أعلنت أوكرانيا أنّها أسقطت فجر الخميس 31 صاروخاً أطلقتها روسيا في اتجاه كييف أسفر حطامها عن إصابة 13 شخصاً بجروح، وذلك في أكبر هجوم يستهدف العاصمة الأوكرانية منذ مطلع فبراير، بعدما توعدت موسكو بالانتقام من عمليات القصف التي تستهدف الأراضي الروسية. وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية أنّه "تمّ إسقاط جميع الصواريخ في منطقة كييف"، مضيفة أنّ من بينها صاروخان بالستيان من طراز "إسكندر" و"كينجال" إضافة إلى 29 صاروخ كروز أطلقت من قاذفات روسية. ووفق الرئاسة الأوكرانية، فقد أُصيب 13 مدنياً في كييف جراء حطام الصواريخ الذي تسبّب أيضاً بأضرار مادية. وأوضح رئيس بلدية العاصمة فيتالي كليتشكو على تطبيق تلغرام أن الحطام تساقط على مناطق عدة في كييف، خصوصاً على "مبنى سكني"، مشيراً إلى "اشتعال النيران في عدد من السيارات". ويأتي الهجوم في وقت تحقق القوات الروسية بعض التقدم الميداني، مستغلة معاناة القوات الأوكرانية من نقص في العديد والذخيرة في ظل تعليق المساعدات العسكرية الأميركية بسبب خلافات سياسية في الكونغرس. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أعقاب الهجوم الصاروخي "يتواصل هذا الإرهاب ليل نهار. من الممكن وضع حدّ له بفضل الوحدة العالمية (...) هذا ممكن اذا أظهر شركاؤنا إرادة سياسية كافية". كما يأتي الهجون غداة إعلان روسياوأوكرانيا عن ضربات تسبّبت في مقتل عدد من المدنيين على جانبي الحدود حيث تزايدت عمليات القصف في الآونة الأخيرة. ففي خاركيف ثاني كبرى مدن أوكرانيا، قُتل أربعة أشخاص وأُصيب سبعة آخرون بجروح في قصف روسي الأربعاء، حسبما أعلن الحاكم الإقليمي أوليغ سينيغوبوف. وأوضح أنّ جثّة واحدة تمّ انتشالها بينما بقيت اثنتان عالقتان تحت الأنقاض، مضيفاً أنّ اثنين من المصابين في حالة خطيرة. وتقع خاركيف، التي تتعرّض للقصف الروسي بشكل متنظم، على بعد حوالى أربعين كيلومتراً من الحدود مع روسيا. على بعد حوالي 70 كيلومتراً من هذه المدينة، في منطقة بيلغورود الروسية، قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب أربعة آخرون بجروح في عمليات قصف "كثيفة" الأربعاء، حسبما أفاد حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف. وشهدت المنطقة قصفا منذ صباح الأربعاء، بحسب غلادكوف، خصوصا من راجمات الصواريخ، موضحا أنّ أضراراً لحقت بمبانٍ سكنية ومدرسة وروضة أطفال. وكانت هذه المواقع خالية بعدما قرّرت السلطات الإقليمية هذا الأسبوع إغلاق المدارس مؤقتاً في المناطق الحدودية بسبب الهجمات. وكان غلادكوف أعلن هذا الأسبوع أنّه سيتمّ إنشاء نقاط تفتيش عند مداخل عدّة قرى قريبة من أوكرانيا، شهدت توغّلات مسلّحة في الأسابيع الأخيرة. ونُفّذت مجموعات تقدّم نفسها على أنّها تضمّ مقاتلين روس متحالفين مع كييف ومعارضين للرئيس فلاديمير بوتين، محاولات التسلّل هذه انطلاقاً من الأراضي الأوكرانية، غير أنّ الجيش الروسي يؤكد أنه تصدّى لها. وفي السياق، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إنّ المنطقة التي ستقام فيها نقاط التفتيش حول قرية كوزينكا، هي المكان الذي نفّذت فيه هذه المجموعات "الأعمال الأكثر نشاطاً". وأضاف أنّه خلال الانتخابات الرئاسية الروسية الأسبوع الماضي، "حاول مقاتلون أوكرانيون الاستيلاء على بلدات في منطقتي بيلغورود وكورسك". وكانت كييف تعهّدت بنقل القتال إلى الأراضي الروسية، انتقاماً لعمليات القصف التي تعرّضت لها. في المقابل، تعهّد بوتين الأربعاء ب"ضمان أمن" سكان المناطق الحدودية، بما في ذلك بيلغورود، مشيداً ب"شجاعة" السكان. ويأتي ذلك فيما أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان الذي يقوم بزيارة رسمية إلى كييف، أنّه غير قادر على معرفة ما إذا كان الكونغرس سيقر حزمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا التي تبلغ قيمتها 60 مليار دولار وتواجه عراقيل في مجلس النواب بقيادة الجمهوريين. وقال ساليفان خلال مؤتمر صحافي في كييف إلى جانب أندريه ييرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني "لقد طالت المسألة كثيراً. وأعلم ذلك، وأنتم تعلمون ذلك". أضاف "لن أطلق تكهنات بشأن الموعد الدقيق لإتمام الأمر، لكننا نعمل على إتمامه في أسرع وقت". وكرّر موقف البيت الأبيض الذي أكد أنّه "واثق" من إمكانية الإفراج عن هذه المساعدات بين لحظة وأخرى. غير أنّ تصريحات ساليفان تأتي في وقت يستعد فيه النواب الأميركيون لعطلة تمتد أسبوعين، من دون التصويت على الدعم العسكري الجديد لأوكرانيا. وخلال مؤتمر صحافي عقده الأربعاء، قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون إنّ هناك العديد من السيناريوهات قيد الدرس بشأن هذه المسألة المثيرة للخلاف، مثل فكرة تقديم قرض لكييف بدلاً من الهبات أو استخدام أصول مجمدّة لأغنياء روس. من جهة أخرى بحث قادة الاتحاد الأوروبي في قمة امس الخميس، سبل تعزيز دعم كييف التي تعاني نقصاً في العديد والذخيرة، وأيضا القدرات العسكرية لبلادهم لمواجهة روسيا بقيادة فلاديمير بوتين الفائز بولاية رئاسية جديدة بعد عامين على بدء هجومه على أوكرانيا. وتأتي القمة في وقت تحقق القوات الروسية بعض التقدم في أوكرانيا، مستغلة معاناة كييف من نقص الذخيرة لا سيما في ظل تعليق الدعم الأميركي بسبب خلافات سياسية داخلية في واشنطن بين الديموقراطيين والجمهوريين. وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قبل القمة من أنه "اذا توجب على أوكرانيا الاستسلام، حينها سيتمّ تنصيب نظام صُوري في كييف، وسحق الشعب الأوكراني". وتابع "سيكون الجيش الروسي على حدودنا ونحن واثقون بأنه لن يتوقف عندها". وبعد فوزه بولاية رئاسية جديدة من ستة أعوام بنتيجة انتخابات جرت الأسبوع الماضي في غياب أي معارضة، اعتبر بوتين أن ما تحقّق في الداخل هو "مقدمة" للانتصار في أوكرانيا.