في جلسة الشورى ال(34) التي عقدها يوم الاثنين التاسع من شهر ذي القعدة الماضي أقر المجلس ما خلصت إليه دراسة لجنة التجارة والاستثمار الشوريّة للتقرير السنوي للهيئة العامة للمنافسة للعام المالي 43-1444 وجاءت قرارات الشورى لصالح الحد من مخالفات الاتفاق بين المنشآت سواءً على أسعار السلع أو تقاسم الأسواق من خلال دراسة الأدوات التشريعية والرقابية اللازمة للكشف عنها والعمل على تفعيل تلك الأدوات، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وأكد أن على الهيئة تطوير برنامج الامتثال الذاتي للمنشآت وآليات تنفيذه تقنياً لرفع مستوى الامتثال لنظام المنافسة ولائحته التنفيذية ونشر الوعي ودعم الرقابة وتعزيز الشفافية والنزاهة، ودعا الشورى إلى دراسة تطوير التكامل والمواءمة بين قطاعي المنافسة وحماية المستهلك بما ينسجم مع أعلى المعايير والقواعد لحماية المستهلك وفق أفضل التجارب والممارسات الدولية. عقوبات المنشآت المخالفة ل«المنافسة» لا تشمل أصحاب القرار فيها تقاسم الأسواق وبشأن القرار الذي يستهدف الحد من مخالفات الاتفاق بين المنشآت سواءً على أسعار السلع أو تقاسم الأسواق، فبينت لجنة التجارة والاستثمار أن الهيئة تقوم بجهود كبيرة في سن التشريعات والتنظيمات اللازمة لتحقيق المنافسة العادلة في الأسواق ومنح الفرص للجميع في سبيل تحقيق تنمية اقتصادية فاعلة، وأكدت اللجنة أن المخالفات لأنظمة المنافسة تعتبر أحد أهم الأسباب المعيقة لتحقيق عدالة المنافسة في الأنشطة المختلفة والقطاعات المتعددة، حيث بلغ مجموع مبالغ الغرامات المالية في مخالفات نظام المنافسة بحق المخالفين لأنظمة الهيئة لعام التقرير مبلغاً قارب (90) مليون ريال بانخفاض نسبته (11,3%)، وتشمل هذه المخالفات خمسة قطاعات فقط الصحة والأغذية وقطاع الخدمات والمقاولات وتقنية المعلومات وقطاع المياه، وقد أصدرت الهيئة (147) شعاراً بتحصيل غرامات مالية نتيجة لمخالفات نظام المنافسة بارتفاع نسبته (194)، وفي ظل ازدياد الأنشطة التجارية وتعدد القطاعات وتنوعها واحتمال زيادة المخالفات سعياً من ملاك هذه الأنشطة لزيادة الأرباح عبر عدة أساليب من أهمها الاتفاق على أسعار السلع وتقاسم الأسواق فيما بينهم. قطاع الاسمنت يخالف وأشار تقرير لجنة التجارة والاستثمار إلى أن الهيئة أعلنت تلقيها عدداً من الشكاوى حول قيام عدد من المنشآت العاملة في قطاع الأسمنت بمخالفة نظام المنافسة ولائحته التنفيذية عبر الاتفاق فيما بينها على التحكم في الأسعار وتقاسم الأسواق، وهو ما تحظره الفقرة (1) من المادة الرابعة من نظام المنافسة، وعلى أثره أصدر مجلس إدارة الهيئة قراره بالموافقة على تطبيق الغرامات المقررة على هذه الشركات، وتُشكر الهيئة على تطبيق الغرامات على المنشآت المخالفة، ولكن يلاحظ أن الفترة الزمنية من اكتشاف المخالفة حتى صدور القرار بالمخالفة وتطبيقها يمتد أحيانا إلى عدة سنوات؛ وهذا يؤثر سلباً على فاعلية القرار والحد من أثر المخالفة على المستهلك، لذا ترى اللجنة أهمية قيام الهيئة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لإيجاد آليات فاعلة تُسهم في تقليص المدة الزمنية آنفة الذكر، ولاشك أن هذه الأساليب تحد من دخول منافسين جدد وأيضاً تعمل على عدم استمرار بعض الانشطة وتؤثر على عدالة المنافسة وزيادة الأسعار على المستهلكين، وكذلك تأثيرها على النمو الاقتصادي بشكل عام. العقوبات لا تشمل