جاء قرار وزارة الطاقة المحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل، ليبرهن سياسة المملكة في تنويع مصادر الطاقة، ويدخل ضمن إحداث استقرار في الأسواق النفطية، ويؤكد حرصها على تكريس التوازن في أسواق الطاقة العالمية. وقال مختصون إن إعلان أرامكو السعودية بإبقاء مستوى الإنتاج عند 12 مليون برميل يوميا، ليس مرتبطا بتدهور الأسعار في الأسواق العالمية، حيث تحرص أرامكو على إبقاء السيناريو الذي يدفع الطلب العالمي على النفط في المرحلة القادمة سيستمر في التزايد وليس الانخفاض كما تذكر وكالة الطاقة الدولية التي تمثل جبهة المستهلكين، مستبعدين في الوقت نفسه، أن يحدث قرار وزارة الطاقة انعكاسات على السوق العالمية في المرحلة الحالية، فالاقتصاد العالمي ما يزال في مرحلة ركود، مؤكدين، أن النمو الاقتصاد العالمي متباطئ في عام 2024. وكانت شركة أرامكو السعودية، قد أعلنت أنها تلقت توجيهاً من وزارة الطاقة بالمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يوميًا، وعدم الاستمرار في رفع الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة إلى مستوى 13 مليون برميل يوميًا، ويأتي هذا القرار متوافقاً مع تحديد مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة والذي تتولى الدولة تحديده وفقًا لنظام المواد الهيدروكربونية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/37) وتاريخ 20 ديسمبر 2017، مع التأكيد على أن الشركة ستعود إلى رفع الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة إلى مستوى 13 مليون برميل يوميًا متى ما طلبت الدولة ذلك منها مستقبلا. وقالت الشركة، إنها ستعمل على تحديث التوجيه الاسترشادي للإنفاق الرأسمالي عندما يتم الإعلان عن نتائج العام 2023 في مارس المقبل، ويمثل الاستثمار الرأسمالي لشركة أرامكو والذي يتوقع أن تعلن عنه قبل نهاية الربع الأول من العام الجاري، برنامجا طموحا للشركة ويعزز من استمرارها كمورد موثوق للطاقة في العالم، محققا التزاماتها تجاه الاقتصاد الوطني واستقرار الاقتصاد العالمي، ومن ضمن خطط الشركة التي يستهدفها الاستثمار الرأسمالي رفع طاقتها من إنتاج الغاز بنسبة تتجاوز 50% بحلول العام 2030. وحسب البيانات، فإن لدى "أرامكو" 3 ملايين برميل من الطاقة الاحتياطية التي تلبي الطلب عند الحاجة وفق متطلبات سوق الطاقة العالمية وتنفيذ توجيهات الدولة في هذا الجانب، وهذا الاحتياطي يدعم من خلال برنامج (إزاحة السوائل) وهو البرنامج الذي سيؤدي إلى توفير مليون برميل إضافي من النفط يوميا ومشتقاته، وسيؤدي أيضا إلى المزيد من منتجات الطاقة، وبالتالي لا يحسب توجيه الحكومة السعودية بالمحافظة حاليا على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يوميًا أن ذلك قراءة على انخفاض الطلب المستقبلي على النفط بل تأكيد على تنوع استخدام أشكال الطاقة بما فيها النفط والغاز. معالجة معضلة الطاقة وتتوافق استراتيجية النمو في "أرامكو" مع توجهات الدولة، في التركيز على معالجة معضلة الطاقة المتمثلة في توفير طاقة موثوقة بأسعار معقولة وأكثر استدامة، كما يتضمن أكبر إنفاق رأسمالي للشركة في تاريخها زيادة إنتاج الغاز بأكثر من 50% بحلول عام 2030 (نمو مستويات الإنتاج لعام 2021م). فالغاز -الذي كان في السابق منتجًا ثانويًا مهدرًا ضمن عملية إنتاج النفط، عبارة عن مادة هيدروكربونية بسيطة ومنخفضة الكربون، ويعتبر أحد المكونات الهامة في مزيج الطاقة عند الحديث عن التحول في قطاع الطاقة العالمي، ويُعد استثمار الشركة في الغاز عاملًا أساسيًا في خطة المملكة لتنويع مزيج الطاقة لديها عن طريق