بمجرد ظهرت التحركات السعودية في واجهة سوق انتقالات كرة القدم العالمية، شبّه كثيرون هذه التحركات بما حدث في الدوري الصيني عندما استقطبت الفرق الصينية العديد من اللاعبين من الدوريات الأوروبية لرفع مستوى كرة القدم الصينية وهو الذي انعكس على حضورها في البطولات الآسيوية بشكل إيجابي في أكثر من موسم. ثمة اختلافات بين المشروع السعودي وتلك الطفرة الصينية، وهنا أصف ما حدث في الصين بالطفرة لاعتبارات عدة، أهمها أن تلك التحركات كانت لفترة زمنية محدودة وغير مستدامة فضلاً عن أنها جاءت عبر شركات عقارية وكيانات تجارية معرضة لمخاطر اقتصادية كبيرة وهو ما حدث مع تراجع أندية مثل غوانزهو ايفرجراند على سبيل المثال المملوك لعملاق التطوير العقاري الصيني شركة ايفر غراند والتي باتت إحدى أكبر الشركات المتعثرة في العالم وبحكم الشركة المفلسة. في المقابل فإن المشروع السعودي يعكس مشروع دولة يهدف لخدمة أهداف أكبر من تلك التي رسمها الصينيون، إذ يكفي القول إن المشروع السعودي يهتم بتطوير وتعزيز جودة الحياة، وتزامن معه الإعلان عن مشروعات رياضية ضخمة على مستوى البنية التحتية فضلاً عن عدم اقتصاره على جانب كرة القدم وهو ما يمكن ملاحظته من خلال حجم وكمية ونوعية الأحداث التي تستضيفها المملكة في مختلف الألعاب، ودخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي في الاستثمار الرياضي من الباب الكبير عبر استثماره اللافت في لعبة الغولف وكسر احتكار اللعبة، واهتمامه بالكثير من الاستثمارات الرياضية بما فيها حصوله على ملكية مسيطرة في نادي نيوكاسل الإنجليزي. يهدف المشروع السعودي لتحقيق مكاسب اقتصادية ومالية وأخرى مرتبطة بجودة الحياة وجذب المستثمرين الأجانب للمملكة من خلال الرياضة التي أصبحت واحدة من أهم أدوات القوة الناعمة في العقود الأخيرة لأي دولة في العالم، والمكاسب الكبيرة بدأت بالظهور مع تردد اسم المملكة في كل حدث رياضي وفي كل الألعاب والرياضات. ما حدث أن صانع القرار السعودي ينظر للأمر من جانب الاقتصاد الكلي وانعكاس الاستثمار الرياضي على الناتج المحلي وخلق الوظائف ونقل الخبرات والإمكانات والترويج للسياحة في المملكة الغنية بالمقومات الطبيعية والمغرية للسائح فضلاً عن تعزيز البنية التحتية الرياضية وقدرتها على استضافة أكبر الأحداث الرياضية.