقاهي وجهة ثقافية حافلة بالفعاليات والحراك الأدبي والثقافي بالإضافة لدورها التقليدي السابق. جاءت مبادرة وزارة الثقافة وبإشراف مباشر من هيئة الأدب والنشر والترجمة لتجعل من فكرة الشريك الأدبي فكرة تعيد للثقافة نشاطها وتتطلع نحو مزيد من الإبداع والتميز في هذا الوقت بالتعاون مع المقاهي المنتشرة في جميع أنحاء المملكة وباشتراطات تضمن مناسبة المكان وحسن التنظيم بما يتوافق مع مكانة المثقف، وأهمية الثقافة في الارتقاء بالمجتمع، وتنميته فكرياً وواقعياً أصبحت المقاهي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية في كل مقهى متعاون ومشارك مع الشريك الأدبي. أصبحنا نرى المقاهي كما لم نرها من قبل. نرى الكتب تزين الأرفف ونرى من يهدينا كتاباً أو من يبيع الكتب أو يستبدلها بكتب أخرى حتى تعم الفائدة على الجميع. لم نكن نرى الكتب إلا بمكتباتنا أو عند إقامة معارض الكتاب لكنها الآن أصبحت جزءا من حياة المقاهي وجمالها وجزءًا من حياتنا وواقعنا الثقافي. منظر يثلج الصدر، وزاد من هذا الجمال ما أصبحنا نراه من فعاليات وندوات وأمسيات شعرية وثقافية متعددة المواضيع منتشرة على خارطة المقاهي في مدن المملكة دون استثناء. أصبحنا نغير من مقهى إلى مقهى نجري خلف المبدع الذي يعطر أجواء أمسياتنا بإبداعه، فتفوح رائحة العلم والثقافة حولنا في أرجاء المقهى ولتستقر في عقولنا فنذهب من المقاهي محملين بالكثير من المعلومات، ونحاول أن ندونها لنسترجعها متى ما احتجنا لها. ونستعد في اليوم التالي لمغامرة جديدة مع مقهى جديد ومع مبدع جديد نزداد به نوراً على نور.