الضالعين. وفي ظل هذه التحديات ووفقاً لنظام المنافسة فإن المخالفات والغرامات يتم تطبيقها بحق المنشآت بصفتها كيانات معنوية وهذا شيء جيد ويحقق جزء من الهدف لتحقيق عدالة المنافسة، ولكن لا تشمل هذه المخالفات والعقوبات أصحاب القرار في هذه المنشآت خصوصا الضالعين بشكل رئيس في المخالفة وهي من المبادئ المطبقة في بعض أجهزة المنافسة عالمياً، إضافة إلى ذلك، هناك توسع مضطرد في المنشآت ذات الطابع الافتراضي في القطاعات المختلفة مثل التجارة الإلكترونية والتطبيقات وغيرها من القطاعات الأخرى، وفي ظل هذا التنوع في القطاعات التجارية والصناعية وتناميها وكثرة المخالفات وتنوع أساليبها ولتحقيق المنافسة العادلة، لذا جاء قرار مجلس الشوى لضرورة دراسة فعالية الأدوات التشريعية والرقابية لكشف المخالفات والحد منها خصوصاً أساليب الاتفاق بين المنشآت سواء على أسعار السلع أو تقاسم الأسواق، والتنسيق في ذلك مع الجهات الرقابية. قرارات الشورى تدعم ضمان عدالة المنافسة في نظام المشتريات الحكومية برنامج الامتثال الذاتي وفي مبررات قرار تطوير هيئة المنافسة لبرنامج الامتثال الذاتي للمنشآت وآليات تنفيذه تقنيا؛ لرفع مستوى الامتثال لنظام المنافسة ولائحته التنفيذية ونشر الوعي ودعم الرقابة وتعزيز الشفافية والنزاهة، بينت لجنة التجارة والاستثمار أن مكافحة الفساد ودرء مخاطره وآثاره المدمرة جاءت ضمن مضامين الخطاب الملكي الكريم من السنة الثالثة للدورة الثامنة 1444، وقالت بما أن الفساد يمثل العدو الأول للتنمية والازدهار، فإن نشر الوعي وتعزيز الشفافية والنزاهة من أهم الأهداف الاستراتيجية لخلق بيئة أسواق منافسة ومستدامة، ورغم الجهود المميزة للهيئة العامة للمنافسة في هذا الصدد، ترى لجنة التجارة والاستثمار في الشورى أن الاستدامة في منافسة الأسواق يجب أن تكون من طرفين، فما تقوم به الهيئة من جهود مشكورة من طرف واحد، ويجب على المنشآت الحكومية والقطاع الخاص كطرف آخر تعزيز مفهوم الامتثال للقوانين والأنظمة للمنافسة ورفع الوعي لمخاطر عدم الامتثال، وتبني الامتثال بشكل كلي لجميع منسوبي المنشأة بداية من مجلس الإدارة التنفيذية وكافة الموظفين لضمان حماية المنشأة وموظفيها من مخاطر وعواقب عدم الامتثال، ويُعد السوق السعودي أحد أكبر الأسواق إقليمياً بتعدد منشآته كماً وحجماً واختلاف قطاعاته، الأمر الذي يتطلب تطوير آليات جديدة - ومنها التقنية - ومتنوعة للرقابة والامتثال وترى اللجنة أن للهيئة دور رئيس ضمن استراتيجيتها في هذا الصدد، لرفع مستوى الامتثال ونشر الوعي وتعزيز الشفافية بالعمل على تطوير آليات وأدوات داعمة لتطبيق مفهوم الامتثال الذاتي للمنشآت. الحماية من التلاعب والغش ويأتي مجال المنافسة لخلق بيئة منافسة عادلة ليتكامل مع مجال حماية المستهلك بوجود خيارات متعددة ومتنوعة من السلع والخدمات في سوق يتصف بحماية من التلاعب والغش وبذلت الهيئة العامة للمنافسة ووزارة التجارة خلال الفترات الماضية جهود حثيثة لتطوير التشريعات والآليات الرقابية والإجرائية لتعزيز المنافسة العادلة في سبيل حماية المستهلك، فعلى سبيل المثال، أشارت المادة الثانية من نظام المنافسة إلى هدف حماية المنافسة عادلة وتشجيعها، ومكافحة ومنع الممارسات الاحتكارية التي تؤثر على المنافسة المشروعة أو على مصلحة المستهلك، بما يؤدي إلى تحسين بيئة السوق وتنمية الاقتصاد، وأوضحت وزارة التجارة بدعوة العموم إلى إبداء