في أبريل 2020م التقى وفد كبير من مسؤولين أجانب، ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ومجموعة من المسؤولين السعوديين في الرياض، انعقد الاجتماع في مكتب سموه، وبعد ظهور صورة للاجتماع عبر وسائل التواصل الاجتماعي السعودية، لاحظ المحللون وجود أحد التفاصيل الرئيسة التي جعلته اجتماعًا مميزًا عن باقي الاجتماعات، حيث اختفت الصور الرسمية للملك سلمان والملك عبدالعزيز بن سعود والأمير محمد بن سلمان التي عادة ما يراها المرء في هذه الأنواع من الاجتماعات، وبدلاً عن ذلك، ظهرت لوحة للفنانة التشكيلية والخطاطة السعودية لولوة الحمود معلقة على أحد الجدران القريبة من مكان جلوس سمو ولي العهد. لولوة الحمود هي الفنانة السعودية الحاصلة على جائزة الفنون البصرية ضمن الجوائز الثقافية الوطنية لعام 2022م، وتتميز أعمالها بالعناية بالقوانين الهندسية وعلاقتها بالأبعاد. وتدور مواضيع لوحاتها حول إبراز جماليات الخط العربي، فهي متمكنة من تطويع الحرف العربي في عوالم الفن المعاصرة، ولم تكتف الحمود بالموهبة، بل عززتها بدراسة الماجستير في جامعة سانت مارتن وكان موضوع بحثها الخط العربي وتطوره منذ بدايات عصر الإسلام حتى العصر الحالي. وبعد ظهور لوحة الحمود في مكتبه، واصل سمو ولي العهد في تقديم دعمه للفنانين السعوديين، وأصدر توجيها إلى جميع الهيئات الحكومية والوزارات بشراء الأعمال الفنية المنفذة بأيدٍ سعودية فقط وتنسيق جميع عمليات الشراء مع وزارة الثقافة. واستمر عرض الأعمال الفنية بوضوح في الصور الرسمية المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بين الفنانين الذين ظهرت أعمالهم الفنية في هذه الصور زمان جاسم وفهد خليف ووداد الأحمدي. يتماشى هذا الإطار مع رؤية المملكة 2030 وهي خطة ولي العهد متعددة المراحل لتقليل اعتماد البلاد على إنتاج النفط. حيث تسعى إلى الترويج للقوى الناعمة التي تشمل الإعلان والترفيه والسياحة والفنون بأنواعها (الأفلام والموسيقى والأوبرا والأدب والشعر والتلفزيون وعروض الكوميديا الارتجالية والمسرح والفن التشكيلي). ومما لا شك فيه أن عام 2017م جاء ليطلق العنان لإبداع الفنانات السعوديات؛ هذا العام الذي منحت فيه الحكومة السعودية كافة الحقوق للمرأة السعودية أسوة بمواطنها الرجل. وفي هذا الأمر عبرت الفنانة السعودية منال الضويان عن أحد الهموم السابقة للمرأة السعودية، هذه الفنانة التشكيلية السعودية التي تستخدم تقنيات مختلفة في أعمالها مثل الرسم والأكريليك والزجاج والفسيفساء لبناء مجسمات فنية؛ تستلهم أعمالها من تجاربها الشخصية والمجتمعية، وتعكس قضايا متعددة مثل الهوية والتراث والمرأة في المجتمع والاستدامة. شاركت منال في العديد من المعارض الفنية داخل وخارج المملكة العربية السعودية، ولعل أهم أعمالها هو مجسم الحمائم البيضاء بختم تصريح السفر. ثم نجد الفنانة التشكيلية فاطمة النمر، تترك بصمة خاصة في أسلوب الرسم، حيث يظهر دائمًا وجه امرأة في لوحاتها، وهو وجهها شخصيا، وهي بذلك ترسل رسالة للعالم: "هذا أنا، امرأة ذات وجه، امرأة ذات صورة وصوت وعقل"، والتقنيات التي تستخدمها فاطمة جميعها لها دلالات، فهناك دائمًا خربشة على الوجه إذا كان مكشوفًا بالكامل، أو طمس لجزء من ملامحها، كطمس العينين، أو نصف الوجه، وفي هذا رمزية لرفض المجتمع لكشف الوجه، سواء كان ذلك غيرةً أو خوفًا أو تسلطًا، حسب قراءة لوحات النمر، نفهم معارضة "داخل الرسمات" لهذا الموضوع، والجدير بالذكر أن المرأة في لوحات النمر دائمًا تظهر مرتدية الزي السعودي التقليدي، وهذا يرمز إلى أنها لا تريد الخروج عن المجتمع والعادات والهوية السعودية، هي فقط تقول: دعوني أتنفس بشكل طبيعي. والفنانة فاطمة تؤمن بغزارة التنوع في الثقافة السعودية، وتلهمها الفكرة الإنسانية أيا كان مصدرها، قصة، قصيدة، رواية، أو حدث معين. تستمد أفكارها من تلك المصادر وتفسرها بطريقتها فيما تسميه مشروع، وهو مجموعة أعمال لموضوع معين، مثل مجموعتها عن ابن الرومي التي أسمتها: مجموعة الورد، التي تحكي للمشاهد قصة الشاعر الممتدة بين العطاء وبين الحصاد، ومتأثرة بفترة الحظر المنزلي في زمن الكورونا قدمت فاطمة مجموعة أعمال أسمتها: الحب في زمن كورونا. وهكذا نجد الفنانة السعودية متمكنة وقادرة وموهوبة وتعبر عن حالاتها وحالات كل النساء في المملكة حسب الوضع الاجتماعي والنفسي والصحي المحيط بها، وكما هو ظاهر للعيان نحن نحيا فترة ذهبية للفنون برعاية وزارة الثقافة وولاة الأمر "حفظهم الله". الفنانة لولوة الحمود