كان الانخفاض الكبير في الصادرات السعودية إلى الولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك فروق الأسعار التي أتاحت لمصفاة موتيفا الحصول على نفط أرخص بدلاً من شحنه من المملكة العربية السعودية، وزيادة إنتاج النفط الكندي وصادراته، وبحسب بيانات شركة إنيرجي اوتلوك ادفايزر الاستشارية الأميركية، ارتفعت صادرات النفط السعودي إلى آسيا بعلاوة، والفكرة القائلة بأنه إذا حدت المملكة العربية السعودية من الصادرات إلى الولاياتالمتحدة، فيمكنها التأثير على مخزونات الولاياتالمتحدة، وبالتالي غرب تكساس الوسيط، نظرًا لأن الولاياتالمتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم الذي ينشر بيانات أسبوعية يهتم بها التجار والمضاربون. وترافقت التغيرات الدراماتيكية التي لوحظت في تدفقات الخام السعودي إلى السوق الأميركية بين صيف 2018 وأوائل 2020 بقفزة في الصادرات السعودية إلى الصين والتي ظلت قوية منذ خريف 2018. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، صدرت المملكة العربية السعودية ما معدله 1.67 مليون برميل في اليوم من النفط (الخام والمكثفات) إلى الصين مقارنة ب 1.61 مليون برميل في اليوم خلال نفس الفترة من العام الماضي، وفقًا لبيانات كبلر.وترجع الزيادة الملحوظة في الصادرات السعودية إلى الصين منذ عام 2018 إلى أسباب مختلفة، بما في ذلك العقوبات الأميركية على صناعة النفط الإيرانية -والتي سمحت لكبار منتجي أوبك المملكة العربية السعودية والعراق باقتناص حصة إيران في السوق الصينية- ورغبة أرامكو في زيادة حصتها بالتواجد في الصين، أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم. صادرات النفط السعودية ومن المتوقع أن تنمو صادرات النفط السعودية بشكل أقوى في السوق الصينية، على الرغم من المنافسة الحالية من براميل النفط الروسية المخفضة، وتدعم العديد من التطورات هذه التوقعات، بما في ذلك تحرك أرامكو الأخير للاستحواذ على حصص في شركة رونغشنغ للبتروكيميائيات المدرجة في شنتشن، وهي صفقة قالت الشركة السعودية إنها "ستوسع بشكل كبير من وجودها في المصب في الصين" وكجزء من هذا الترتيب، ستقوم أرامكو بتوريد 480 ألف برميل يوميًا من النفط الخام العربي إلى شركة تشجيانغ للبترول والكيميائيات المحدودة التابعة لشركة رونغشنغ، وبموجب اتفاقية مبيعات طويلة الأجل. وفي الهند، حيث ارتفعت براميل النفط الخام الروسي الشهر الماضي إلى 1.86 مليون برميل في اليوم وسط نشاط اقتصادي قوي، وكانت الصادرات السعودية منذ بداية هذا العام أقل من عام 2022 ولنفس الفترة، ومع ذلك، لا يوجد شيء غير مسبوق في هذا التراجع. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، بلغ متوسط صادرات النفط السعودي (الخام والمكثفات) إلى الهند، ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم، 782 ألف برميل في اليوم مقارنة ب 896 ألف برميل في اليوم خلال نفس الفترة من عام 2022، بانخفاض بنحو 13 %، وفقًا لأرقام كبلر. وبالعودة لعام 2020، لوحظ أن المتوسط حتى الآن هذا العام كان قريبًا من ذلك المسجل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020 (787000 برميل في اليوم). وحتى في عام 2021، كان المتوسط (من يناير إلى مارس) أقل من ذلك عند 620 ألف برميل في اليوم.وتتطلع المملكة العربية السعودية إلى استثمارات في سوق النفط الهندي، بما في ذلك حصص في مصافي التكرير والاحتياطيات الاستراتيجية، وارتفع استهلاك الوقود في الهند إلى مستوى قياسي مرتفع الشهر الماضي، وأظهرت بيانات حكومية أن استهلاك الوقود زاد بنسبة 5 % عن العام السابق إلى 4.83 ملايين برميل في اليوم، وهو ما قاله التقرير إنه "أعلى معدل تم تسجيله في البيانات التي تعود إلى عام 1998 من خلية التخطيط والتحليل البترولي التابعة لوزارة النفط الهندية". وبينما انخفضت الصادرات السعودية إلى الولاياتالمتحدة بشكل حاد، ظلت تدفقات النفط إلى مستهلكي النفط العملاقين في آسيا ثابتة، على الرغم من اعتماد الهندوالصين