يُعد التركيز على صحة الأعصاب أمراً أساسياً للتعرف بشكل أدق على بروتوكولات علاج الأمراض المتطورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. شهد قطاع تطوير منتجات العناية الصحية الاستهلاكية تحولات جذرية خلال الفترة الأخيرة، وأدى انتشار الأمراض المزمنة في منطقة الشرق الأوسط إلى ارتفاع الطلب على خدمات العناية الصحية عالية الجودة، الأمر الذي يساهم على نحو فعّال في تطوير قطاعات الرعاية الصحية والعافية. وتشهد منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تنامياً في سوق منتجات العناية الصحية الاستهلاكية الذي تبلغ قيمته حالياً 9 مليار دولار، نتيجة الاهتمام المتزايد من قبل المستهلكين بشؤون الصحة والعافية والخدمات الرقمية الشخصية، وفقاً لتقارير إيكويفيا. تقوية المناعة على صعيد آخر، أدى انتشار الجائحة الأخيرة إلى تسليط الضوء على أهمية الرعاية الصحية الوقائية، تزامناً مع ارتفاع الطلب على المنتجات التي تقوي المناعة، ما أدى إلى زيادة مبيعات الفيتامينات والمكملات الغذائية في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى نمو سوق منتجات العناية الصحية الاستهلاكية. ومن المتوقع أن يتزايد الإنفاق على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب قدره 4.9٪، ليصل إلى 99.6 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2023. وأدى انتشار العديد من الأمراض المزمنة والمرتبطة بنمط الحياة العصري، ومن بينها السكري والسمنة والسرطان وأمراض القلب والرئة والأوعية الدموية، إلى جذب اهتمام القطاعين الخاص والعام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للاستثمار في هذا المجالات الأكثر تميزاً. اعتلال طرفي وتتفاقم اضطرابات الأعصاب أو الاعتلال العصبي الطرفي بسبب أنماط الحياة العصرية، والتي تؤدي إلى تزايد أعداد المصابين بالسكري وتسارع العوامل المسببة للشيخوخة وإدمان الكحول ونقص فيتامينات ب، ما أدى إلى تفاقم الأعباء الصحية والاقتصادية على الأفراد والمجتمع، الأمر الذي يستلزم اتباع استراتيجيات الوقاية من هذه الآفات ومعالجتها على النحو الأمثل. ويعتبر الاعتلال العصبي الطرفي (PN) حالة سريرية مزمنة، تؤدي إلى إتلاف الجهاز العصبي للأطراف، ويعاني منها حوالي 34-35٪ من سكان الإمارات العربية المتحدة المصابين بداء السكري. كما يعاني 65% من مرضى السكري في المملكة العربية السعودية من الاعتلال العصبي الطرفي المؤلم. جهود استثنائية ومن الأهمية بمكان أن يتم بذل جهود استثنائية لتعزيز الوعي بصحة الأعصاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك عبر التعاون بين مقدمي خدمات الرعاية الصحية وصانعي السياسات ومنظمات الرعاية الصحية والشخصيات الرائدة في مجال التأثير المجتمعي لضمان التنفيذ الفعال لاستراتيجيات الوقاية من هذا المرض وعلاجه. على صعيد آخر، يمكن أن يساهم الوعي العام وتعزيز الثقافة حول الاضطرابات العصبية في الحد من انتشار هذا المرض وتنامي الآثار المترتبة عنه. وتظهر الأبحاث والدراسات المكثفة أهمية الطبائع التي نتبناها والمعتقدات التي نؤمن بها كعوامل مساهمة في تبديل السلوكيات، وبالتالي، فإن التعرف على معتقدات وطبائع المستهلكين تجاه صحة الأعصاب تعتبر من أهم المقومات المساهمة في تحسين الممارسات ذات الصلة بعلاج الاعتلال العصبي. ويميل المستهلكون عادة إلى الوثوق بمقدمي خدمات الرعاية الصحية