تقليل استخدامها للسوائل في توليد الطاقة، والبناء على استراتيجية الشركة في إنتاج لقيم عالي القيمة لصناعة البتروكيميائيات. وتعليقا على هذا القرار أوضح الدكتور محمد الصبان، الخبير الدولي في مجال النفط، أن إعلان أرامكو السعودية يتماشى مع توجيهات وزارة الطاقة الهادفة للمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يوما، وعدم الاستمرار في رفع الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة إلى مستوى 13 مليون برميل يوميًا وهو المستهدف في عام2027، مشيراً إلى أن توجيه وزارة الطاقة يهدف لإحداث استقرار في الأسواق النفطية، وكذلك فإن المملكة حريصة على تكريس التوازن في أسواق الطاقة العالمية، لافتاً إلى أن تقرير وكالة الطاقة الدولية كشف عن حث شركات البترول العالمية لزيادة انتاجها في الفترة القادمة، نتيجة قناعتها أن النفط سيبقى لعقود قادمة، بخلاف تصريحاتها السابقة القائلة، إن عام 2030 سيكون بداية انخفاض الاستهلاك، مضيفاً، أن تصريحات وكالة الطاقة الدولية مرتبط بتغير المناخ، مما ساهم في زيادة الهجوم على النفط بشكل غير مسبوق. وقال إن المملكة واجهت الحملات الكبيرة المتعلقة بالمناخ، من خلال الإبقاء على الطاقة الإنتاجية للفترة القادمة لتحقيق التوازن في الأسواق النفطية، مؤكدا، أنها تعمل على تطوير مصادر الطاقة سواء الطاقة المتجددة أو طاقة الهيدروجين أو الطاقة النووية، مشيرا إلى أن اتجاه المملكة لا يتعارض مع استمرارها إنتاج وتصدير الطاقة التقليدية (النفط – الغاز)، مطالباً الدول التي تحارب النفط والتركيز على صناعة الفحم، خصوصا وأن الفحم يعتبر المصدر الأكثر تلوثا للمناخ، مبدياً استغرابه من قيام الدول الأوروبية بدعم صناعة الفحم عبر تقديم الكثير من الإعانات الكبيرة، مشدداً على أهمية التخلص من صناعة الفحم عوضا عن شن الحملات على النفط والغاز الطبيعي في المرحلة القادمة، مؤكداً، أن التوجه الغربي لمحاربة النفط والغاز الطبيعي سيحدث نقصاً في المعروض في المرحلة القادمة. وأكد، أن المملكة تتجه لتكون مصدراً لمختلف مصادر الطاقة، مما يسهم في كسب مختلف الأسواق وضرب عدة عصافير بحجر واحد في الفترة القادمة، معتبراً إعلان أرامكو السعودية بإبقاء مستوى الإنتاج عند 12 مليون برميل يوميا، ليس مرتبطا بتدهور الأسعار في الأسواق العالمية، حيث تحرص أرامكو على إبقاء السيناريو الذي يدفع الطلب العالمي على النفط في المرحلة القادمة، حيث سيستمر في التزايد وليس الانخفاض كما تذكر وكالة الطاقة الدولية التي تمثل جبهة المستهلكين. ولفت الدكتور سعيد الشيخ، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأعمال والتكنولوجيا، أن إعلان شركة أرامكو السعودية يتماشى مع توجهات وزارة الطاقة الهادفة للمحافظة على مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة عند 12 مليون برميل يوما، وأيضاً ضمن السياسة العامة للدولة في تنويع مزيج الطاقة، مشيراً إلى أن المملكة تتجه للتوسع في إنتاج الطاقات البديلة (الشمسية – الرياح)، وبما يسهم في الحد من نمو الاستهلاك المحلي من النفط، خصوصاً مع الزيادة المتسارعة في التوجه الى زيادة استخدام الغاز الطبيعي للأغراض الصناعية وإنتاج الكهرباء. كما بين أن التوجه العالمي يركز على زيادة استخدام الطاقة البديلة وخصوصاً فيما يتعلق بقطاع النقل عبر التوسع في استخدام السيارات الكهربائية، بحيث أصبحت هذه النوعية من المركبات تحظى باهتمام عالمي. وأشار إلى أن قرار وزارة الطاقة إبقاء انتاج النفط عند مستوى 12 مليون برميل يوميا يأتي ضمن السياقات المحلية والعالمية المتعلقة بالتوسع في إنتاج الطاقة