المتزايد على الخام الروسي، ولم يؤثر ارتفاع واردات الهند من روسيا على حصص منتجي النفط الخليجيين، بل جاء على حساب حصة الولاياتالمتحدة في سوق النفط الهندي. حصص سعودية أوروبية كما لاحظ تقرير إنيرجي اوتلوك ادفايزر زيادة صادرات السعودية من المنتجات النفطية إلى بعض الدول الأوروبية خلال الأشهر الماضية، وأبرزها هولنداوفرنسا وبلجيكا. وذكر، "نعتقد أن الحظر المفروض على المنتجات النفطية الروسية سمح للسعودية باستعادة بعض حصتها في السوق الأوروبية". فيما يتعلق بصادرات المنتجات النفطية السعودية إلى هولندا، فقد بلغ متوسطها 61 ألف برميل في اليوم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، قفزة من متوسط 10 آلاف برميل في اليوم لنفس الفترة من العام الماضي. وفي فبراير، قالت هولندا إنها لا تتوقع أن تواجه نقصًا في الإمدادات على المدى القصير حيث "تم شراء مخزوناتها بالفعل وتحول المصافي في هولندا إلى النفط من دول أخرى". وقالت الحكومة الهولندية أيضًا إنها "أدارت بعناية احتياطياتها الاستراتيجية من النفط والمنتجات البترولية، مع الإمداد لمدة 90 يومًا من الاستهلاك المحلي". في غضون ذلك، ارتفعت صادرات المنتجات النفطية السعودية إلى فرنسا بشكل حاد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، حيث بلغت في المتوسط 81 ألف برميل في اليوم، مقابل 26 ألف برميل في اليوم خلال نفس الفترة من عام 2022. وبلغ متوسطها 62 ألف برميل في اليوم مقارنة بمتوسط 36 ألف برميل في اليوم خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي. وهناك ثلاث خصائص تجعل الاستثمار في قطاع النفط والغاز في الولاياتالمتحدة جذابًا، وهي قاعدة موارد كبيرة، والتقدم التكنولوجي المستمر، والزيادات في الطلب المحلي والدولي. ويجب أن يجعل التقاء الموارد والتكنولوجيا ورأس المال الصناعة الأميركية ناضجة للنمو المستمر. وسيكون التأثير محسوسًا في جميع أنحاء العالم، وخاصة داخل دول أوبك. التأثير المباشر على أوبك وحول التأثير المباشر على أعضاء أوبك، ذكر التقرير بان التأثير مباشر، عندما يستخدم المستهلكون الأميركيون الغاز الطبيعي أو النفط المنتج في الولاياتالمتحدة بدلاً من الواردات من الخارج. فيكون التأثير مباشرًا أيضًا عندما تبدأ الولاياتالمتحدة في تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال اللذين يتنافسان بشكل مباشر مع صادرات أوبك من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال في مختلف الأسواق العالمية. وبينما زاد إنتاج الولاياتالمتحدة من الغاز الطبيعي من نحو 53 مليار قدم مكعب في اليوم في عام 2007 إلى أكثر من 67 مليار قدم مكعب في اليوم في عام 2013، انخفضت واردات الولاياتالمتحدة من الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير، وتوقفت الواردات من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمامًا. وفي السنوات المقبلة، قد تتنافس صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركية على الأسواق مع شحنات الغاز الطبيعي المسال من دول أوبك هذه، خاصة إذا تجاوزت الصادرات الأميركية 4 مليارات قدم مكعبة يوميا. وبالمثل، بينما زاد إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط الخام من نحو 5.2 ملايين برميل في اليوم في عام 2007 إلى أكثر من 8.0 ملايين برميل في اليوم في الأشهر الأخيرة، اختفت واردات الولاياتالمتحدة من النفط الخام الخفيف من الجزائر (إلى جانب الواردات من نيجيريا وأنغولا) تقريبًا. أما التأثير غير المباشر، فيكون عندما لا تتنافس الزيادة في إنتاج النفط الخام الأميركي أو الغاز الطبيعي بشكل مباشر مع صادرات البلدان الأخرى، إما من خلال استبدال الواردات أو المنافسة العالمية على حصة السوق. ومع ذلك، فإن المنتجات الثانوية للنفط والغاز تؤثر على أعضاء أوبك بطرق مختلفة. مثال على ذلك: الزيادة في إنتاج الخام الأميركي الخفيف لا تقلل من واردات الخام الثقيل من المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، ومع