أفاد أحدث تقارير المستجدات الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي أعدته مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ICAEW، أنه من المتوقع لاقتصاد المملكة العربية السعودية أن ينمو بوتيرة معتدلة في العام 2023. وفي ظل توقعات نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.6 %، فإن الظروف الصعبة لقطاع النفط، مدفوعة بتغييرات سياسة أوبك+، والتزام المملكة بخفض أحجام الإنتاج، ستؤدي إلى تباطؤ نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 1.4 % على أساس سنوي، مقارنة بالنمو القوي بنسبة 8.7 % على أساس سنوي في 2022. ودخل الاقتصاد السعودي هذا العام بشكل إيجابي، حيث توسّع بنسبة 3.9 % على أساس سنوي في الربع الأول، بعد ارتفاع بنسبة 5.8 % على أساس سنوي في الأنشطة غير النفطية، وزيادة الأنشطة النفطية بنسبة 1.3 %على أساس سنوي. ومع ذلك، فإن نظرة المستهلك تُظهر علامات من التراجع. وعلى الرغم من أن قيم معاملات نقاط البيع قد أظهرت نمواً قوياً، إلا أن عمليات السحب من أجهزة الصراف الآلي قد تراجعت، مع تباطؤ النمو السنوي للائتمان في القطاع الخاص إلى 9.7 % في شهر أبريل، وهو الأضعف منذ أوائل 2020، ويعود ذلك على الأرجح إلى تراجع سوق الرهن العقاري. وتماشياً مع اتفاقية أوبك+، خفّضت المملكة العربية السعودية إنتاجها النفطي بمقدار 0.5 مليون برميل في اليوم إلى 10 ملايين برميل في اليوم في مايو، مع خفض إضافي بمقدار مليون برميل في اليوم مخطط له في يوليو، وتمديد محتمل إذا ظلت الأسعار تحت الضغط. ويتوقع معهد المحاسبين القانونيين ICAEW أن يصل إنتاج النفط السعودي إلى 10.15 ملايين برميل في اليوم هذا العام، منخفضاً من 10.6 ملايين برميل في اليوم في 2022. ومع ذلك، من المرجح لاستغلال الحقول البحرية العملاقة من قبل شركة أرامكو السعودية التابعة للحكومة من أجل تعزيز الطاقة الإنتاجية في العام المقبل أن يزيد الإنتاج على المدى المتوسط إلى 13 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2027. وبينما ساعد ارتفاع أسعار النفط في تجديد احتياطيات الحكومة العام الماضي، فقد اتجهت نحو الانخفاض هذا العام. وتهدف ميزانية 2023 إلى تحقيق توازن بين الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي، ومع ترقّب ارتفاع تعويضات الموظفين، من المتوقع أن ينخفض إنفاق الميزانية بنسبة 4.3 % إلى 1,115 مليار ريال سعودي هذا العام. ومع بيانات الربع الأول التي تظهر زيادة قوية في الإنفاق الرأسمالي وتقدم مشاريع التنويع، ونظراً إلى افتراضات أسعار النفط والإنتاج الواردة في التقرير، من المتوقع حدوث فائض مالي بنسبة 2.3 % من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، بانخفاض طفيف من 2.5 % في 2022. وقالت هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW: "بينما كان النمو العام الماضي مدفوعاً بارتفاع أسعار النفط، أثبتت السعودية للعالم أنها قادرة على الحفاظ على نموها من خلال تنويع وتنمية قطاعها غير النفطي. حتى وكالات التصنيف الائتماني اعترفت بالجهود السعودية من خلال ترقية الجدارة الائتمانية للمملكة إلى نظرة مستقبلية أكثر إيجابية، حيث تتوقع لخطط التنويع أن تعزز مستوى الإيرادات غير النفطية". وقال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين والمدير العام في أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط: "يواصل اقتصاد السعودية إظهار المرونة في مواجهة الظروف الصعبة لقطاع النفط. إن الروابط القوية لأرامكو السعودية مع الصين من خلال الاستثمار في المصافي في وقت سابق من هذا العام لا تحسّن فقط من الوصول إلى الأسواق، بل تساهم أيضاً في تأمين الطلب على الخام السعودي، مما يعزز قدرة المملكة على مواجهة التحديات والحفاظ على النمو الاقتصادي على المدى المتوسط، في حين يلحق القطاع غير النفطي بمسار التعافي". ولا تزال آفاق التضخم في المملكة العربية السعودية مستقرة نسبياً، حيث يتجه النمو السنوي للأسعار في نطاق 2.5-3 %، مع استمرار تراجع تضخم المواد الغذائية. ومع ذلك، يشكل قطاع الإسكان مصدر قلق، حيث وصل تضخم الإسكان إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 8.1 % في أبريل. وترتفع أسعار الإيجارات بشكل حاد، لا سيما الشقق، ومن المتوقع أن تستمر في الاتجاه التصاعدي حيث يدفع النمو الاقتصادي القوي بالطلب على المساكن. وبشكل عام، يتوقع التقرير تباطؤ التضخم للفترة المتبقية من العام، مما يصل بمتوسط 2023 إلى 2.6 %. وعلى الرغم من التوقعات الجيدة لآفاق التضخم، فقد اعتمد البنك المركزي السعودي الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة التي أعلنها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، مما أدى إلى زيادات تراكمية بلغت 475 نقطة أساس في أكثر من عام بقليل، ومع ارتفاع أسعار الفائدة الآن عن الذروة السابقة التي تم تسجيلها في 2007 / 2008، فإن ظروف السيولة تشهد قيوداً أكبر، مما يفرض ضغوطات على الإقراض.