أعلنت سوريا خروج مطاري دمشق وحلب عن الخدمة جراء عدوان إسرائيلي استهدفهما أمس الخميس. وقال مصدر عسكري، في بيان صحفي أمس أوردته وكالة الأنباء العربية السورية (سانا): بعد ظهر الخميس نفذ العدو الإسرائيلي بالتزامن عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ مستهدفاً مطاري حلب ودمشق الدوليين ما أدى إلى تضرر مهابط المطارين وخروجهما عن الخدمة". وأضاف المصدر "إن هذا العدوان هو محاولة يائسة من العدو الإسرائيلي تحويل الأنظار عن جرائمه التي يرتكبها في غزة، والخسائر الكبيرة التي يتعرض لها على يد المقاومة الفلسطينية. وقال التلفزيون السوري الرسمي إنه جرى اطلاق الدفاعات السورية ردا على الهجومين. وقالت إنه وقعت أضرار في مطار حلب لكن لم يسقط قتلى أو جرحى، ولم تقدم أي معلومات عن تأثير الضربة التي استهدفت مطار دمشق. وتشن إسرائيل منذ سنوات ضربات على ما تصفها بأهداف مرتبطة بإيران في سوريا، بما في ذلك على مطاري حلب ودمشق. وجاء الهجومان عشية زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لسوريا. على صعيد آخر أعلن الجيش الإسرائيلي، عن "شبهات تسلل من لبنان في المجال الجوي الإسرائيلي"، فيما انطلقت صفارات الإنذار في المدن، والبلدات الحدودية الشمالية لمناطق الاحتلال. وطلب الجيش، من سكان بلدات بيسان وصفد وطبريا الاختباء حتى "إشعار آخر" تخوفا من "هجوم واسع النطاق". وقالت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إنها "تقصف مدينة حيفا المحتلة" في شمال إسرائيل. وكان حزب الله اللبناني تبنّى في وقت سابق يوم الأربعاء الماضي، إطلاق صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي، رداً على مقتل ثلاثة من عناصره قبل يومين. وقال الجيش الإسرائيلي: إنه رد بضرب أحد مراكز المراقبة العسكرية التابعة للحزب في جنوبلبنان. إلى ذلك وصف قائد القوات الدولية العاملة في جنوبلبنان "يونيفيل" الجنرال أرولدو لاثارو، الوضع في منطقة عملياتها بالمستقر والمتقلب، مشيراً إلى أن هدف "يونيفل" هو المساعدة على تجنب المواجهة بين لبنان وإسرائيل. وقال لاثارو ، في بيان صحفي يوم أمس الخميس: إنه "على الرغم من الأحداث المثيرة للقلق في الأيام الماضية، فإن الوضع في منطقة عمليات يونيفيل لا يزال مستقرا، ولكنه متقلب، ومن حسن الحظ أن تبادل إطلاق النار بين الأراضي اللبنانية وإسرائيل لم يتصاعد إلى نزاع". وأضاف: "هدفنا الرئيس هو المساعدة على تجنب المواجهة بين لبنان وإسرائيل، وأي حدث يجعل النزاع أقرب هو مصدر قلق، ونحن نعمل على مدار الساعة لضمان عدم حدوث ذلك". وأشار إلى أن "حفظة السلام التابعين لنا يظلون في مواقعهم ويقومون بمهامهم، وقد قمنا بزيادة الدوريات والأنشطة الأخرى للحفاظ على الاستقرار، ونقوم بتنسيق هذا العمل مع القوات المسلحة اللبنانية". وتابع لاثارو: "لقد عملنا بنشاط مع السلطات على جانبي الخط الأزرق لتهدئة الوضع وتجنب سوء الفهم، ويواصل حفظة السلام عملهم الأساسي". وشهدت المنطقة الحدودية مع إسرائيل في جنوبلبنان توتراً أمنياً بين القوات الإسرائيلية ومقاومين فلسطينيين وآخرين تابعين ل"حزب الله"، خلال الأيام الماضية على خلفية الأحداث التي تحصل في غزة وإسرائيل. وعلى الطرف المقابل لمناطق الاحتلال، وأمام منزل