يتوقع أحدث تقارير المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، والذي أعدته مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ICAEW، حدوث تباطؤ في عام 2024 مع استمرار خفض إنتاج النفط. وقد تم تعديل توقعات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2.7 % بعد أن كانت 3.9 % قبل ثلاثة أشهر، في حين من المتوقع أن تقود القطاعات غير الطاقة مسيرة النمو في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من أن قطاع الطاقة يمارس ضغوطاً هبوطية على النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي، فمن المتوقع أن يعوّض الأداء القوي في غير قطاع الطاقة بعض التأثير. ومع ذلك، فإن الاضطرابات في طرق الشحن عبر البحر الأحمر وقناة السويس أدت إلى ارتفاع تكاليف الشحن والمواد الخام، مما يشير إلى احتمال فقدان الزخم في الأشهر المقبلة. وتم تعديل توقعات نمو إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى 2.1 % و 4.4 % على التوالي، بانخفاض من 4.4 % و 4.8 % قبل ثلاثة أشهر. وتعكس هذه التعديلات قوة الاقتصاد غير النفطي والتخفيف التدريجي لخفض إنتاج النفط من الربع الثالث. وتظهر البيانات الأخيرة للربع الأخير من 2023 انخفاضاً بنسبة 3.7 % على أساس سنوي في إجمالي الناتج المحلي السعودي، بعد انكماش بنسبة 4.4 % في الربع الثالث. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي لدولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 5.6 % في العام 2023، مما يدفع نمو إجمالي الناتج المحلي الكلي بنسبة 3 %. إن الانخفاض الحاد في إنتاج النفط في دول مجلس التعاون الخليجي العام الماضي نتيجة لخفض الإنتاج، أدى إلى وضع خط أساس منخفض للغاية. وحتى مع التمديد الطوعي لمجموعة أوبك+ لتخفيضات الإنتاج خلال الربع الثاني، فإن قطاع الطاقة في المنطقة يستعد للنمو هذا العام. ويتوقع التقرير توسعاً تراكمياً لقطاعات الطاقة بنسبة 1.3 %، وهو تحول ملحوظ عن انخفاض العام الماضي بنسبة 5.7 %. وفي المملكة العربية السعودية على وجه التحديد، من المتوقع أن تنمو النشاطات النفطية بنسبة 0.7 % هذا العام بعد انخفاضها بنسبة 9.5 % على أساس سنوي في 2023. وتتمتع القطاعات غير المرتبطة بالطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي بوضع يمكّنها من الاستمرار في الاستفادة من الاستثمارات الحكومية والخاصة، وتمضي المملكة العربية السعودية قدماً في تحقيق رؤية 2030 من خلال توجيه الأموال إلى المشاريع الضخمة والكبيرة، وتحويل اهتمامها إلى معرض إكسبو 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034. ومن المتوقع أن يكون النشاط الاستثماري قوياً في دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً في ظل الخطط المتعلقة برؤية "نحن الإمارات 2031"، وأجندة دبي الاقتصادية D33، وغيرها من الاستراتيجيات التي يتم تنفيذها. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يكون لخطط قطر لتوسيع قدرات الغاز الطبيعي المسال في الجزء الأخير من هذا العقد تأثير إيجابي على المدى المتوسط. وتقول هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW: "على الرغم من أن التوقعات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي تواجه ضغوطات متزايدة بسبب الحرب في غزة والاضطرابات في حركة التجارة عبر البحر الأحمر، إلا أننا نتفاءل بمرونة القطاعات غير المرتبطة بالطاقة لدفع وتيرة التعافي. إن التزام دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الثابت بتنويع اقتصاداتهما بعيداً عن النفط، والوفاء بالمواعيد النهائية للرؤى الطموحة، يصوّر الكثير عن نهجهما العملي والحكيم من الناحية المالية. كما أن مبادرات مثل مبيعات سندات المملكة في الخارج لمعالجة العجز المالي ورفع الإمارات العربية المتحدة من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (فاتف) ستعزز سمعة كلا البلدين، وتساعد على جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر". من جانبه، قال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين والمدير العام في أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط: "يواجه الشرق الأوسط ضغوطات متصاعدة، حيث تستعد معظم الاقتصادات للتباطؤ، وتبقى السياسات المالية الإقليمية غير داعمة نسبياً هذا العام. ومع ذلك، فإن نجاح المملكة العربية السعودية في جمع 12 مليار دولار أميركي في أكبر عملية بيع للسندات منذ العام 2017، يشير إلى ثقة السوق في الجدارة الائتمانية للمملكة. ويغطي هذا الإصدار حوالي نصف احتياجات الاقتراض المتوقعة لهذا العام مع استمرار الحكومة في الإنفاق على مشاريع التنويع". وسيظل قطاع السياحة عنصراً رئيساً في أجندات النمو السعودية والإماراتية، حيث استقبل مطار دبي الدولي 86.9 مليون مسافر العام الماضي، وهو أعلى من أرقام ما قبل الجائحة، واستقبلت مطارات المملكة 106.2 ملايين زائر العام الماضي، بزيادة 12 % عن العام 2022. ويتوقع التقرير أيضاً أن يبلغ معدل التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 2.5 %، مدفوعاً في المقام الأول بتكاليف الإسكان. وقد خففت الاتجاهات الإيجابية للتضخم المخاوف من حدوث زيادات إضافية في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية في دول مجلس التعاون الخليجي. ومن المتوقع أن يتم التخفيض الأول في الربع الثاني، مع انخفاض أسعار الفائدة تدريجياً بعد ذلك. وستساعد السياسة النقدية المتساهلة على تحفيز نمو الائتمان الإقليمي والزخم في القطاع العقاري، مما يدعم الاستثمار المحلي.