البشر مختلفون في ألوانهم وأشكالهم وأطوالهم وقدراتهم وسلوكهم، وهذا الاختلاف نوعٌ من الثراء البشري المكنون الذي اختزنه الله سبحانه وتعالى. والاختلاف في السلوك تميز يهدف إلى الواقعية، والاختلاف كما هو معروف اختلاف في الرأي ومردّه التباين والتفاوت في الإدراك والتربية والثقافة، وهذا سلوك إيجابي وحضاري حين يقنع أحد الطرفين الطرف الآخر. ومن الطبيعي أن يحدث الاختلاف في كافة تفاصيل حياتنا اليومية سواء في البيت أو في الشارع والمدرسة والجامعة أو في الاجتماعات الرسمية وغير الرسمية وفي كل مكان يُوجد به الإنسان. ومن الطبيعي أن تبدي رأيك وهذه تسمى حرية الرأي، بحيث لا تتعدي حدود المعقول والقيم، ومن الطبيعي أن تستمع للرأي الآخر وإذا لم تفعلْ ذلك فهذا ضيق أفق وعدم ثقة للإنسان بنفسه، وحين تقول رأيك ولا تستمع للرأي الآخر فهذه دكتاتورية، أليس كذلك يا من يسلكون هذا الطريق؟ (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية) هذه قمة السلوك الإيجابي الذي نحن بحاجه له، لكن أتعلمون من قائل هذه العبارة من خلال بحثي وجدت احتمالين لا أعلم أيهما الصحيح؛ أحدهما: أن القائل هو الأستاذ الدكتور أحمد لطفي السيد، مفكر وفيلسوف مصر وصفه عباس العقاد «بأنه بحق أفلاطون الأدب العربي»، والاحتمال الآخر: العبارة أصلاً شطر بيت شعر ورد في مسرحية أمير الشعراء أحمد شوقي -رحمه الله- «مجنون ليلى». مرة أخرى الإنسان الإيجابي هو الذي يتمتع بالثقة بنفسه، يتعامل مع الآخرين دون قلق أو شعور بالذنب، وهو يحترم ذاته ويحترم الآخرين، ويتحمل مسؤولية أفعاله واختياراته، فلماذا يتهرب البعض من أن يكون إيجابياً ويرضى على نفسه أن يكون سلبياً أو دكتاتورياً. للأسف هناك من يفرض رأيه ويغضب حين يسمع من يعارضه وهذه قمة السلبية والخوف وعدم الثقة، الزوج الذي يقول لزوجه (لا)، وحين تسأله لماذا، يصدها ويغضبها ويريده أن تقول (حاضر)، المدير الإداري الذي يفرض رأيه على موظفيه ويصدهم ويسخر من أفكارهم وراءهم، إنه سلوك سلبي. هذان نموذجان، ولديكم الكثير من النماذج المميزة؛ نموذج العصف الذهني، وبرأيي الشخصي هو السبيل الوحيد في إيجاد الحلول والآراء حول الاختلاف بين الناس، هذا النموذج هدفه اختيار الخيار الصحيح الذي يرضي الجميع ويتفقوا عليه بغض النظر من هو صاحب الرأي. أتمنى أن يطبق العصف الذهني حيث يكون اختلاف في الرأي، فهو أفضل السبل للوصول إلى شاطئ الأمان. وحتماً الاختلاف يثري الموضوع المطروح لإبداء الرأي والأفكار تأتي من العصف الذهني وما يطفو على السطح إلا الصالح للتطبيق. معظم المشكلات تحدث هنا وهناك سببها الاختلاف في الرأي والتمسك بالرأي الخاطئ وعدم الأخذ بالرأي الصحيح والحجر على وجهة النظر المغايرة، فالثقة بالرأي والاعتزاز به مطلب إنساني وحضاري. همسة: (التعصب في التمسك في الرأي دليل عدم النضج الفكري).