المهتمين بضمان رفاهيتهم على نحو حقيقي، والحريصين على التواصل معهم بشكل مستمر وعلى نحو فعّال. ويتطلب فهم البروتوكولات ذات الصلة بعلاج الأمراض المتطورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضرورة التركيز على صحة الأعصاب. وصار المستهلكون أكثر وعياً وانتقائية بشأن الرعاية التي يتلقونها، ويتطلعون للحصول على تجارب مباشرة ومريحة في مجال الرعاية الصحية. أدى هذا التبدل الملحوظ على مستوى السلوكيات الاستهلاكية، تزامناً مع الظروف الاقتصادية غير المسبوقة التي سببها انتشار الوباء، إلى دفع مقدمي خدمات الرعاية الصحية للتحول عن اعتماد نهج الرعاية الصحية القائم على العرض، والتركيز على نماذج الرعاية التي تركز على المستهلك. صحة الأعصاب التعمق في تفاصيل صحة الأعصاب لتحسين مستويات العلاج: دراسة حالة مرض السكري، ومن الضروري العمل على تحسين النتائج ذات الصلة بصحة المستهلكين، وذلك عبر التفكير بشكل جماعي في أهم الطرق التي يمكن اعتمادها لفهم مرض الاعتلال العصبي الطرفي والعناية بصحة الأعصاب على نحو أدق. وتشمل أعراض الاعتلال العصبي الطرفي، التنميل والوخز والإحساس بالحرقان في اليدين والقدمين. وبحسب المصابين بهذا المرض، يؤثر الاعتلال العصبي على جودة حياتهم بشكل كبير، وعبر مختلف مناحي الحياة اليومية ومن بينها التسبب بالأرق ليلاً والعجز عن القيام بالأنشطة اليومية. ويرتفع عدد الحالات المصابة بالاعتلال العصبي الطرفي بالتزامن مع تنامي أعداد مرضى السكري، الذي يعتبر المسبب الأساسي لهذا المرض. بلغ عدد البالغين (من عمر 20 إلى 79 عاماً) المصابين بالسكري، 73 مليوناً خلال العام 2021 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن المقدر أن يرتفع هذا الرقم إلى 95 مليون بحلول عام 2030 و 136 مليون بحلول عام 2045. ووفقاً للاتحاد الدولي لمرض السكري، يتعايش أكثر من 27 مليون شخص مع مرض السكري في المنطقة دون علمهم بذلك، ويشكل هذا العدد حوالي 38٪ من إجمالي عدد البالغين المصابين بمرض السكري في الشرق الأوسط. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 50٪ من مرضى السكري يصابون بالاعتلال العصبي الطرفي خلال حياتهم. ويشكل تزايد وتيرة الإصابة بمرض السكري في المنطقة مصدر قلق كبير للصحة العامة، حيث تتزايد الحاجة لبذل المزيد من الجهود الرامية للحد من الأعراض الناجمة عن المرض. الاعتلال العصبي بالأرقام غالباً ما يواجه أطباء الرعاية الأولية تحديات حقيقية عند تشخيص أعراض تلف الأعصاب الطرفية (PN)، نظراً لعدم قدرة المرضى على توصيف أعراضهم في الكثير من الأحيان، ما يؤدي إلى صعوبة وصف العلاج المناسب لهم. غالباً ما يجهل المصابين أعراض المرض وارتباطها بالأعصاب أو يتجاهلونها. وأشارت دراسة خاصة في هذا الصدد، إلى أن حوالي 57٪ من المصابين بداء السكري من النوع 2 لم يتم تشخيصهم بالاعتلال العصبي الطرفي المؤلم الناتج عن الإصابة بالسكري. يؤدي عدم تشخيص وعلاج مشكلة اعتلال الأعصاب الطرفية في الوقت المناسب، إلى تفاقم حالة المصابين، حيث تتحول المشكلة إلى ألم مزمن للأعصاب، ما يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة الشخصية والاجتماعية والعملية للمصابين. غالباً ما يؤدي الألم الناتج عن الاعتلال العصبي الطرفي إلى تراجع إنتاجية العمل واحتمالية فقدان الوظيفة. أفاد 59٪ من المصابين العاملين، أنهم أقل إنتاجية في العمل. من المقدر أن ينتشر