هل يمكن أن نصل إلى مرحلة الخلود الإلكتروني، وما معنى أن يخلد الشخص افتراضيا؟ ربما يبدو هذا السؤال شاطحاً ويناقش ما عجز عنه الفلاسفة والكيميائيون عبر التاريخ من العثور على إكسير الحياة أو ترياق الخلود الذي يستبقي مرحلة الشباب ويتحدى الموت، إلا أن الخلود الإلكتروني بات أقرب للواقع أكثر من أي وقت مضى، ويحقق جانبا صغيرا من حلم الخلود. وإذا كان الذكاء الاصطناعي أظهر هذه القدرة المذهلة على التعلم والتشكل فإن المستقبل يحمل إمكانية أن تخلد إلكترونيا عبر تدريب نسخة افتراضية منك، تتعلم على مدى سنوات طويلة طريقة تفكيرك وردود أفعالك، ما تحب وما تكره، قناعاتك ومبادئك وأسلوبك في حل المشكلات حتى تصبح شخصا موازيا لك وبفضل التقنية المتطورة للذكاء الاصطناعي تستطيع هذه النسخة أن تحمل ملامحك ونبرة صوتك وتبقى بعد رحيلك عن الحياة تتفاعل مع محيطك وتقلص الفراغ الذي تركته خلفك، نسختك الإلكترونية هي أشبه بأن تكون في اتصال مرئي مع محبيك أو حتى موظفيك، شخصيتك الإلكترونية ستخوض حوارات وتعطي نصائح وتجيب عن أسئلة وتتعاطف وتغضب بنفس أسلوبك مما يجعل الأمر يبدو وكأنك أنت ما زلت على قيد الحياة. بطبيعة الحال يبدو هذا السيناريو صعب التحقق أو ضبابيا غير واضح المعالم حتى الآن، لكن المعطيات تقول إنه ممكن جدا بل إن تلك النسخة في المستقبل الأبعد قليلا لن تكون أشبه باتصال مرئي بل قد يتم تجسيدها في قالب روبوتي أو على شكل "هولوغرام" يحمل نفس ملامحك. ما سبق ذكره صعب التصديق لكن مرحلة الذكاء الاصطناعي في حياة التاريخ البشري هي مرحلة مفصلية تشبه اختراع الإنترنت ولذلك متغيراتها وما يمكن أن تحدثه من ثورة في حياتنا يجعل تخيله أشبه بالحلم. الخلود الإلكتروني سيواجه الكثير من التحديات الأخلاقية والقيمية والقانونية لكنه سيكون أحد ملامح الفترة القادمة خصوصا وأنه مجال واسع للاستثمارات الفلكية وبالتالي تطويره سيكون مسألة وقت فقط.