عائلتها في جنوبلبنان، تحتسي شادية أبو خليل، القهوة مع والدتها، بينما يتردّد دوي قذائف في أرجاء البلدة، التي نزح الجزء الأكبر من سكانها على وقع تبادل القصف بين حزب الله وإسرائيل. وتقول أبو خليل، التي يقع منزلها في بلدة القليلة الساحلية، الواقعة على بعد 11 كيلومتراً من الحدود الجنوبية مع إسرائيل "لدي خمسة أولاد، المقيمون منهم في بيروت، ومن هم خارج لبنان يتصلون بي ويطلبون مني المغادرة". وتضيف "أكثر من ثلثي سكان البلدة غادروها بالفعل" على وقع القصف، الذي تقول إنه أعاد الى ذاكرتها تجربة الحرب المدمرة بين إسرائيل وحزب الله صيف 2006. وشهد محيط بلدة القليلة الواقعة في منطقة صور الثلاثاء إطلاق صواريخ من محيطها، وأعلنت كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، مسؤوليتها عنه. وردّت إسرائيل بقصف محيط البلدة ومناطق مجاورة. فيما أكد حزب الله الأربعاء، أنه استهدف موقعا اسرائيليا من أطراف بلدة الضهيرة المجاورة، ردت عليه قوات الاحتلال بقصف كثيف أوقع ثلاثة جرحى مدنيين. ومنذ الأحد، يتبادل كلّ من حزب الله وإسرائيل القصف، غداة تنفيذ حركة حماس هجوماً غير مسبوق على إسرائيل. وأثار هذا التوتر مخاوف سكان البلدات الحدودية من تداعياته، ودفع بالمئات منهم الى النزوح. وتقول أبو خليل، بينما يدوي القصف في محيط بلدتها "إلى أين نذهب؟.. ليس سهلاً أن تترك بيتك". وتتابع "الناس في حالة من الضياع والحيرة، من ترك البلدة لا يزال عقله هنا". واختبر سكان البلدات الحدودية التي كانت تحت الاحتلال من قبل إسرائيل على مدى 22 عاما، حتى انسحابها عام 2000، تجربة النزوح مراراً خصوصاً خلال حرب يوليو 2006. من جهة أخرى يجلس بلال صالح (32 عاماً) في مقهى صغير في البلدة، ويتصفّح على هاتفه الخلوي الأخبار العاجلة التي ترد تباعاً. ويوضح الشاب وهو أب لطفلين أنه آخر من تبقى من أفراد عائلته داخل "القليلة"، بعد مغادرة شقيقيه وعائلاتهما. ويقول "لم يبق أحد هنا (...) ملأ الناس سياراتهم بالبنزين، وضعوا أطفالهم وحاجياتهم وغادروا على عجل" بعدما "تركوا كل شيء خلفهم". ويشرح "لم أر مشهداً مماثلاً إلا خلال حرب (يوليو). كل من غادر يخشى اليوم على أولاده، لا على نفسه". وخلال حرب 2006، فرغت المناطق الحدودية، وكذلك الضاحية الجنوبيةلبيروت، معقل حزب الله، من سكانها الذين توجهوا الى مناطق بقيت بمنأى عن القصف الإسرائيلي في بيروت والجبل. وتوجه كثر الى سورية المجاورة، التي تشهد منذ 12 عاماً نزاعاً مدمراً. إلا أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ أربع سنوات، تحد كثيراً من قدرة الناس على النزوح، وحتى على استضافة مناطق أخرى للنازحين، في حال اندلاع مواجهة عند الحدود. لا تملك كاملة أبو خليل، والدة شادية، وسيلة نقل، لكنها جهّزت حقيبتها استعداداً لنزوح طارئ. وتقول السيدة البالغة 72 عاماً: "ليس لديّ سيارة تقلني"، ولا قدرة على تحمّل كلفة النقل. وتروي كيف اضطرت أن تقف على قارعة الطريق في الليلة السابقة، لتستقل سيارة نقلتها إلى بلدة قريبة أكثر أماناً، قبل أن تعود أدراجها صباحاً. وتوضح "لو كان لدينا مال أو سيارة، لذهبنا إلى منزل أحد أقاربنا في صيدا أو صور"، في إشارة لمدينتين ساحليتين، قبل أن تضيف بحسرة "نحن مرهقون، لقد تعبنا".