من التفسيرات المهمة لظاهرة التطرف والإرهاب ضد الآخرين ما يتعلق بميكانزم بناء وتصورات العلاقات بين المجموعات البشرية المختلفة وما يترتب عليها من بلورة وجهة نظر ثابتة وجامدة عمادها الثنائية التضادية بين "نحن" و"هم". وهي النظرية المعروفة بنظرية الهوية الاجتماعية (Social identity theory) لعالم النفس البولندي هنري تاجفيل. تسعى المجموعات الداخلية ليس فقط إلى لتمييز عن المجموعات الخارجية ولكن أيضًا إلى التميز عبر المقارنات التي تفضل الجماعة على المجموعات الأخرى. وتمر هذه الرحلة عبر ثلاث مراحل. مرحلة التصنيف الاجتماعي، ويتم فيها تصنيف الأفراد في بيئتهم الاجتماعية إلى أشخاص في مجموعتهم أو خارج مجموعتهم؛ لأن ذلك يساعدهم في تسهيل وتبسيط حياتهم، ويتم تصنيف الأشخاص نظرًا لمدى التشابه والاختلاف بالنسبة لبعضهم البعض (المقاربة الاجتماعية). ومع أن هذه المرحلة بدهية في طبيعة العلاقات البشرية إلا أنها غير دقيقة لأن الأشخاص سوف يبرزون فوارق ملحوظة بطريقة وأسلوب نمطي، مما يجعلهم ينظرون للأفراد كأنهم متشابهون أو مختلفون عنهم أكثر مما هم عليه في الواقع. وتأتي مرحلة التحديد الاجتماعي، والتي يتم فيها تعريف الأفراد أنفسهم بناء للصفات الشخصية الفردية والعلاقات الفردية. يستمد الأفراد هنا هويتهم الاجتماعية من انتمائهم للمجموعة الاجتماعية (مفهوم الشرائح الاجتماعية). وفي مرحلة المقارنة الاجتماعية، وهي ثالثة هذه المراحلة، يقوم الأشخاص بمقارنة أنفسهم مع أفراد الفئات الاجتماعية الأخرى، وغالباً ما يتم إظهار أنفسهم على أنهم أفضل ومختلفون عن البقية وذلك للحصول على الهوية الاجتماعية ومفهوم ذاتي إيجابي. وفي الواقع، هناك العديد من الدراسات حول العلاقات بين المجموعات التي أكدت على الميل إلى تفضيل الأفراد داخل المجموعة، أي تفضيل أعضاء المجموعة والتمييز ضد أعضاء المجموعة الخارجية. وقد أظهرت هذه الدراسات أن هذا التفضيل الجماعي قد يكون مرتبطا بتزايد النظرة السلبية تجاه المجموعات الأخرى، مثل التمركز العرقي الذي يشير إلى النظر إلى المجموعة الخارجية على أنها أقل قيمة، فبينما "نحن" الأفضل، ومن نستحق الحياة، ف"هم" الأدنى مرتبة وقد لا يستحقون العيش. في مثل هذا النطاق نستطيع تفسير العديد من الأعمال المتطرفة والإرهابية التي انطلقت من مركزية "الأنا" ضد "الآخر".