الرياضة أصبحت صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواءً حديثاً أو منذ فترة طويلة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه «دنيا الرياضة» عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم، وضيفنا اليوم أستاذ الموارد البشرية المساعد بقسم إدارة الأعمال بجامعة شقراء الدكتور راشد الهويل.* مع بداية جائحة كورونا تم فتح باب التطوع في عدد من المجالات .. كيف ترى مدى الإقبال على العمل التطوعي؟ * مجتمعنا محب للخير والعمل التطوعي وخدمة الآخرين ولذلك كان الإقبال كبير جداً من أبناء وبنات مجتمعنا وبجهود ذاتية يطلقون ويقدمون العديد من المبادرات المادية والمعنوية وفي شتى المجالات الخدمية والصحية والتنظيمية وكذلك التوعوية، يدفعهم لذلك ولاؤهم وانتماؤهم لوطنهم وقيادتهم ودينهم مستشعرين جحم المسؤولية الاجتماعية والمشاركة المجتمعية للتخفيف من آثار هذه الجائحة العالمية التي أوقفت كل مناحي الحياة في كل قارات العالم. الإعلام الرياضي ساهم في تأجيج مشاعر التعصب * ما رأيك في المبادرات التي قام بها العديد من المواطنين تجاه الوطن خلال أزمة كورونا؟ * حقيقة كانت هناك مبادرات جميلة ومميزة للمواطنين تجاه مجتمعهم ووطنهم للحد من آثار جائحة كورونا ولتخفيف الأعباء الاجتماعية والاقتصادية على المتضررين من هذه الجائحة وهذا ليس بغريب على أبناء مجتمعنا المعطاء، ومد يد العون ومساعدة الآخرين تعتبر قيمة اجتماعية لأبناء مجتمعنا قبل أن تكون واجب ديني ولذلك وبدون مبالغة أجد أن المواطن السعودي تفاعل مع هذه الجائحة وقام بعدد من المبادرات المجتمعية المميزة مثل إعفاء المستأجرين من السداد لمدد تتراوح بين ال (3 - 6) أشهر وكذلك توفير وتوزيع السلال الغذائية للمتضررين من الجائحة وتوزيع المعقمات والكمامات والقفازات في مختلف المرافق العامة، بل وبدون مبالغة أجد أن المواطنين قدموا ما عجز عن تقديمه بعض رجال الأعمال المعروفين، وكذلك بعض الجهات الخيرية التي خذلت المجتمع في هذه الجائحة وكانت للأسف دون المستوى المأمول. * ما تقييمك للعمل الإداري في الأندية السعودية؟ * في الحقيقة أجد أن العمل الإداري في الأندية الرياضية بمختلف درجاتها دون المستوى المأمول ولا يرتقي إلى أن يكون عملا مؤسسيا منظما، بل يغلب عليه العشوائية في الأداء وفي اتخاذ القرارات وعدم التخصص، وبالتالي نلاحظ جميع الأندية تعاني مالياً وتنظيمياً ولا تستطيع تسويق خدماتها أو حتى إيجاد موارد مالية واستثمارات تغطي مصاريف وميزانيات الأندية، بالرغم من أن الرياضة السعودية تملك إمكانات هائلة وأرضا خصبة للإبداع والمنافسة إقليمياً وحتى عالمياً في مختلف المجالات، ولدينا بنية تحتية مميزة وزخم جماهيري كبير جداً، ودعم مادي كبير وغير محدود من قبل قيادتنا الرشيدة، كل هذا يعتبر محفزا كبيرا للتميز والإبداع وأعتقد أنه لو توفرت الإدارة الرياضية المؤهلة والمتخصصة سوف تذهب رياضتنا بعيداً في شتى المجالات والمنافسات. * كرياضي سابق ما الفرق في الوسط الرياضي سابقاً وحالياً؟ * هناك فرق كبير في الوسط الرياضي سابقاً وحالياً، في السابق كانت الرياضة هواية للمتعة، وكان التركيز الإعلامي بسيط جداً وحتى على مستوى البرامج الرياضية المتخصصة لا يوجد إلا برنامج واحد فقط يعرض كل خميس، وليس هناك برامج للتحليل الرياضي أو مناقشة الحكام ولذلك كانت المنافسة والإثارة في الملاعب فقط وكانت تسود المحبة والاحترام بين كل المنتمين للوسط الرياضي، أما اليوم فالوضع اختلف تماماً الرياضة أصبحت صناعة ومهنة وفي زمن الاحتراف طغت الماديات وتعددت البرامج الرياضية والقنوات الناقلة وتوفر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، التي سهلت انتقال المعلومة في زمن قياسي وأصبح هناك تنافس وإثارة مصطنعة خارج الملعب وأصبح هناك إعلام أندية على حساب إعلام الوطن، بمعنى إن أغلب الإعلاميين الرياضيين ارتضوا تصنيف أنفسهم تبعاً للأندية التي يميلون لها، ونتيجةً لذلك أصبح الوسط الرياضي محتقنا جدا ويطغى عليه الصخب الإعلامي و(الأكشنة) والإثارة غير المبررة، والتي أثرت بلا شك على المزاج العام لكافة المنتمين للوسط الرياضي. * هل ترى أن ثمة علاقة تجمع الرياضة بالإعلام؟ * بلا شك وهي علاقة مهمة جداً فالإعلام الرياضي يقوم بتغطية كافة الأنشطة الرياضية بالصوت والصورة، ويعمل على نشر الأخبار والمعلومات والحقائق الرياضية ونشر الوعي بين كافة الرياضيين من ممارسين ومشجعين، وتحقيق التواصل الثقافي داخل المجتمع المحلي وخارجه، والإعلام الرياضي أصبح اليوم عصب الحياة الاجتماعية المعاصرة وشريانها المتدفق في بناء الاتجاهات والمعارف والمبادئ والقيم الاجتماعية والثقافية خاصةً في ظل الانتشار الواسع لوسائل الأعلام الحديثة المتنوعة. * هل ترى ثمة أوجه تشابه بين حكم المباراة ووزارة الإعلام؟ * ربما في الإطار العام هناك تشابه وقد يكون كبيرا، بحكم أن الحكم يحكم ساحة ملعب محدود المساحة، بينما الإعلام مسؤول عن حكم ساحة الإعلام ككل.. الاختلاف في طبيعة الساحتين، فساحة الملعب محدودة الوقت والمساحة والمعطيات وتتطلب الحسم والحزم، أما ساحة الإعلام تعيش حالة من الفوضى والمعطيات الصعبة سواء لإدارة الوقت والحدود والعاملين في هذه الساحة وما يخرج عنها من رسائل ومنتجات، وأجدني في صف حكم المباراة ومشفق على حال الإعلام في وقتنا الحاضر. * بين رواتب اللاعبين ورواتب الأكاديميين من يغلب من؟ * بالتأكيد في زمن الاحتراف رواتب اللاعبين هي الأعلى ولا مقارنة في ذلك، ولكن نسبة المخاطرة لدى اللاعبين أعلى لأنه - لا قدر الله - قد يتعرض لإصابة تبعده عن ممارسة الرياضة نهائيا، والرياضة أصبحت صناعة بينما التعليم الأكاديمي رسالة. * هل تعتقد أن لغة المال طغت على جانب الإبداع والإخلاص؟ * على المستوى الرياضي تحديداً نعم هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها وأصبح الولاء والانتماء لمن يدفع أكثر، ولذلك نشاهد الأندية التي لديها قدرات مالية تستقطب الكثير من النجوم من الأندية التي إمكاناتها المادية ضعيفة ولا تستطيع المحافظة على نجومها. * هل سبق أن أقدمت على عمل وكانت النتيجة تسللا بلغة كرة القدم؟ * أبداً لم يحدث معي ذلك مطلقاً. * يقال إن مساحة الحرية في الكتابة الرياضية أكبر منها في الشؤون الأخرى.. إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟ * المقولة صحيحة بل للأسف هناك تجاوز لسقف حرية الرأي والنقد الإيجابي المقبول في الكتابة الرياضية. * الشهرة عالم كيف يمكن أن تكون شهرة اللاعبين طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ * لا شك أن اللاعبين يحظون بقواعد جماهيرية مؤثرة وكبيرة جدا من المتابعين والمعجبين من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية ويحرصون على متابعتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الإعلام بصفة عامة ويتأثرون بهم، ولذلك دورهم مهم جداً في توجيه السلوك الإيجابي والقدوة الحسنة واحترام الذوق العام والأخلاق الحميدة، وكذلك التمسك بمبادئنا وقيمنا الاجتماعية والدينية، وأن يستثمروا شهرتهم فيما يخدم المصلحة العامة وأن يكونوا سفراء للأعمال الخيرية والمسؤولية الاجتماعية. * في الرياضة يحصد الفائزون والمتألقون الكؤوس، فما الذي يقلل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً؟ * أعتقد أن المبدعين في شتى المجالات يحصلون على التكريم والجوائز المستحقة، وقد يكون بعضها أكثر قيمة مادية ومعنوية من الرياضيين ولكن الوهج الإعلامي وتسليط الضوء بشكل مباشر على المسابقات الرياضية أحدث هذه الفجوة وأعطى هذا الانطباع لدى عامة الناس ولكن في الحقيقة هناك مبدعون في شتى المجالات وحققوا جوائز عالمية مشهودة. * العقل السليم في الجسم السليم عبارة نشأنا عليها رغم خطئها فكم من شخصية عبقرية لا تملك جسدا سليما.. باختصار نريد منك عبارة بديلة من كل جيل المستقبل؟ * ليست على إطلاقها وأعتقد أن هذه المقولة لا أساس لها من الصحة فهي تفترض أنه إذا كان الجسم سليماً فإن العقل سيكون بالتالي سليماً وهذا افتراض خاطئ لأنه يعني أنه إذا كان الجسم سقيماً فإن العقل سيكون سقيماً أيضاً، وهذا خطأ علمي لأن صحة الجسم لا تؤثر على صحة العقل، وبالتالي قد نجد عقلا مبدعا متوهجا وخلاقا في جسم عليل، فالمعري كان أعمى ومع ذلك خلد لنا تراثا فكريا ضخماً، وطه حسين عميد الأدب العربي كان كفيفا أيضا، فلو كانت هذه المقولة صحيحة لازدهرت حضارة الأمم على أيدي أبطال ألعاب القوى وكمال الأجسام. ولذلك أعتقد أن العبارة البديلة لذلك هي: ينمو الجسد بالطعام والرياضة وينمو العقل بالمطالعة والتفكير، وأيضا الإنسان بلا عقل تمثال بلا روح. * هل ترى أن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ * نعم وينبغي أن نتعامل معها بحذر واهتمام بالغ كون الفئة المستهدفة بذلك هي من فئة المراهقين والشباب وذلك من خلال نشر الوعي الثقافي الرياضي بين الشباب، ونبذ التعصب الرياضي، وتنمية روح الفروسية والمنافسة الشريفة، وتقبل الرأي والرأي الآخر، والعمل على تربية الفرد جسدياً ونفسياً وسلوكياً وفكرياً، وتنمية مفاهيم الولاء والانتماء للوطن من خلال مشاركات المنتخبات والفرق السعودية في المنافسات الدولية والإقليمية، والاهتمام بالثقافة الرياضية وتنمية الاتجاهات الإيجابية لدى الجماهير من خلال البرامج الرياضية المتزنة، والرياضة لها دور كبير في بناء ثقافة المحبة والألفة بين شعوب العالم. * في نظرك هل الرياضة تفرق أم تجمع ولماذا؟ * المنطق أن الرياضة تجمع ولا تفرق لأنها تقرب بين الشعوب والمجتمعات وتساهم في غرس مفاهيم الانتماء وبث روح المنافسة الشريفة والأخلاق الرياضية الحميدة، ولكن للأسف ما نراه اليوم بعيد كل البعد عن هذه المفاهيم الجميلة فأصبح في الساحة الرياضية بعض المحسوبين على الإعلام الرياضي من يؤجج مشاعر التعصب ونشر الكراهية بين جماهير الأندية المتنافسة تحت مسمى الإثارة، مما أدى إلى تعميق الفرقة وخلق نقاط الخلاف بين الجماهير مما أثر على أداء منتخباتنا بل وصل الأمر إلى أن بعض الجماهير صار ولاؤها وانتماؤها للفرق والأندية المحلية أكبر من ولائها لمنتخباتنا الوطنية وهذا بلا شك كارثة وسلوك غير مقبول. * بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك؟ * أنا مهتم ومتابع للرياضة وخاصةً كرة القدم منذ بداية الثمانينات الميلادية وبدأ شغفنا بالرياضة مع توالي إنجازات منتخبنا الوطني في تلك الحقبة الزمنية ولذلك أعتقد أنها تأخذ حيزا مهما من وقتي قد تصل في بعض الأحيان إلى ما نسبته 35 %. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ * كانت في 2019م * لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ * من المسؤولين بالتأكيد الأمير نواف بن فيصل بن فهد، ومن اللاعبين ماجد عبدالله، ومحمد عبدالجواد. د. الهويل مشاركاً في الاحتفال باليوم الوطني الهويل مع ابنيه طارق وعمر د. راشد مع المشرفين على رسالته للدكتوراه الهويل خلال إحدى المحاضرات راشد في إحدى المناسبات الدكتور راشد الهويل