آرائهم ومقترحاتهم حيال مشروع نظام حماية المستهلك الذي تعمل عليها حالياً - بأنها أعدت مشروع نظام حماية المستهلك بهدف حماية وتعزيز حقوق المستهلكين في المملكة، وقد تم ذلك بعد دراسة الوضع الراهن للسوق والتعاملات والاستفادة من أفضل التجارب والممارسات الدولية، لوضع إطار تنظيمي يعالج التحديات ويتوافق مع المعايير والقواعد الدولية لحماية المستهلك، ومع التكامل والارتباط الوثيق بين المنافسة وحماية المستهلك، تأتي أهمية القيام بدراسة أفضل الممارسات العالمية في التنظيم الإداري لهيكلة مجالي المنافسة العادلة وحماية المستهلك وتفعيل ما يتناسب مع السوق السعودي من جهة والحراك التنموي بهيكلة الأجهزة الحكومية من جهة أخرى. وعلى تقارير سابقة لهيئة المنافسة طالب مجلس الشورى خلال جلسته العادية الثامنة من أعمال السنة الثانية للدورة الثامنة التي عقدها الثلاثاء الرابع من شهر ربيع الآخر عام 1443 برئاسة رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الهيئة للمنافسة بالعمل على تطوير إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية بما يضمن عدالة منافسة القطاع الحكومي -الجهات التي تتضمن في تنظيماتها إمكانية تقديم خدمات بأسلوبٍ تجاري - أو الشركات المملوكة للدولة من جهة، ومنشآت القطاع الخاص من جهةٍ أخرى وذلك بالتنسيق مع وزارة المالية والجهات ذات العلاقة، كما تضمن قرار المجلس قيام الهيئة بتكثيف جهودها في رفع مستوى المعرفة حول المنافسات والمشتريات لكلٍّ من العاملين المسؤولين عن المنافسات والمشتريات في القطاع الحكومي وتطوير مهاراتهم؛ لتمكينهم من اكتشاف الدلائل على وجود إخلال بالمنافسة العادلة، ورجال الأعمال والمسؤولين في القطاع الخاص، وذلك بإصدار دليلٍ معتمدٍ يتضمن كافة الممارسات التي ينطوي عليها إخلال بنظام المنافسة، كما تضمن قرار المجلس المطالبة بأن تقوم الهيئة بدراسة سوق الألبان؛ للتأكد من ضمان عدم الإخلال بالمنافسة بحق صغار المنتجين. حماية وتشجيع المنافسة العادلة ودعا مجلس الشورى الهيئة في قراره إلى إعداد دراسة للتشريعات والتنظيمات ذات العلاقة بحماية وتشجيع المنافسة العادلة وحوكمة أعمالها الرقابية، بما يضمن عدم تداخل المهام والاختصاصات بين الهيئة والجهات الحكومية ذات العلاقة؛ للمحافظة على البيئة التنافسية، وهي توصية إضافية من مضمون توصيتين إضافتين مقدمتين من عضوي المجلس الأستاذ أسامة الربيعة، والأستاذ هزّاع القحطاني، وتبنّت اللجنة مضمون التوصيتين ودمجتهما في توصيةٍ واحدة، وطالب مجلس الشورى الهيئة العامة للمنافسة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لحماية المنافسة العادلة وتشجيعها بين المنشآت التي تستخدم عمالة أجنبية مكثفة ورخيصة والمنشآت التي توظف السعوديين بنسبة كبيرة، وقال: إن على الهيئة نشر نسب مؤشرات التركز الاقتصادي والتركز السوقي، والعمل على دراسة قياس أثر احتكار القلة في المملكة على الرفاه الاقتصادي ومحدودية الخيارات المتاحة للمستهلك، وطالب المجلس الهيئة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، للحد من العوائق التي تمنع دخول الشركات إلى السوق، وتحد من المنافسة العادلة، والعمل على تسهيل ربط البيانات بينها وبين الجهات الحكومية ذات العلاقة، للحصول على المعلومات بكفاءة عالية، ورفع مستوى جودة مخرجات الدراسات القطاعية. د. عبدالله آل الشيخ أسامه الربيعة هزاع القحطاني