كغيره من القطاعات الأخرى، مرّ قطاع التأمين في المملكة بمراحل مهمة ومحورية، وضعته اليوم على الطريق الصحيح، هذه المراحل يوثقها تاريخ القطاع الحديث، والجهود الرسمية المبذولة لتغيير واقعه والنهوض به، ليكون أحد القطاعات التي تراهن عليها رؤية 2030 في بناء اقتصاد وطني قوي وواعد، يتمتع بالاستدامة والتألق والتميز. بدأ قطاع التأمين نشاطه في المملكة من بوابة وكالات وفروع لشركات أجنبية، وكان ذلك قبل العام 1974، وفي بداية السبعينات، تأسست شركة التأمين السعودية، وفي العام 1974 تأسست شركة البحر الأحمر، ثم الشركة السعودية المتحدة للتأمين في عام 1976، وهكذا بقي الأمر إلى أن تأسست نواة القطاع في شهر أكتوبر من العام 2009، تحت مسمى "اللجنة العامة لمديري العموم لشركات التأمين"، تحت إشراف البنك المركزي السعودي (ساما)، الذي أشرف على كل ما يخص القطاع، وعملياته والأنظمة التي يتبعها، وبقي إشراف "ساما" على القطاع إلى أن انتقلت مهمة الإشراف على القطاع، إلى هيئة التأمين السعودية العام الماضي، التي تتبع اليوم آليات وأنظمة محترفة، ستصل بالقطاع إلى أبعد نقطة من التألق والتميز، المتوج، بالأرباح الوفيرة. وإحقاقاً للحق، مسيرة الأرباح الصاعدة في قطاع التأمين السعودي، بدأت في الأعوام الماضية، تحت مظلة "ساما"، وفيها حقق القطاع نمواً هائلاً، تجاوز 53.4 مليار ريال، في العام 2022، هذا النمو ارتقى بالقطاع، وجعله أكبر سوق تأمين في المنطقة العربية بأكملها، في مؤشر مبكر على ما يتمتع به قطاع التأمين السعودي من إمكانات وقدرات استثنائية، تدفعه إلى مواصلة هذا المسار، وتحقيق نتائج أكبر في قادم السنوات. وأكون صريحاً إذا أعلنت بعبارات واضحة ومباشرة بأن رؤية 2030 أدركت أهمية الاهتمام بقطاعات محددة، لما لها من تأثير مباشر على مستقبل الاقتصاد الوطني، ورأينا ثمار هذا الاهتمام في عدد من القطاعات، أبرزها الترفيه والسياحة والتقنيات الحديثة، ولا أستبعد أن ينضم قطاع التأمين إلى هذه القطاعات، شريطة أن يتوسع في أنشطته ومساراته التأمينية، هذا التوسع أكاد أجزم بأنه مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى، ليس لسبب سوى أنه سمة خاصة من سمات رؤية 2030، التي اعتمدت التوسع مبدأً تطبقه في كل القطاعات والمجالات، خاصة القطاعات ذات الصلة بالاقتصاد والاستثمار. ومن هنا، لم يكن غريباً أن تحرص هيئة التأمين على المشاركة في المؤتمر العام الرابع والثلاثين للاتحاد العام العربي للتأمين، الذي أقيم في العاصمة العُمانية مسقط، بهدف التعرف على الجهود العربية في بناء قطاعات تأمين نموذجية، وتبادل الخبرات، والتعرف على الاقتراحات والأفكار الجديدة، والأهم من هذا وذاك، التعرف على الفرص الاستثمارية التي يمكن أن يدخلها قطاع التأمين السعودي محليا وإقليميا، ويحقق فيها أهدافه وطموحاته. المشاركة في فعاليات المؤتمر العربي ما هي إلا بداية لمشاركات مماثلة في المحيط الإقليمي والدولي، تندرج ضمن التعاون الاستراتيجي الذي تدعمه الهيئة، كإحدى الركائز الأساسية في دفع عجلة تنمية صناعة قطاع تأمين قوي وراسخ، اعتماداً على الممارسات والتجارب الدولية.