أطلق الرئيس جو بايدن حملته للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بخطاب الجمعة حذّر فيه من خطر سلفه ومنافسه المرجح دونالد ترمب، على الديموقراطية في الولاياتالمتحدة بعد ثلاثة أعوام من هجوم الكابيتول. وقدّم بايدن (81 عاما) الذي يتخلّف عن ترمب بهامش قليل في استطلاعات الرأي الأخيرة، منافسه الجمهوري على أنه تهديد للبلاد، في خطاب ألقاه قرب فالي فورج في ولاية بنسلفانيا، وهو موقع تاريخي في الولاياتالمتحدة إذ كان أحد المعسكرات الرئيسة للجيش خلال حرب الاستقلال. وأكد بايدن أن ترمب وأنصاره يتوسّلون "العنف السياسي". وقال إن "ترمب وأنصاره (من مؤيدي شعار +فلنجعل أميركا عظيمة مجددا+) لا يتبنون العنف السياسي فحسب، بل يجعلونه مادة للضحك". واتهم بايدن ترمب باستخدام خطاب "ألمانيا النازية"، قائلا إن الرئيس الجمهوري السابق "يتحدث عن دماء الأميركيين المسمومة، مستخدما بالضبط الخطاب نفسه الذي استخدم في ألمانيا النازية". وأكد الرئيس الديموقراطي في خطابه أن النضال من أجل الديموقراطية "قضية مقدسة"، حسبما أفادت وسائل إعلام أميركية. وقدّم الرئيس الديموقراطي الانتخابات على أنها خيار بين رجل "مهووس بالماضي" وبمصالحه الخاصة، في إشارة منه إلى ترمب، وآخَر لا يهمه سوى "أميركا" و"المستقبل". واعتبر بايدن أن ترمب "مستعد للتضحية بديموقراطيتنا من أجل الحصول على السلطة". وتحدث بايدن مطولا عن أعمال العنف في 6 يناير الذي قال عنه إنه "يوم محفور في ذاكرتنا إلى الأبد لأنه كان ذلك اليوم الذي كدنا فيه أن نفقد أميركا". في المقابل، اتهم ترمب الجمعة بايدن ب"إثارة المخاوف" بعد أن قارن الرئيس الديموقراطي خطاب الملياردير الجمهوري بخطاب "ألمانيا النازية". وقال ترمب لأنصاره في أيوا إن "سجلّ بايدن هو عبارة عن سلسلة متواصلة من الضعف وعدم الكفاءة والفساد والفشل... لهذا السبب نظّم جو المحتال في بنسلفانيا اليوم حملة مثيرة للشفقة لإثارة المخاوف". كذلك، قال المتحدث باسم ترمب، ستيفن تشيونغ، إن بايدن هو "التهديد الحقيقي للديموقراطية". واتهمه ب"استخدام الحكومة سلاحا لمهاجمة خصمه السياسي الرئيس" والتدخل في الانتخابات، في إشارة منه إلى الملفات القضائية التي يواجهها ترمب. كان مقررا أن يلقي بايدن خطابه السبت، أي بعد ثلاث سنوات من الهجوم على مبنى الكابيتول الذي نفّذه أنصار لترمب في محاولة لمنع المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية، لكن تقرر إلقاؤه الجمعة بسبب توقعات بوصول عاصفة. وغادر بايدن البيت الأبيض الجمعة في مروحية الرئاسة دون أن يدلي بتصريحات. وقالت رئيسة فريق حملة المرشح الديموقراطي جولي تشافيز رودريغيز إن خطاب بايدن الانتخابي قبل أربع سنوات والذي كان يقود بموجبه "معركة من أجل روح أميركا"، أصبح أكثر أهمية من أي وقت. وأوضحت في بيان أن "التهديد الذي شكّله دونالد ترمب عام 2020 على الديموقراطية الأميركية تصاعد خلال السنوات اللاحقة". تُعدّ المواقع التي اختارها بايدن لخطاباته رمزية، بدءا بفالي فورج حيث حشد جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة، القوات الأميركية التي قاتلت ضد الإمبراطورية البريطانية قبل حوالى 250 عاما. وقال كوينتين فولكس، نائب مدير الحملة "اخترنا فالي فورج لأن جورج واشنطن وحّد المستعمرات هناك. ثم أصبح رئيسا ووضع الأساس للانتقال السلمي للسلطة، وهو ما رفض دونالد ترمب والجمهوريون فعله". وتتواصل الاثنين الجهود لتعزيز حملة بايدن الذي يصوّر على أنه مدافع عن الديموقراطية، بزيارة كنيسة في ولاية ساوث كارولاينا حيث قتل أحد العنصريين البيض تسعة أميركيين سود بالرصاص عام 2015. مشهد مروّع تأتي هذه الرغبة في تسريع حملة بايدن بعد انتقادات من بعض الديموقراطيين الذين يعتقدون أنها بدأت بشكل بطيء جدا. ويواجه الديموقراطي عقبات عدة. فهو لم يتمكّن من إقناع الناخبين بأن الاقتصاد يتحسن رغم الأرقام الإيجابية، إذ لا يزال كثير من الأميركيين يعانون ارتفاع تكاليف الغذاء والسكن. كذلك، ما زالت الهجرة عبر الحدود المكسيكية مسألة شائكة مع انقسام في الآراء داخل حزبه بشأن دعمه الحرب التي تشنها إسرائيل على حماس، وفي وقت يعرقل الكونغرس محاولته إقرار حزم إضافية من المساعدات لأوكرانيا. كما أن رفض بايدن التحدث عن القضايا الجنائية المختلفة التي يواجهها ترمب، حتى لا يعطي انطباعا بأنه يؤثر في النظام القضائي، قد حرمه أيضا من أحد أسلحته الرئيسة المحتملة ضد الملياردير الجمهوري. لكن سنّ بايدن قد يكون نقطة ضعفه الرئيسية. وباعتباره أكبر رئيس للولايات المتحدة، تعرّض بايدن لسلسلة سقطات وأخطاء لفظية. ويتقدم ترمب على بايدن في عدد من استطلاعات الرأي الأخيرة، فيما حصل الديموقراطي في ديسمبر على أسوأ نسبة تأييد لرئيس حالي قبل سنة انتخابات. وقال وليام غالستن الخبير في معهد "بروكينغز إنستيتيوشن" لوكالة فرانس برس "إذا أجريت الانتخابات غدا، فإن الرئيس بايدن سيخسر". مع ذلك، يظهر خطابا بنسلفانيا وساوث كارولاينا أن حملة بايدن ستصوّر السباق إلى البيت الأبيض الآن على أنه خيار واضح بينه وبين الرئيس السابق الذي حوكم مرتين أمام الكونغرس بقصد عزله من السلطة. وتتعامل حملة بايدن مع ترمب باعتباره المنافس المفترض رغم واقع أن المعركة على ترشيح الحزب الجمهوري لن تبدأ حتى تفتتح ولاية أيوا في 15 يناير الانتخابات التمهيدية للحزب. ويستهدف الديموقراطيون أيضا ترمب بقضايا منها الحق في الإجهاض والرعاية الصحية. ويحذّر أول إعلان تلفزيوني لبايدن هذا العام من التهديد "الشديد" للديموقراطية ويظهر مشاهد للهجوم على الكابيتول. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار الخميس "كان مشهدا مروعا... سيواصل الرئيس التحدث عن ذلك وسيرفع الصوت بشأنه".