إذا وصل التشجيع للتعصب خرج عن الأهداف السامية الثقافة مهملة في الرياضة ورواتب اللاعبين تتفوق على الأكاديميين الرياضة أصبحت صناعة لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواءً حديثاً أو منذ فترة طويلة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم. وضيفنا اليوم د. محمد بن سليمان القسومي أستاذ الأدب والنقد المشارك ورئيس قسم الأدب في جامعة الإمام سابقاً، مستشار معالي المدير العام لمكتب التربية العربي لدول الخليج والمشرف على أمانة المؤتمر العام والمجلس التنفيذي، ورئيس تحرير مجلة قوافل (الأدبية، الفصلية، الصادرة عن النادي الأدبي بالرياض). * ما أسباب غياب تفاعل الأنشطة الثقافية في الأندية الرياضية؟ * الأندية الرياضية منذ تأسيسها وهي تضع في شعاراتها (رياضي، اجتماعي، ثقافي)، ولا شك في أن الجانب الرياضي هو الأساس، ولكنها لم تغفل الجانب الثقافي، أو لنقل كان هناك اهتمام بالجانب الثقافي من بعض الأندية الرياضية، على أن الجانب الاجتماعي كان مهملاً، أما الآن، فإن اللجان المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية في أنديتنا الرياضية، أصبحت تقدم مبادرات مجتمعية، وأصبحت الأندية تتنافس على تقديم الخدمات الاجتماعية التي تؤكد من خلالها الأثر الإيجابي للرياضة والرياضيين في التنمية الاجتماعية، وكذلك في مجالات أخرى، كالتعليم والصحة والبيئة. ومن المؤسف أن كثيراً من أنديتنا الرياضية، لم تحقق مفهوم المسؤولية الاجتماعية على الوجه الصحيح؛ لأنه التبس لديها مفهوم المسؤولية الاجتماعية بمفهوم العمل الخيري. أما الجانب الثقافي فيكاد يكون مهملاً في كثير من الأندية الرياضية؛ وأظن أن من أهم أسباب ذلك أن قنوات النقل الثقافي أصبحت كثيرة، وأن برامج وزارة الثقافة قد أوفت بهذا الجانب. أشجع ال "سكري" ووقعت بعض أعمالي في مصيدة التسلل * مسؤولو مواقع التواصل الاجتماعي في الأندية، هل صياغتهم جيدة، أو يحتاجون لدورات تدريبية؛ لكون متابعي الحسابات بالملايين؟ * مسؤولو التواصل الاجتماعي في بعض الأندية الرياضية بل في بعض مؤسساتنا ينشرون في وسائل التواصل بلغة ضعيفة. والحقيقة أن ما يُكتب يمثل هذه المؤسسة أو تلك لذلك يجب أن يشرف على النشر من يجيد اللغة العربية. * كيف ترى النقد في الوسط الرياضي؟ * ابتُلي الوسط الرياضي بمن يظنون أنهم نقاد وهم لا يعرفون أبجديات النقد، فاحترام المخاطب مفقود أمام هذه الفئة يتحدثون بألوان أنديتهم المفضلة بلغة المشجع المتعصب، حتى أصبح النقد والتحليل مهنة من لا مهنة له! تتاح لهم المنصات والبرامج الهوائية، فيضع الواحد منهم رجلاً على رجل يتهكم باللاعب الفلاني، وينقد الفريق الفلاني بلغة المشجع الجاهل، الجالس مع صحبه في سهرة سمر، بل إن بعضهم يقحم نفسه في قضايا فنية، لا يعرفها إلا الراسخون في علم التدريب، أو اللاعبون الذين مروا بتجارب، فعرفوا كيف تدار اللعبة في كل جزء من الملعب، وفي كل وقت من أوقات المباراة. * التعصب في التشجيع هل يمكن أن نسميه تطرفاً فكريّاً رياضيّاً.. ولماذا؟ * كل فعل يتجاوز الحد يعد تطرفاً والتعصب في التشجيع إذا تجاوز الحد أصبح أمراً ممقوتاً لأنه خرج عن الأهداف السامية للرياضة. *بين رواتب اللاعبين ورواتب الأكاديميين.. من يغلب من؟ * لا شك أن اللاعبين في العالم المتقدم، يحصلون على أضعاف ما يحصل عليه الأساتذة في الجامعات، بل إنك قد تجد أستاذاً أفنى عمره في البحث والإنتاج الفكري، أو الابتكار العلمي المهم، لا يصل ما يحصل عليه في السنة إلى ما يأخذه بعض اللاعبين في شهر. * هل تعتقد أن لغة المال طغت على جانب الإبداع والإخلاص؟ * يكون الأمر محموداً إذا كان المال حافزاً للإبداع، ويكون مذموماً؛ إذا كان هاجساً، وهدفاً رئيساً، يُسيِّرُنا في سبله المتعرجة. o هل هناك علاقة تجمع الرياضة بالثقافة حاليّاً؟ * نعم، فنحن قد نكتسب الثقافة من المفهوم الواسع للرياضة، والرياضي الملتزم، يمارس الثقافة من خلال التزامه فالرياضة تعلمه ثقافة الصبر، وثقافة احترام الخصم، وثقافة احترام الموعد، والعناية بالصحة، والتطلع إلى النجاح والتألق، فضلاً عن المجالات التي تتلاقى فيها الرياضة بالثقافة، حتى إن بعض الدول جمعت الثقافة والرياضة في وزارة واحدة (وزارة الثقافة والرياضة). * هل سبق أن أقدمت على عمل، وكانت النتيجة تسللا بلغة كرة القدم؟ * التسلل بلغة كرة القدم له علاقة بالزمن بل بالثانية من الزمن أو بجزء منها فلحظة التقدم أو التأخر بجزء من الثانية قد يُوقِع في مِصيدة التسلل فلا تصل إلى الهدف بهذا المفهوم للتسلل أجيب عن سؤالك بنعم. * الواسطة «لا تصنع النجوم» هل ترى في الوسط الرياضي نجوماً صنعتها الواسطة؟ * صحيح أن الواسطة لا يمكن أن تصنع النجوم ولكنها قد تدفع بمن لا يملك الموهبة ليأخذ مكان الموهوب المشهود له بالتفوق، والساحة الرياضية لا تخلو من النجوم المتصَنَّعة! * الشهرة عالم، كيف يمكن أن تكون شهرة اللاعبين طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ * يجب أن يستحضر اللاعب الذي حصل على الشهرة أن كثيراً من النشء المعجب بموهبته يتابع سلوكه وقد يتأثر به، ومن هنا تكون على اللاعب مسؤولية كبيرة من أجل ذلك يجب أن يكون قدوة حسنة في سلوكه داخل الملعب وخارجه. * في الرياضة يحصد الفائزون والمتألقون الكؤوس، فما الذي يقلل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى ثقافيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً؟ * المبدعون في المجالات الأخرى يحصلون على جوائز وأوسمة وحفلات تكريم حين يتفوقون في مجالاتهم وما يميز المبدع في المجالات الأخرى أنه يحصل على الجائزة بعد أن يقدم عملاً يعم نفعه، أما الرياضي فالأغلب أنه يحصل على جائزة عمل هو المستفيد منه؛ فمن يأخذ جائزة لحصوله على المركز الأول في سباق العدائين ومن يحصل على جائزة لأنه أكثر اللاعبين تسجيلاً للأهداف في الموسم الرياضي لا يمكن أن يكون كمن أخذ جائزة عن اكتشاف علمي يخدم المجتمع أو عن كتاب يدوم نفعه. وهذا لا يقلل من قيمة الجائزة التي يحصل عليها الرياضي، فالمتفوق في كل مجال يجب أن يلقى التكريم اللائق به. * العقل السليم في الجسم السليم عبارة نشأنا عليها، رغم خطئها؛ فكم من شخصية عبقرية، لا تملك جسداً سليماً. باختصار نريد منك عبارة بديلة منك لجيل المستقبل؟ * (العقل السليم في الجسم السليم) يجب ألا نأخذها على ظاهرها لأنها قيلت للحث على العناية بالجسم وبنظام التغذية المثالي وللترغيب بممارسة الرياضة المفيدة للصحة؛ لما لذلك من أثر في تغذية العقل وتهيئته للتفكير والإبداع والواقع يؤكد -على مدى التاريخ- أن من المفكرين والمبدعين من اعتلت أجسامهم، وظلوا بارزين في مجالاتهم. والسلامة المقصودة -على حسب رأيي- هي (العافية)، أي: أن الإنسان حالة مرضه وشكواه من علة في جسمه، يكون لحظتها مشغولاً بآلامه الآنية ولا يكون ذهنه صافياً لأن تفكيره منصرف لمقاومة هذا العارض الصحي. * هل ترى بأن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك، فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ * نعم، الرياضة ثقافة فهي تعلمنا ثقافة الصبر وثقافة احترام الآخر وثقافة الالتزام وثقافة التربية الصحية وهي اليوم تأخذ نصيباً من حياتنا اليومية إذ أصبح المجتمع يعي أثرها في صحة الأبدان وإمداد العقول بالطاقة الكافية للتفكير والإنتاج بل إننا أصبحنا نتعرف على العالم حولنا من خلال الرياضة. * في نظرك هل الرياضة تفرق أم تجمع، ولماذا؟ * الرياضة لا يمكن أن تفرق إلا لدى فئة من المتعصبين الجاهلين وحين نلتفت إلى المنافسات الرياضية نجد التفاف الجماهير واتحادها حول فريقها المفضل، كما أن المناسبات الرياضية وسيلة للتعارف بين الشعوب والرياضة تجمع أفراد المجتمع من مختلف الأعمار والثقافات ومن مختلف البيئات فهم من خلال الأنشطة الرياضية المختلفة يتواصلون ويتعارفون ويتآلفون. * كيف ترى الاستقطابات التي تمت مؤخراً مع لاعبين عالميين والتعاقد معهم للعب في الدوري السعودي؟ * استقطاب اللاعبين المشاهير عالميّاً للعب في الدوري السعودي جعل بلادنا محط أنظار العالم ولا شك في أن العائد الاقتصادي الكبير الذي ما زالت الأندية تجنيه والأبعاد الأخرى المهمة، المتحققة -التي رسمتها الرؤية المباركة- تؤكد أنها صفقات رابحة. * بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك؟ * تأخذ الرياضة ما يقارب 10 %. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ * آخر زيارة للملاعب الرياضية كانت أول مباراة في ملعب الملك فهد بالرياض (افتتاح الملعب). * لمن توجة الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ * أوجه الدعوة لكل رياضيٍّ واعٍ مدركٍ قيمة نفسه. * بصراحة ما ناديك المفضل؟ * التعاون. * أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ * السكري. * لمن توجه البطاقة الصفراء؟ * لكل إنسان لا يعرف قيمة نفسه؛ فيقحمها في غير أماكنها. * والبطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ * لكل الذين باعوا ضمائرهم؛ فخانوا الأمانة. * لو خيرت أن تعمل في حقل الرياضة، من أي أبوابها ستدخل؟ * من باب المسؤولية الاجتماعية. * كلمة أخيرة توجهها إلى الجماهير السعودية؟ - سأوجه حديثي إلى الجماهير التي قد تنسى أن اللعب فوز وخسارة، وأنه شأن الحياة كلها وليس الرياضة فقط، فالإنسان العاقل، يجب أن يدرك أن الحياة قد تذيقنا المرارة أحياناً ولولا ذلك لما شعرنا بحلاوتها أقول قولي هذا لأن بعض شبابنا يحزن حينما يخسر فريقه وهذا الحزن قد يؤثر في نومه أو دراسته أو علاقاته، وقد يوصله غضبه إلى ارتكاب حماقات قد يندم عليها حين يفيق. تكريم الضيف في إحدى المناسبات العلمية الضيف في في مؤتمر علمي