قبل عدة أيام، انتهت فعاليات مهرجان الرياض للمسرح في نسخته الأولى، في العاصمة الرياض، وتحديداً على خشبة مسرح جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن. وقد تحوّلت أروقة وممرات ومشاهد هذا الكرنفال المسرحي السعودي إلى عروض نقاشية وفنية بين نجوم الفن والمسرح العربي الذين دعوا للمشاركة في هذا المهرجان، وكم كانت الدهشة والإعجاب حاضرة في عيون تلك الكوكبة الشهيرة من الفنانين والمسرحيين العرب نتيجة ما شاهدوه من تطور كبير في الحركة المسرحية السعودية. تشهد المملكة العربية السعودية تحولاً كبيراً طال كل القطاعات والمجالات، وفق رؤية طموحة تحقق الكثير من ملامحها ومعالمها، ومازال للدهشة بقية لوطن رائع أصبح قبلة/وجهة كل العالم. ولقد شكّلت الثقافة بكل هيئاتها وتفاصيلها المتعددة والمتنوعة، محوراً مهماً وأساسياً من رؤية السعودية 2030، لتبدأ الانطلاقات والتطورات النوعية والحقيقية في مختلف أشكال وأوعية الثقافة كالأدب والنشر والمسرح والسينما والموسيقى والفنون التشكيلية والأدائية والاستعراضية. ولقد كان للمسرح وهو "أبو الفنون" النصيب الأكبر من هذه النهضة/الحركة الفنية السعودية التي أصبحت تُحقق المزيد من النجاحات والمكتسبات، بل وتحصد الإعجاب والاحترام من كل المشتغلين والمهتمين بعالم المسرح من داخل المملكة وخارجها. وحينما فُتحت "ستارة الدهشة" لمهرجان الرياض للمسرح في دورته الأولى والذي نظمته هيئة المسرح والفنون الأدائية في الفترة من 13 إلى 24 ديسمبر في مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في العاصمة الرياض، كان الأمر بمثابة "عرض مسرحي" باذخ وممتد لعقود طويلة من التجارب والخبرات ومسيرة حافلة من الإبداعات والإنجازات لأجيال من الرواد والمشتغلين بالمسرح الوطني السعودي. هذا الكرنفال المسرحي الملهم دشن الانطلاقة الحقيقية والنوعية لاكتشاف ودراسة الواقع المسرحي السعودي، ومثّل التتويج الموسمي للإنتاج المسرحي في مختلف مناطق المملكة. مهرجان الرياض للمسرح في دورته الأولى، كان أحد أجمل وأهم المختبرات والمجسّات النوعية والمركزة والتي ستكشف بشكل علمي ودقيق مستوى الإنتاج وواقع التطور المسرحي في المملكة. كثيرة هي الآمال والطموحات المعلّقة على هذا المهرجان المسرحي الكبير ليكون أحد أهم مرتكزات الصناعة المسرحية في المملكة ويُسهم في تمكين وتمظهر الحركة المسرحية في كل مناطق المملكة، إضافة لدوره الرائد في كشف المواهب الواعدة وتدريبها وصقلها ومتابعتها وزيادة الوعي المسرحي لعشاق وجماهير المسرح والكثير من المستهدفات والطموحات الأخرى التي ستؤسس لنهضة مسرحية مميزة في السعودية. لأكثر من 6 شهور وبعد 100 ليلة عرض مسرحي ومشاركة 20 فرقة مسرحية من مختلف مناطق المملكة وتأهل 10 فرق مسرحية للمنافسة على جوائز مهرجان الرياض للمسرح، كانت الدهشة والبهجة حاضرتين بكل معانيهما وتفاصيلهما على خشبة المسرح في ليلة إسدال الستار على منافسات شرسة بين العروض العشرة للظفر بجوائز هذا الكرنفال المسرحي السعودي الرائع. في مهرجان الرياض للمسرح، الكل فائز على خشبة أبي الفنون، ولكن الفائز الأكبر هو جيل الشباب الذي كان العنوان الأكبر لهذا المهرجان، فقد كان الشباب والشابات من هذا الوطن هم صنّاع هذا الإنجاز والإبداع.