يشهد قطاع التأمين في المملكة انتعاشة استثنائية شاملة، تُعيد كتابة مسيرته وتاريخه الحديث من جديد، بشكل يؤهله ليكون أحد الرهانات الكاسبة لرؤية 2030 التي وعدت قبل سبع سنوات، بإيجاد اقتصاد وطني قوي ومتنام، قادر على رفد خزينة البلاد ودعمها بصورة ثابتة ومستدامة. وإذا وجد "التأمين" كل الدعم والمؤازرة من البنك المركزي على مدار العقود الماضية، من أجل تطويره وتنميته بما يحتاج، فإن الدعم الذي لقيه القطاع تحت مظلة رؤية 2030 سيبقى هو الأكبر والأميز من نوعه، ليس لسبب، سوى أن الرؤية، في إطار خططها لتنمية القطاعات الاقتصادية في الدولة، وجهت بوصلة الاهتمام للارتقاء بقطاع التأمين بجميع مساراته المتعارف عليها، مثل تأمين المركبات والتأمين الصحي والتوسع فيهما، مع تفعيل مسارات جديدة، يحتاج إليها أفراد المجتمع مثل التأمين على الحياة. يضاف إلى ما سبق، أن اهتمام الرؤية بالقطاع، يعود إلى إدراكها أن للتأمين دوراً فاعلاً في استقرار الأنشطة والمشاريع الاقتصادية وضمان استدامتها، وتجنيبها مخاطر حدوث أي أمر طارئ خارج عن الإرادة، مثل حريق المستودعات أو المخازن، أو غرق البضائع في عرض البحر، وخلافه، وهو ما يهدد مستقبل تلك المشاريع، ويجبرها على تكبد الخسائر الفادحة والتوقف، إلا إذا كان هناك تأمين يضمن لها التعويض المناسب من جانب، والاستمرار في الأسواق من جانب آخر. الاهتمام الرسمي بقطاع التأمين، يفسره قرار إنشاء هيئة التأمين، لتكون كياناً مستقلاً، يهدف إلى تنظيم عمليات القطاع وتحديد أولوياته، ويؤكد هذا الهدف، ما تتمتع به الهيئة من شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، بجانب ارتباطها تنظيميًا برئيس مجلس الوزراء، في إشارة صريحة إلى رغبة الدولة في النهوض بالقطاع، والوصول به إلى أبعد نقطة ممكنة من التألق والنمو والازدهار. بالتأكيد أن اختصاصات هيئة التأمين ومهامها، تكشف حجم تطلعات رؤية 2030 تجاه مستقبل القطاع، وضرورة الارتقاء بخدماته وتحسينها، من خلال مهمة تنظيمه في عموم المملكة، وتفعيل مهمتي الإشراف والرقابة عليه، فضلاً عن تنمية الوعي التأميني، وحماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين، واستقرار القطاع، والمساهمة في الاستقرار المالي، والعمل على ترسيخ مبادئ العلاقة التعاقدية التأمينية، وهي مهام، لطالما قام بها البنك المركزي السعودي، وجاء الوقت لانتقالها إلى الهيئة الجديدة. وبالطبع، إيجابيات تأسيس الهيئة الجديدة، لن تقتصر على ما سبق، وإنما ستكون لها إيجابيات أخرى، هدفت إليها الدولة، حيث ستثمر بحسب المتوقع عن توحيد الإجراءات التنظيمية للقطاع في جهة واحدة، ويبقى أهم ميزة، أن يتمتع حاملو وثائق التأمين والمستفيدون في التنظيم الجديد بالحماية المكفولة لهم بموجب تعاقداتهم مع شركات التأمين، حيث ستخضع العلاقة بينهما للأحكام المتفق عليها من قبلهما والأحكام النظامية ذات العلاقة. ما سبق يؤكد حقيقة واحدة، وهي أن قطاع التأمين السعودي سيكون على موعد من التألق والتميز والريادة التي تثمر عن تحسين الخدمات المقدمة، وفق رؤية ومعايير عالمية، تلبى للمجتمع السعودي بأفراده ومؤسساته المختلفة احتياجاته من توفير خدمات تأمينية موثقة.