الاعتلال العصبي المؤلم لدى نسبة تتراوح بين 3٪ و 17٪، وتلعب فيتامينات B1 وB6 وB12 أدواراً حيوية في الحفاظ على صحة الجهاز العصبي. يوفر فيتامين B1 الطاقة للأعصاب، بينما يساعد فيتامين B6 على نقل الإشارات عبر الأعصاب، ويقوم فيتامين B12 بتجديد الخلايا العصبية. التواصل الفعال يساهم التواصل الفعّال بين المستهلكين ومقدمي الرعاية الصحية إلى خلق نوع من الفهم المشترك حول صحة الأعصاب، على صعيد آخر تساهم الجهود الرامية لتحسين العافية الشاملة واتباع نهج الوقاية في تعزيز فعالية علاج الاعتلال العصبي. ومن المهم أن يتنبه مقدمي خدمات الرعاية الصحية لأولوية العناية التي تركز على المستهلك، مع ضرورة اتباع نهج متكامل يتجاوز الاهتمام بالتخفيف من حدة الأعراض الجسدية والاهتمام بالآثار العاطفية والنفسية الناجمة عن الاعتلال العصبي. المستهلك الواعي نحن نعيش في عصر المستهلك "الواعي" و "المهتم" الذي يتوقع أن يساهم على نحو فعّال في تعزيز خيارات الرعاية الصحية. ويمتلك مقدمي خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك الأطباء والصيادلة وغيرهم من المهنيين العاملين في المجال الطبي، مجموعة من الفرص والإمكانات غير المستغلة، باعتبارهم دعاة ومستشارين يمكن الاعتماد على خدماتهم من قبل المرضى الذين يبحثون عن المشورة والتوجيه. وتعتبر الصيدليات جزء لا يتجزأ من نظام الرعاية الصحية الأوسع، حيث يُعد الصيادلة خط الاتصال الأول للمرضى، ما يعزز مكانتهم وتأثيرهم واسع النطاق في توفير خدمات الرعاية. ويظهر المرضى نسبة أعلى من الرضى عن الخدمات الصحية إثر تلقيهم عناية مخصصة من قبل الصيادلة عبر مستويات مختلفة من الرعاية. وبحسب دراسة سعودية، يفضل 41٪ من المستهلكين السعوديين استشارة الصيادلة بشأن الأدوية الموصوفة، كما يؤكد 48٪ من المشاركين ضرورة تعزيز القدرات الاستشارية الطبية للصيادلة. ومن الممكن أن يؤدي التواصل الفعال وتنامي الثقة بين المستهلك ومزود الرعاية الصحية في تحسين النتائج العلاجية، وتعزيز مستوى الالتزام بالعلاج، ما يؤدي في النهاية إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام للأفراد المصابين بالاعتلال العصبي. إلا أن التطور الوحيد يجب أن يكون نابعاً من الرغبة الداخلية في تحقيق هذا النجاح. ويؤدي غياب الثقافة المرتبطة بالمرض لدى المستهلكين، إلى عدم التزامهم بالعلاج، ما ينعكس سلباً على صحتهم. ومن المؤكد بأن وضع وجهات نظر المستهلكين في الاعتبار والعمل بجدية أكبر لتثقيفهم حول صحة الأعصاب سيكون له تأثير تدريجي على علاجهم. ويمكن تحقيق ذلك عبر توفير معلومات واضحة وموجزة حول صحة الأعصاب، باستخدام لغة سهلة وتأثيرات مرئية مبسطة، وإشراك المرضى في عملية صنع القرار فيما يتعلق بخيارات العلاج الخاصة بهم. فعلى سبيل المثال، يتوجب على الصيادلة الخبراء والرائدين والقادرين على وصف الأدوية وتعديل وصفاتها، توفير المعلومات حول صحة الأعصاب على نحو استباقي، ما قد ينعكس إيجاباً على رؤى المستهلكين وصحتهم. ومن الضروري لمقدمي خدمات الرعاية الصحية والشركات العاملة في هذا القطاع، فهم العوامل الثقافية والاجتماعية الفريدة التي تؤثر على السلوكيات الصحية للمستهلكين في المنطقة. ومن الممكن أن يساهم ذلك في تطوير استراتيجيات اتصال فعّالة وتكييف خدماتهم لتلبية الاحتياجات المحددة لمختلف فئات المستهلكين، وتعزيز النتائج الصحية وتحسين مستويات رضا المستهلك.