المتجددة، مضيفا، أن إعلان أرامكو لا يعطي المزيد من المعلومات بخصوص السقف الزمني للاستمرار في إنتاج النفط عند مستوى 12 مليون برميل يوميا، كما أوضح أن هذا القرار ينسجم مع التوجه العالمي لخفض الانبعاثات الكربونية بمختلف اشكالها من أجل المحافظة على البيئة، مؤكدا أن الغاز الطبيعي يعتبر أقل ضرراً على البيئة من البترول، فزيادة إنتاج الغاز الطبيعي يستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية مما يسهم في تقليل الاعتماد على النفط الخام في توليد الطاقة الكهربائية. وأستبعد أن يحدث قرار وزارة الطاقة بإبقاء سقف الإنتاج عند مستوى 12 مليون برميل يوميا انعكاسات سلبية على السوق العالمية في المرحلة الحالية، مشيراً إلى أن الاقتصاد العالمي ما يزال في مرحلة تباطؤ في النمو، مبيناً، أن انعكاسات قرار إبقاء سقف الإنتاج عند مستوى 12 مليون برميل يوميا مرتبط بتوقعات نمو الاقتصاد العالمي، لافتا إلى أنه في حالة دخول الاقتصاد العالمي بوتيرة متسارعة في مرحلة من النمو، فقد يسهم حينها زيادة الطلب على النفط في ارتفاع حاد في أسعار النفط. وذكر سعد ال ثقفان، عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، أن الهدف يكون لدى أرامكو قدرة على إنتاج 12 مليون برميل يومياً عند الحاجة لها، بحيث يكون تحديد الكميات المنتجة من الحكومة وذلك حسب ما تراه وأيضا مراعاة مع التزاماتها مع اتفاقيات أوبك. وأشار إلى أن تحديد مستوى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدام ليس له علاقة بتحالف "أوبك بلس"، لافتا إلى وجود أهداف حكومية متوسطة وبعيدة المدى، حيث تنظر الحكومة للكميات القصوى المستدامة، وأيضا مناسبتها للسوق العالمي. وقال، إن المملكة وضعت خطة لإزاحة مئات آلاف البراميل المستخدم محلياً سواءً في إنتاج الكهرباء أو الصناعة أو النقل واستخدام بدائل له مثل الغاز والطاقة الشمسية والرياح، لافتاً إلى أن التوسع في انتاج الغاز الذي يعتبر أقل تلوثاً وأكثر كفاءة، مضيفا، أن الجميع لاحظ التوسع في انتاج الغاز خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الاستكشافات الجديدة، مؤكدا، أن الحكومة تعمل على تطوير والتوسع في انتاج الطاقة الشمسية والرياح، حيث وتهدف للاستفادة من الطاقة النووية في حاجاتها للطاقة. يشار إلى أنه في نوفمبر الماضي، صرح الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الطاقة، أن شركة أرامكو السعودية تمكنت اكتشاف حقلين للغاز الطبيعي في الربع الخالي، حيث اكتُشِف حقل "الحيران" للغاز الطبيعي، بعد أن تدفق الغاز من مكمن "حنيفة" في بئر (الحيران – 1) بمعدل (30) مليون قدم مكعبة قياسية يوميا، بالإضافة إلى تدفق الغاز من مكمن "العرب – ج" في الحقل نفسه، وكذلك اكتُشِف حقل "المحاكيك" للغاز الطبيعي. كما اكتُشِف الغاز الطبيعي في خمسة مكامن في حقول مكتشفة مسبقاً، حيث اكتُشف الغاز الطبيعي في مكمن "الجله" في حقل "عسيكرة" في الربع الخالي، بعد أن تدفق الغاز بمعدل (46) مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، إضافة إلى اكتشاف مكمن إضافي للغاز الطبيعي في حقل "شدون" غرب مركز حرض، حيث اكتُشِف الغاز الطبيعي في مكمن "عنيزة – أ" بعد أن تدفق الغاز بمعدل (5 ر15) مليون قدم مكعبة قياسية يوميا. كما تم اكتشاف الغاز الطبيعي في مكمن "عنيزة ب/ج" في حقل "مزاليج" جنوب غرب الظهران، حيث تدفق الغاز بمعدل (14) مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، واكتُشِف أيضاً الغاز الطبيعي في مكمن "الصارة" في حقل "الوضيحي" ومكمن "القصيباء" في حقل "أوتاد". د. محمد الصبان سعد ال ثقفان