ذلك فإن الزيادة في إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط والغاز الطبيعي، بشكل عام، تؤثر على ثلاثة قطاعات تعتبر "استراتيجية" في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج وتشمل التكرير والبتروكيميائيات وسوائل الغاز الطبيعي. قد يكون التأثير غير المباشر على دول الخليج أكثر حدة من التأثير المباشر. واتخذت دول الخليج قرارًا استراتيجيًا، قبل عقود، بالتركيز على البتروكيميائيات والتكرير وسوائل الغاز الطبيعي. ومن وجهة نظرهم الجماعية، يمكن للبتروكيميائيات والتكرير تنويع دخولهم وإنشاء القواعد الصناعية اللازمة للتنمية الاقتصادية. وتنتج صادرات سوائل الغاز الطبيعي إيرادات إضافية، خاصة وأن سوائل الغاز الطبيعي لا تحسب في حصص أوبك. خطر التكرير وحول الخطر على صناعة التكرير في الخليج، ونظرًا لأن حكومة الولاياتالمتحدة لا تسمح بتصدير النفط الخام إلى دول ما وراء البحار، فقد اتسع الفارق بين العديد من خامات الولاياتالمتحدة وغرب تكساس الوسيط، وبين خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت. نتيجة لذلك، ارتفعت صادرات المنتجات البترولية الأميركية من 1.2 مليون برميل في اليوم في عام 2007 إلى 3.4 ملايين برميل في اليوم في الأشهر الأخيرة. ومن المتوقع أن تستمر هذه الصادرات في اتجاهها التصاعدي، طالما ظل الحظر على صادرات النفط الخام ساري المفعول. وقد تتنافس الصادرات الأميركية المستقبلية من المنتجات البترولية بشكل مباشر مع صادرات المنتجات البترولية من الخليج، من المصافي التي يتم بناؤها في الوقت الحالي. وساعدت الزيادة الكبيرة في إنتاج سوائل الغاز الطبيعي في الولاياتالمتحدة البلاد على خفض وارداتها من غاز البترول المسال بأكثر من النصف، بينما زادت صادراتها من سوائل الغاز الطبيعي بأكثر من خمسة أضعاف خلال نفس الفترة. نتيجة لذلك، انخفضت أسعار غاز البترول المسال العالمية، وفقدت المملكة العربية السعودية حصتها في السوق لصالح المنتجين الأميركيين في أميركا الوسطى واللاتينية. ومن المتوقع أن تستمر هذه الاتجاهات، خاصة الآن بعد الانتهاء من توسيع قناة بنما في عام 2015. وسيخفض الشحن عبر القناة وقت العبور من خليج المكسيك إلى آسيا لمدة أسبوعين. ومن المتوقع أن تفقد المملكة العربية السعودية ودول الخليج حصة إضافية في السوق، ليس فقط في أميركا الوسطى واللاتينية ولكن أيضًا في آسيا. ومع قيام الشركات الأميركية بتوسيع قدرة تصدير غاز البترول المسال، يوقع المستهلكون الآسيويون عقودًا للاستيراد من الولاياتالمتحدة، للاستفادة من انخفاض الأسعار وتنويع مصادرهم. وفي نهاية عام 2012، أعلنت كوريا الجنوبية عن خطط لاستيراد 180 ألف طن من غاز البترول المسال من الولاياتالمتحدة في عام 2014. وفي فبراير الماضي، أعلنت شركة طوكيو إلكتريك باور عن خطط لاستيراد 200 ألف طن من غاز البترول المسال على مدى ثلاث سنوات. وفي أوائل نوفمبر، ذكرت تقارير إعلامية مختلفة أن اليابان تريد تقليل اعتمادها الشديد على واردات غاز البترول المسال من الشرق الأوسط عن طريق استيراد المزيد من غاز البترول المسال من الولاياتالمتحدة. خطر البتروكيميائيات أما الخطر على صناعة البتروكيميائيات في الخليج، يكمن في أن مفتاح القدرة التنافسية لصناعة البتروكيميائيات هو التكلفة المنخفضة للمواد الخام والطاقة. وفي السنوات الأخيرة، تمتعت مصانع البتروكيميائيات السعودية بأقل تكلفة للمواد الخام والطاقة، بينما عانت بقية صناعة البتروكيميائيات العالمية من ارتفاع التكاليف، ويرجع ذلك أساسًا إلى الاعتماد على المنتج النفطي الباهظ الثمن، النافثا. وجعلت ثورة النفط الصخري الأميركي صناعة البتروكيميائيات في الولاياتالمتحدة تنافسية للغاية من خلال توفير الإيثان والوقود الرخيصين. وانخفضت أسعار الإيثان بنحو 70 % في العامين الماضيين، مما جعله أرخص من الغاز الطبيعي. وأدى انخفاض سعر الإيثان إلى زيادة ربحية شركات البتروكيميائيات الأميركية وحول تركيزها مرة أخرى إلى الولاياتالمتحدة.