التقارير السنوية التي تتداول أداء قطاع العقارات في المملكة العربية السعودية لعام 2023 تمنحنا نظرة متفائلة لقطاع العقار السعودي اليوم، حيثما نجد أن الناتج المحلي السعودي قد شهد نمو بنسبة 8,6% خلال الربع الثالث من عام 2022، بل توقعت وصوله إلى معدل نمو بنسبة 8,3% مع نهاية عام 2022 قبل أن يعتدل ليصل إلى 7.3 %و3.2 % خلال عامي 2023 و2024 وفقًا لمؤشرات/تقارير البنك الدولي. كما أن مصادرنا الداخلية في جونسون كنترولز العربية تشير لزيادة في الفرص الجديدة للضِعف في القطاع التجاري والسكني. وسيشمل هذا النمو جميع أنواع السوق العقاري السعودي مثل: سوق الضيافة، سوق المشروعات السكنية، سوق الوحدات الإدارية ومساحات العمل، سوق التجزئة، وأخيراً السوق الصناعية واللوجستية. أرى أن الإنتعاش الذي نشهده اليوم بعد الجائحة يرجع بشكل كبير إلى زيادة الطلب على السياحة الداخلية والإهتمام الكبير بمشروعات البُنى التحتية، فمصادرنا توضح أن العقارات والمشاريع التحتية الواقعة تحت التطوير والإنشاء تساوي أكثر من تريليون دولا امريكي، كما أن المشاريع السعودية النشطة الآن تصِل نسبتها إلى 43% من نسبة المشاريع النشطة في دول الخليج العربي. كما توقعت مصادر اخرى نمواً لافتاً لكلاً من مشاريع البناء الحضري المعلنة في المملكة بما يقارب 699% في الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالربع الرابع من 2022، وللغرف الفندقية التي سيصل عددها إلى 315,000 غرفة. ستُغير جميع هذه المشروعات من مفاهيم ومعايير الناس فيما يتعلق بالقطاع، مما سيساهم في زيادة الطلب على العقارات ذات المواقع الاستراتيجية والمميزة، علاوة على المشاريع عالية الجودة التي تضع معايير الاستدامة وكفاءة الطاقة على رأس أولوياتها. إذ تشكل تلك المعايير الآن الأفضلية لكافة لاعبي القطاع من المستثمرين والمطورين والموردين، فعلى سبيل المثال؛ الاستثمارات المتوقعة للمشروعات الخضراء الخاصة بصندوق الاستثمارات العامة ستفوق قيمتها 10 مليار دولار أميركي بحلول عام 2026. بالإضافة إلى الحكومة السعودية التي تستثمر 2.5 مليار دولار في مبادرة تهدف لجعل 50% من الكهرباء المستخدمة معتمدة على الطاقة المتجددة. إن هذه الأرقام والبيانات مؤشر واضح للتأثير الإيجابي والنمو الملحوظ في القطاع العقاري بالسعودية، فضلًا عن إرتفاع وعي المستثمر والمستفيد، وإرتفاع الطلب على المباني الذكية، خاصةً بعد الإعلان عن برنامج المقرات الإقليمية؛ حيث يتعين على الشركات الأجنبية والعالمية التي تملك عقود مع الحكومة السعودية بنقل مكاتبها ومقراتها الرئيسية إلى المملكة لتتمكن من العمل على المشاريع الحكومية الربحية. وبهذه الخطوة الواعدة، يقع على عاتق المملكة تطوير وإنشاء المزيد من المباني التي تلبي المعايير الدولية، لتغطية الطلب الهائل للشركات والمستثمرين الأجانب، بالإضافة لموظفيهم وعوائلهم. بناءً على ذلك؛ تحرص البلاد على تشييد مباني ذكية لا تتوقف عند الامتثال للمعايير العالمية المطلوبة فحسب، بل تعزز أيضًا محاولة تطوير المحتوى المحلي والأنشطة المرتبطة بالقطاع العقاري ليرفع من كفاءته، ويزيد من ثقته، ويُشجع الاستثمار فيه. ويعي مستثمروا المستقبل أهمية المباني الذكية التي تحمل الكثير من المميزات مثل تخفيضها لتكاليف التشغيل والصيانة والتقليل من استهلاك الطاقة؛ هذا بالإضافة إلى زيادة قيمة المبانى نظرًا لتطبيق تكنولوجيا النظام الذكي والذي يزيد من هامش ربح العقارات وبالتالي أيضًا من قيمة إعادة البيع. علاوة على ذلك؛ المباني الذكية حل من حلول الإستدامة، فما يقرب 40٪ من الإنبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون تأتي من المباني التقليدية، وقد أعلنت المملكة العربية السعودية مسبقاً أنها تهدف إلى الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2060 ليتوافق مع خطط المملكة التنموية والبيئية وتمكين تنويعها الاقتصادي، ولا يمكن الوصول الى الحياد الكربوني من دون جعل المباني ذكية. إننا بلا شك مقبلون على متطلبات كبيرة للسوق العقارية السعودية ولاحتياجات وتطلعات الجهات الحكومية والخاصة في مجالي خفض التكاليف وتعزيز الكفاءة والاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية. لذلك يتوجب على لاعبي القطاع العقاري والشركات المحلية مواكبة سباق التطور والنمو السريع الذي نشهده في زيادة المحتوى المحلي في القطاعات غير النفطية من خلال اعتماد المعايير والممارسات الدولية، بالإضافة إلى المساهمة الفاعلة في البرامج الوطنية الاستراتيجية المهمة مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، الذي يندرج في إطار رؤية المملكة 2030 والذي يقوم على توطين الصناعات ويهدف إلى زيادة قيمة الصادرات الصناعية وزيادة عدد المصانع. جونسون كنترولز العربية، على سبيل المثال، تتبع المعايير المستهدفة وتُصنِّع منتجاتها محلياً في مصنعها الذكي الوحيد من نوعه في المنطقة، حيث تأتي 60% من مبيعاتها لمنتجات مُصنعة في المملكة وتسهدف زيادتها إلى 90% بحلول 2025. اليوم باستطاعتي القول أن استبدال الحلول الحالية بحلول أكثر حداثة وتطورًا؛ يجعلنا نضمن عائدًا مرتفعًا على الاستثمار، كما يحقق أهدافنا الطموحة لرؤية 2030 ويجعل مملكتنا قوة ريادية فريدة من نوعها.