يجسد الدكتور هاني نجم، جرّاح الأطفال السعودي المختصّ في عيوب القلب، ثقافة الابتكار المستمر التي يتبناها مستشفى كليفلاند كلينك في رعاية المرضى. وأسهمت الجراحات المبتكرة التي أجراها الدكتور نجم في إنقاذ حياة الكثير من الأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال بالولايات المتحدة. ونجح الدكتور نجم، رئيس قسم جراحة القلب الخلقية للأطفال والكبار في كليفلاند كلينك، في أحدث إنجازاته بتطوير منهجية مبتكرة لتحويلة مزدوجة لإعادة إمداد الأوعية الدموية لقلب رضيعة، والتي أسهمت في علاج مشكلة تدفق الدم وألغت الحاجة إلى زراعة قلب مستقبلاً. ونُشرت تفاصيل هذه الحالة مؤخراً في "مجلة جراحة الصدر والقلب والأوعية الدموية" (The Journal of Thoracic and Cardiovascular Surgery)، وكانت لرضيعة وُلدت بحالة طبية نادرة تُعرف باسم "رتق الرئة مع سلامة الحاجز البطيني مع دوران تاجي معتمد على البطين الأيمن". وكان الجانب الأيمن لقلب الرضيعة صغير جداً، كما أن بنية قلبها التي لا تساعد في حصول القلب على قدر كافٍ من الدم المؤكسج زادت من تعقيد حالتها. ويجب تزويد الرضع في مثل هذه الحالات بأنبوب داخلي حتى يحين موعد إجراء زراعة قلب. لكن سرعة التفكير لإيجاد حل، والاستراتيجية المبتكرة ثنائية المراحل المشتملة على استخدام أنابيب لتصحيح تدفق الدم، ساعدتا في استقرار حالة الرضيعة. وخضعت الرضيعة إلى جراحتين بفاصل زمني بينهما يبلغ ستة أشهر، وتجري مراقبتها حالياً من قبل الدكتور نجم وفريقه وذلك قبل خضوعها لعملية ثالثة وأخيرة تُعرف باسم عملية "فونتان. ويسهم هذا الإجراء المبتكر والناجح في إحداث تغيير جذري في أسلوب التعامل مع الحالات المماثلة، وقد يصبح المعيار الجديد للرعاية الطبية، إذ يمكنه مساعدة المرضى الآخرين المصابين بنفس الحالة على تجنب الحاجة لزراعة قلب، أو العيش بدون مساعدة ميكانيكية إلى حين توفر قلب لزراعته. وقال الدكتور نجم في سياق تعليقه على أهمية هذا الإجراء الطبي: "إن رحلة زراعة القلب مليئة بالصعوبات، كما أن مخاطر تفاقم أضرار الشريان التاجي تكون مرتفعة خلال فترة انتظار إجراء الزراعة. إلى جانب ذلك، فإن عمليات زراعة القلب مكلفة، ويعد الحصول على أعضاء لزراعتها وخاصة للأطفال من أبرز عقباتها، أضف إلى ذلك أن زراعة القلب لا تندرج ضمن خيارات العلاج المتاحة في العديد من الدول. وكلنا أمل بأن يسهم هذا الإجراء الجديد في إلغاء الحاجة إلى زراعة القلب، وتحقيق نتائج أفضل على المدى الطويل من خلال تحسين تدفق الدم في الشرايين التاجية بالاعتماد على البطين الأيمن". ثقافة الابتكار في كليفلاند كلينك وأكد الدكتور نجم أن الحاجة أم الاختراع، مبيناً أنه يمكننا تحديد المفاهيم الجديدة الخاصة بالإجراءات الطبية المبتكرة من خلال العمل مع فريق كبير من الجراحين الخبيرين المخضرمين والعاملين في المراكز الطبية القلبية الحديثة. وأضاف في هذا السياق: "الابتكار ليس حالة فردية، بل هو نتاج للخبرة المكتسبة من التعامل مع الحالات المتعددة على مدى أعوام طويلة، كما أنه ثمرة للتفكير العميق في الحلول الممكنة. يشهد الابتكار ازدهاراً ملحوظاً في بيئات داعمة مثل كليفلاند كلينك التي توفر الظروف المناسبة للخبراء لتشارك معارفهم وآرائهم، وتشجعهم على الابتكار بهدف دفع عجلة تقدم الطب والأبحاث بما يعود بالنفع على جميع المرضى". وتجدر الإشارة إلى أن مستشفيات كليفلاند كلينك تستقبل سنوياً آلاف المرضى من جميع أنحاء العالم والذين يأتون طلباً للرعاية الطبية المتخصصة في أمراض القلب والأعصاب والسرطان وغيرها.