بعد ملحمة كبرى، وبجيش صغير الحجم كبير العزم، تحقق النصر بعد اأن دارت معركة ضارية بقلعة المصمك، وبقتال متلاحم حتى الموت، تجلّت فيه الشجاعة والكفاءة الحربية، أذهلت هذه الملحمة المؤرخين والمفكرين وأضافت درساً تاريخياً مستفاداً في كيفية إدارة الحملات الحربية وتكوين الدول وتحقيق الأحلام العظيمة تمكن على إثرها البطل الملك عبدالعزيز -رحمه الله- في صبيحة الخامس من شوال عام 1319ه الموافق 15 يناير 1902م، من استعادة الرياض عاصمة أسلافه، والانطلاق بحزم وعزم لا يلين لتوحيد البلاد والعباد. وبعد كفاح بطولي متواصل لأكثر من 30 عاماً وبجهود وتضحيات لا تعرف الكلل والملل، تكللت بنجاح قياسي وتاريخي بتوحيده للوطن السعودي الكبير الأشبه بالقارة، بإنجاز عظيم غير مسبوق، تحقق بموجبها أطول وأعظم وحدة عربية بالتاريخ المعاصر. وقد تم إصدار أمر ملكي بعد توحيد المملكة وتسميتها المملكة العربية السعودية، اعتباراً من يوم 21 جمادى الأولى 1351، الموافق 23 سبتمبر 1932. ويعتبر هذا التاريخ فارقاً ومميزاً في ذاكرة الشعب السعودي، لما له من دلالات كبرى مؤثرة ومحفزة في نفوس السعوديين، وها نحن نحتفل اليوم بالذكرى ال93 لهذا اليوم السعيد، والذي يوافق 23 سبتمبر 2023. وعندما نحتفل بهذا اليوم الوطني المجيد، نتذكر دوماً الأهداف السامية من هذا الاحتفال، وهي التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية وحب الوطن خصوصاً لدى النشء والأجيال الشابة، وتعزيز الولاء للقيادة والانتماء للوطن. والأقوال المأثورة بحب الوطن كثيرة ومن أهمها قول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في حب مكةالمكرمة وتعلقه بها كثيراً عندما قال: «ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك». كما قال صلى الله عليه وسلم في حبه للمدينة المنورة: «اللهم حبب إلينا المدينة، كما حببت إلينا مكة أو أشد». وأفضال وطننا السعودي كبيرة ومتعددة، ومن أهمها نعمة الأمن والأمان، والأمن في الأوطان مطلب الكثير من الناس، وأول مطلب طلبه إبراهيم عليه السلام من ربه سبحانه وتعالى، هو أن يجعل هذا البلد آمناً، قال تعالى «وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً»، بهذه الآية تأكيد لأهمية تحقيق الأمن، حتى تتحقق العبادة على الوجه الصحيح، والإنسان في حالة الفتنة والقلاقل يشغله الخوف عن عبادة ربه. والوطن هو حب وانتماء وولاء، هو وفاء ودفاع، وهو تضحية وتقديم، ومجابهة الصعوبات والتحديات وتحقيق الطموحات، وعندما نحارب وندافع بكل قوتنا وجهدنا فإننا نستحق الوطن. تاريخ بلادنا المشرف وإنجازاته ماضياً وحاضراً، يجعلنا نحبه ونفخر ونعتز به ونرفع رؤسنا عالياً أمام الجميع. وفي هذا اليوم يتباهى الشعب السعودي بوطنهم وسيادته ووجوده ضمن الدول الكبرى المؤثرة في مسار الأحداث وصنع الحاضر والمستقبل، وصنع القرارات السياسية والاقتصادية العالمية والأمثلة كثيرة في هذا الشأن؛ (ومنها اتفاقية الممر الاقتصادي التي عقدت بمؤتمر قمة العشرين مؤخراً، الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا والذي يمر عبر المملكة كدولة محورية بهذا المشروع الحيوي). إن هذا اليوم يذكر السعوديين بالعز والانتصار والسؤدد والريادة، ويذكرنا بتضحيات وجهود الأجداد الذين بذلوا الغالي والنفيس لكي يبقى الوطن عزيزًا شامخاً، وكذلك نتذكر الجنود والرجال الذين قدموا أرواحهم فداء لهذه الوطن. ومن ليس له تاريخ ليس له حاضر أو مستقبل، وطننا له تاريخ مجيد صنعه رجال عظماء، قدموا أرواحهم ليبقى الوطن شامخاً رغم أنوف الحاقدين، وها نحن نكمل مسيرتهم بكل ما أوتينا من قوة وجهد. كلنا فخر واعتزاز بما تعيشه بلادنا حاليًا، من نهضة عملاقة فاقت كل التوقعات، في ظل قيادتنا الرشيدة التي تسابق الزمن لرفع مكانة المواطن السعودي والوطن إلى الريادة العالمية بكل مجال، وكل أحلامنا وأمانينا سوف تتحقق برؤية 2030 الطموحة التي تربط بين عراقة الماضي وازدهار الحاضر وإشراقة المستقبل. وبلادنا -ولله الحمد- أصبحت أنموذجاً لكل دول العالم بالتقدم والأمن والأمان والازدهار، وأصبحت السعودية العظمى، ونقولها بكل فخر واعتزاز أصبحت تمثل: عزة وعزاء لكل من خذلتهم الحياة وظروف أوطانهم الصعبة، من بلاد العرب والمسلمين وبلاد العالم أجمع، ووجد الكثير منهم الملاذ الآمن والعمل والحياة الكريمه بهذا الوطن العظيم. والسعودية دوماً تتجه لها أنظار العالم، فهي دولة محورية ولديها مزايا جيوسياسية مهمة وأصبحت في موقع القوة والتأثير على مستوى العالم، بوجود قيادتنا العظيمة التي وظفت جميع مزايا ومقومات الدولة للحصول على المكانة العالمية. دامت أيام الوطن المجيدة، ونسأل الله الحي العظيم أن يحفظ ويوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، وأن يحفظ بلادنا من شر المعتدين وكيد الكائدين. وكل عام والوطن بألف خير.