تناول المفكر المغربي سعيد ناشيد في كتابه التداوي بالفلسفة كلمة الحكمة، كونها ترجمان للكلمة اليونانية المتعارف عليها وهي الفلسفة التي تُعني محبة الحكمة، فالفيلسوف هو من يبحث لإيجاد الحكمة في كل شيء في القدرية، والمصير، والأخلاق، وغيرهم. إذ أن الحكمة هي الحصول على إيجاد نقطة الحق في موضوعٍ يشغل بال الإنسان، هذا ما كان يريد إيصاله الكاتب، بأن الفلسفة ليست كما يظنها الأغلبية كعلمٍ نظري لا يسع لطالبها أن يحوّل معانيها المكتنزة إلى عملٍ في الواقع. بل هي جوهر كل شيء يسري في حياتنا، ألقى سعيد ناشيد في مقدمة الكتاب بضعة أسئلة على القارئ. بكيف سيبدو العالم شكله إذ أخرجنا منه اجتهاد الفلاسفة؟ بالتأكيد سوف تتقازم الحضارات التي تعتبر عاملا مهما في سعادة الإنسان. وفي هذا المنطلق ينوّه كاتبنا بأن الفلسفة تهتم بإسعاد الإنسان من خلال تعلّم الحكمة في ممارسته لموضوعات الحياة. أفكارنا هي تأويلاتنا نحو الحياة، ونحن نعيش الحياة كما نعتقده عنها، ويتجلى بها كل ما نؤمن به كحقيقة مطلقة، يستدل بذلك الكاتب بمقولة الفيلسوف الفرنسي آلان "إذا آمنت بأني سأسقط لا بدّ أن أسقط". يطرح سعيد ناشيد فكرته الأسمى، بأننا يمكننا الاستعانة بالفلسفة لتحسين طريقة تفكيرنا. فالفلسفة هي من تقوم بإنتاج المفاهيم التي تعتبر أدواتنا لفهم العالم، فأصل المشكلة ليست بوقائع الحياة، بل بتأويلاتنا عن تلك الوقائع إذ كانت تبتعد عن الحكمة. تطرق أيضًا للأمل بأنه أكذوبتنا الخالدة. قائلًا. "يكبر حجم اليأس كلما كبر حجم الأمل". لقد يتحرر الإنسان من مخاوفه وأوهامه وأحزانه في اللحظة التي يقرر فيها التخلّي عن آماله نحو أمر ما. كأن الأمل قيد، يقيدنا بجحيم الانتظار الذي ينسينا عيش حاضرنا واغتنام ما فيه من فرص. لقد استنتج ذلك الروائي اليوناني نيكوس في عبارته الشهيرة. "لا آمل شيئًا، لا أخشى شيئًا، أنا حر". وللفلسفة دور هام في تداوي اللحظة التي نقرر فيها التخلّي عن الأمل. لقد أنتج الفلاسفة مفهوم الاعتراف بانعدام الأمل بأنه قد يكون عامل إبداع وتحرّر وإثبات للذات. وكما تُعلّمنا الفلسفة كيف نفكر. تعلمنا أيضًا كيف نعيش بحكمة. يقول الكاتب في أثر ذلك. "فعندما نتألم نحتاج إلى الحكمة. وحين يستبد بنا الغضب نحتاج إلى الحكمة. وحين نخسر صحتنا بنحو لا رجعة فيه نحتاج إلى الكثير من الحكمة حتى لا نُعذِّب معنا الآخرين"، أخذ سعيد ناشيد بتعديل الكثير من المفاهيم المغلوطة الشائعة حول الحب، والمرض، والموت، والأقدار. كما أدرج عشر وصايا فلسفية، راجيًا من خلالها أن نعيش الحياة بأقل ما يمكن من الآلام. 1