أيُّ ترفٍ ثقافي نعيشه في هذه الأيام، وأيُّ فنونٍ أدبية أصبحت تخضب أيامنا. رايات الأدب تعلو، وقناديل الشِّعر تزيِّن مساراتنا، وشعاع الثقافة يمتد ليتجاوز المحلية ويصل إلى العالمية. أوراقنا المنسيَّة تحولت إلى منابر، وقصائدنا وقصصنا ورواياتنا لم تعد مختزلة في صدورنا بل عبرت الأبواب وتسربت من الشقوق، أما دائرتنا الخجولة فقد اتسعت لتخاطب كافة العقول باختلاف توجهاتها وخلفياتها الثقافية والاجتماعية. لم تعد العزلة الثقافية قيدًا يكبل الأدباء بل امتزجت المعارف لتغذي الوعي و تنوِّع الإمكانيات، اتسع الحراك الثقافي في أرجاء هذه الجغرافيا العظيمة، وأصبح منفذًا للعالم، توهج وابتهج وأضاء لنا دروبًا معتمة. بعد عدة أيام تاريخٌ ثقافي يتجدد، واحتفاءٌ يتأهب له الأدباء فالرابع عشر من فبراير يوافق اليوم العالمي للقصة القصيرة. انتشرت الدعوات لذلك الحدث، وتهيأت المجالس الثقافية بالعناوين الشيِّقة، فالقصة هي الفن السردي الجميل الذي تسرب إلى واقع حياتنا اليومية ولامس تفاصيلنا، وعبَّرَ عن الكثير من أحداثنا. القصة اتصلت إتصالًا وثيقًا بتاريخنا الإنساني، خاطبت عاطفتنا وتوغلت في مشاعرنا، وأمطرت على أرواحنا، نكتبها ونقرأها ونغيب في مواسمها الخصبة، نجسد أبطالها وأحداثها ونتلبس مشاعرهم. القصة هي فنٌ قديم بملامحه البديعة وهي خزينة آمنة لموروثنا. بين القصة والشعر والرواية ومختلف الأجناس الأدبية نحن حاضرون ومقبلون ومبدعون، ذلك هو أدبنا الجديد علوٌّ بهويتنا السعودية وتقليصٌ للمسافات وتنوعٌ فكري بديع تغذِّيهِ الرؤية العظيمة.