أظهر تحليل أجرته رويترز لبيانات المدن أن نحو 70 مدينة أميركية أصدرت قرارات بشأن الحرب في غزة معظمها يدعو إلى وقف إطلاق النار هناك مما زاد الضغط على الرئيس جو بايدن قبل الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر تشرين الثاني ليساعد في إنهاء القتال الدائر. وأصدرت 47 مدينة على الأقل قرارات رمزية تدعو إلى وقف القصف الإسرائيلي على غزة، في حين أصدرت ست مدن أخرى قرارات تدعو على نطاق أوسع إلى السلام. وصدر ما لا يقل عن 20 قرار إدانة لهجوم حركة (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول، والذي أدى إلى إطلاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع. وصدرت معظم قرارات وقف إطلاق النار عن ولايات ديمقراطية مثل كاليفورنيا، على الرغم من أن 14 قراراً على الأقل جاءوا من ولايات متأرجحة مثل ميشيجان، التي قد تكون ذات صوت حاسم في محاولة بايدن للبقاء في البيت الأبيض أمام الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب. وقالت جابرييلا سانتياجو روميرو، عضو مجلس ديترويت الذي صوت لصالح تمرير قرار وقف إطلاق النار في أكبر مدينة في ميشيجان في نوفمبر تشرين الثاني، إن ذلك يعكس الإحباط، خاصة من قبل المسؤولين الشبان والأشخاص الذين يتنمون لمجتمعات الملونين، تجاه بايدن وغيره من قادة الحزب الديمقراطي. وقالت سانتياجو روميرو «نريد قيادة مستعدة للاستماع إلينا». وأضافت أنه يتعين على الديمقراطيين «الاستماع إلى الشبان والاستثمار في التنوع وفي الأشخاص الذين تحركهم القيم ويستمعون بالفعل إلى ناخبيهم». وجمعت رويترز بيانات من 70 مدينة أصدرت قرارات أو إعلانات بشأن إسرائيل وقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول عندما قتل مسلحو حماس نحو 1200 شخص في إسرائيل واحتجزوا 253 رهينة وفقا للإحصاء الإسرائيلي. وجاءت القرارات من المدن الكبرى مثل سان فرانسيسكو ومن أخرى أصغر مثل كاربورو بولاية نورث كارولاينا ومسقط رأس بايدن في ويلمنجتون بولاية ديلاوير. والعديد من دعوات وقف إطلاق النار صيغت على غرار قرار كوري بوش عضو الكونجرس عن ولاية ميزوري «وقف إطلاق النار الآن» والذي يحث أيضاً على إطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات لغزة، حيث يقول مسؤولو الصحة إن القصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل أكثر من 26600 فلسطيني. وخرجت تسع دعوات على الأقل لوقف إطلاق النار من ميشيجان، حيث يمثل العرب الأميركيون خمسة في المئة من الأصوات وكان هامش فوز بايدن في انتخابات 2020 على ترمب أقل من ثلاثة بالمئة. وأظهر استطلاع للرأي أجري في أكتوبر تشرين الأول أن دعم بايدن بين الأميركيين العرب انخفض إلى 17 بالمئة من 59 بالمئة في عام 2020. وقال دوجلاس ويلسون الخبير الاستراتيجي الديمقراطي في ولاية نورث كارولينا المتأرجحة «هذه (الحرب) ستكون في أذهان الناخبين». وحذر المحللون من أنه على الرغم من أن الكثير قد يتغير قبل انتخابات الخامس من نوفمبر تشرين الثاني، إلا أن الإحباط المحلي من بايدن قد يضر به في صناديق الاقتراع من خلال تراجع الإقبال. وقالت نادية براون أستاذة العلوم الحكومية بجامعة جورج تاون إن العديد من النشطاء الديمقراطيين «لا يرون التصويت أو القيام بأشياء على المستوى الوطني كوسيلة للحصول مطالبهم». وأضافت براون «وإذا لم يروا ذلك الآن، فهل سيروا ذلك في نوفمبر؟ لا أعتقد ذلك». ويُرجّح أن يكلّف غضب الأميركيين من أصول عربية من سياسة إدارة جو بايدن حيال إسرائيل الرئيس الديموقراطي ثمنًا باهظًا في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر، مع انقلاب شريحة تتمتع بنفوذ انتخابي في الولايات المتأرجحة الرئيسية ضده. زارت مديرة الحملة الانتخابية لبايدن جولي تشافيز رودريغيز الجمعة مدينة ديربورن في ولاية ميشيغن التي تضمّ أكبر عدد من الأميركيين المتحدّرين من أصول عربية في الولاياتالمتحدة، لكن أكثر من عشرة مسؤولين محليين تجاهلوا زيارتها بمن فيهم رئيس بلدية ديربورن. وطلب بايدن من الكونغرس مليارات الدولارات كمساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل، فيما استخدمت حكومته حق النقض ضد دعوات متعددة في مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما خيّب آمال العديد من المسلمين وذوي الأصول العربية في الولاياتالمتحدة في الحزب الديموقراطي الذي كان ملجأهم السياسي في الماضي. وكتب رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمّود على منصة «إكس» بشأن عدم لقائه مديرة حملة بايدن «حين ينظر المسؤولون المنتخبون إلى الفظائع في غزّة على أنها مشكلة انتخابية فقط، فإنّهم يحوّلون آلامنا التي لا توصف إلى حسابات سياسية». ولاقت تعليقات حمّود ترحيبًا من سكان ديربورن الذين عبروا عن معاناتهم من الفظائع اليومية في غزة منذ أن شنّت إسرائيل هجومًا عسكريًا عقب هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس ضدها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ويقول الأستاذ في القانون والممثل الكوميدي عامر زهر (46 عامًا) لوكالة فرانس برس «هناك إبادة بحق عائلاتنا وشعبنا، وشعبنا يردّ بقوة». ويضيف «لن ندعم جو بايدن تحت أي ظرف، أو أي سياسي آخر لن يكون مستعدًا للدعوة ببساطة إلى وقف لإطلاق النار». في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، يُرجّح أن يواجه بايدن منافسه المحتمل دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، وقد تكون الولايات المتأرجحة مثل ميشيغن وأريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وفرجينيا التي تضمّ نسبًا كبيرة من المسلمين والعرب الأميركيين حاسمة في نتائج الانتخابات. وكان يُنظر إلى هؤلاء تقليديًا على أنهم ينتخبون الجمهوريين، غير أن ولاءاتهم تغيّرت بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر نتيجة لسياسات المراقبة والخوف من الإسلام التي اتبعتها إدارة جورج بوش الابن. وصوّت العرب والمسلمون في الولاياتالمتحدة على نطاق واسع لبايدن في انتخابات العام 2020. غير أن الكثير منهم قد يمتنعون عن التصويت أو يصوّتون لطرف ثالث في انتخابات العام 2024، وفقًا لتحليل أجراه عالم الاجتماع الكمّي في جامعة كريستوفر نيوبورت يوسف شهود الذي استند إلى بيانات استطلاعات الرأي من عدة مصادر بينها منظمة Emgage غير الربحية ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية. وكتب يوسف شهود على موقع «ذا كونفرسيشن» الذي ينشر مقالات أكاديمية وأخبارًا «في ميشيغن على سبيل المثال، قد يُترجم ذلك في أن يخسر بايدن نحو 55 ألف صوت أي نحو ثلث الهامش الذي بلغ 154 ألف صوت الذي سمح له بالفوز على ترمب في العام 2020». في غضون ذلك، يحضر خطابات بايدن وتجمّعاته الانتخابية ناشطون داعمون للفلسطينيين، في انعكاس للتصدّع في بعض الصفوف الديموقراطية وصعود أفراد أكثر تقدميين في الحزب ينتقدون بشدّة الرئيس الأميركي الحالي. ولن يكفي حتى احتمال ولاية ثانية لترمب الذي كان قد اتبّع سياسة للهجرة تم التنديد بها على نطاق واسع باعتبارها «حظرًا على المسلمين» والذي يقول إنه سيعيدها بقوة إذا تم انتخابه، لثني الناخبين مثل عامر زهر. ويقول زهر «لن نردّ على حجّة أهون الشرّين، سنرفض ذلك»، مضيفًا «لن نتحمّل مسؤولية البديل». وتعتبر سمراء لقمان (41 عامًا) التي تشارك في إدارة حركة «تخلّوا عن بايدن» Abandon Biden في ميشيغن، أن بعض العرب قد يصوّتون لترامب احتجاجًا على سياسة بايدن. وتقول لوكالة فرانس برس «الهدف في نهاية المطاف ليس مجرد التخلي عن بايدن، بل ضمان الإطاحة به»، مشيرة إلى أنها فخورة ببعض الديموقراطيين مثل رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمّود وعضو الكونغرس الأميركي رشيدة طليب.