كشف أحدث تقارير المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، والذي أعدته مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ICAEW، عن ضعف الأداء الاقتصادي للمنطقة في الربع الثاني، نتيجة لانخفاض إنتاج النفط. وبالتالي، فقد تم تخفيض وتيرة نمو إجمالي الناتج المحلي في الشرق الأوسط بنسبة 0.4 نقطة مئوية، ومن المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 1.7 % فقط هذا العام. وعلى الرغم من ذلك، يظل التفاؤل سائداً مع بقاء النشاط غير النفطي قوياً في أرجاء المنطقة. وبحسب تقرير الربع الثالث، تعكس التوقعات الاقتصادية المعدّلة الأداء الضعيف لمنطقة الشرق الأوسط في الربع الثاني، بسبب انخفاض إنتاج النفط في دول مجلس التعاون الخليجي، وقد تم تقليص توقعات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 1.4 %. ومع ذلك، هناك مؤشرات مشجعة في القطاع غير النفطي والطلب المحلي. وأفادت الشركات بتحقيق نمو في قاعدة عملائها ومعدلات التوظيف؛ ومع ذلك، فإن هذا الأداء الإيجابي قد يواجه تحديات بسبب التأثير الوشيك لأسعار الفائدة المرتفعة على الاستهلاك والاستثمارات الخاصة. ويُظهر النمو في القطاع غير المتعلق بالطاقة بالمنطقة مرونة كبيرة، مدفوعاً في المقام الأول بالقطاعات المرتبطة بالسياحة، حيث توضح البيانات توسعاً مضاعفاً في خدمات النقل، والتخزين، والإقامة، والغذاء. ويشهد قطاع السياحة نمواً سريعاً في دبي، بزيادة 20 % عن الربع الأول من 2023، مع استضافة رقم قياسي بلغ 8.6 ملايين سائح. وتشهد المملكة العربية السعودية أيضاً نمواً كبيراً في هذا القطاع، مع زيادة ملحوظة بنسبة 225 % منذ الربع الأول من العام 2022. ومن المتوقع أن تعمل كل من السعودية وقطر على زيادة عدد السيّاح الوافدين إليها، مما يدعم جهود التنويع. وشهدت أسعار الطاقة مكاسب قوية مع ارتفاع سعر خام برنت إلى 90 دولارا أميركي للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر من العام الماضي، ويُعزى ذلك إلى الدعم الذي تقدمه إجراءات التحفيز الصينية والطلب الأميركي القوي، ونطاق تقليل الإمدادات، وكانت المملكة العربية السعودية قد مدّدت فترة خفض إنتاجها طوعاً بمقدار مليون برميل حتى نهاية العام، في حين تعهدت روسيا أيضاً بخفض صادراتها النفطية بشكل أكبر. ونتيجة لذلك، تم تعديل توقعات أسعار النفط، مما رفع متوسط تقديرات سعر خام برنت لهذا العام إلى 83.10 دولارا أميركيا، مقابل توقعات 81.50 دولارا أميركيا للبرميل قبل ثلاثة أشهر. وتقول هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW: "كان هذا الربع مليئاً بالتحديات بالنسبة للمنطقة، مسجلاً نمواً أضعف مما كان متوقعاً في البداية. ومع ذلك، وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يؤدي انضمام المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى مجموعة البريكس العام المقبل إلى خلق فرص جديدة لزيادة التجارة والاستثمار. وسيساعد هذا التطور أيضاً على تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي، مما يوفر نظرة إيجابية للمستقبل". من جانبه، قال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين والمدير العام في أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط: "كان لتخفيضات الطاقة الأخيرة تأثير واضح على التوقعات الاقتصادية لهذا الربع. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يكون 2023 هو العام الأضعف بالنسبة لقطاع الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي منذ 2017، باستثناء الظروف الاستثنائية للعام 2020. وفي المقابل، يواصل قطاع غير الطاقة ازدهاره؛ ونتوقع أن يزور 30 مليون سائح دولي المملكة العربية السعودية العام المقبل، وأن تستقبل قطر 3.17 ملايين زائر. وتستمر الطفرة التي يشهدها قطاع السياحة في تعزيز جهود التنويع الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي". ويشير التقرير أيضاً إلى المستوى الإيجابي للتضخم في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر الأخيرة، بسبب انخفاض أسعار المواد الغذائية والوقود. ومع ذلك، وعلى الرغم من التوقعات بعودة التضخم إلى طبيعته، فمن المتوقع أن تظل أسعار الفائدة عند نفس مستويات ربط عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار الأميركي، مما يمنع المصارف المركزية الإقليمية من خفض أسعار الفائدة قبل أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة التيسير النقدي. ومن المتوقع أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة في القريب العاجل، متبعاً مساراً تدريجياً للغاية بمجرد البدء، وهذا يعني أن تكاليف الاقتراض في المنطقة ستظل مرتفعة على المدى القريب، مما يؤدي إلى مزيد من التباطؤ في وتيرة الإقراض، والضغط على نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفط، وبحسب التقرير، من المتوقع أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي إلى 3.9 % في عام 2024، بانخفاض عن 4.3 % المتوقعة هذا العام.