لكل زمان دولة ورجال، مقولة نحتسيها كفنجان قهوة في لقاءاتنا الاجتماعية، مؤمنين بأهمية التغيير في ظل التتابع الزمني وما يسير في ضوئه من اختلافات، إلاَّ أنّ عملية الانتقال كفكرة تواجه مخاض عسير قبل الخروج إلى ساحة الحياة، تؤطرها الرتابة والخوف من الخطوة التالية، وسيادة روح اللامبالاة، والمحافظة على القديم كإطار أصيل لمنطقة الراحة، ويبدو في هذا التناقض الكبير لقوانين الحياة وسنن الكون أجمع، إلاَّ أن التمرحل الذي مر به المجتمع من الأجداد إلى الآباء ثم الأحفاد، كلَّف الكثير من الجهد العظيم والوقت الثمين للانتقال من حقبة زمنية إلى أخرى، حمل شعلتها من حمل، وواجه العقبات من استحمل، فأصبح السلوك الفردي الجديد سلوك جمعي لعينة أخرى، وبدأت سلسلة الاستنساخ الأفقي لهذه السلوكيات بين الجماعات الصغيرة، حتى أصبحت عادات وتقاليد، وبطبيعة الحال أي تغير مفصلي اجتماعي يحدده معايير مختلفة: كالعوامل الطبيعية، والتغير السكاني (الديمغرافي) وايدلوجية الحياة والتوسع الثقافي والتقدم التكنولوجي كما في وسائل التواصل الاجتماعي، وبناء على كل عامل يحدث الانتقال النوعي الذي يعد كالموج الغاضب في وسط المحيط أمام الركود الفردي، فيندرج المجتمع ضمن مراحل تتمثل فيما يلي الإنكار والغضب والمقاومة والتقبل لتصبح فيما بعد منهج اجتماعي (عُرْف) تم الاتفاق المسبق عليه، لتنشأ أجيال تلو أجيال تحت مظلتها، لتقي وجودها من شمس السطوع لخلق طريق جديد وكأنه أشبه بالقوانين التشريعية، ما أصبو إليه هو أن فكرة كروية الأرض لن تعد فقط في شكلها، بل تحكم سكانها وفصولهم وأنماطهم لاستمرار التنوع الإقليمي، وحين نتحدث عن التحول لابد أن تتشرف السطور بذكر عراب التغيير ولي عهدنا الأمين الأمير محمد بن سلمان آل سعود حفظه الله، الذي برهن للعالم أن التغيير واقع بعد أن كان حلما بأسمى أدوات التحول ألا وهو العقل مشيدة بالتوكل على الله ثم الإرادة والعزيمة، فنهض بالمجتمع إلى سنين متقدمة من التطور العلمي والقضائي والأمني والتقني، وأخذ بيد المرأة من بوتقة الماضي إلى التمكين الحضاري، فتميزت بالريادة في كافة المجالات، بل ستحلق إلى الفضاء، كما لا يغيب عن حديثي أسمى الامنيات لرواد الوطن برحلة فضائية ممتعة: ريانة برقاوي وعلي القرني، هذه هي السنن المجتمعية بزوغ ثم اندثار وهذه هي أوراق التاريخ صفحات تلو صفحات ومن يكون قسطاس زمانه فالمرونة رداؤه وتقبل الجديد طريقه والتناغم المجتمعي دأبه، بل إن البعض يعيش في معزل عن ميلاد التطور، فتجده يعيش في قوقعة الماضي يندد بالعبارات السالبة ومعاني اعتلى السواد قممها، ولسان حالنا يقول (يابني اركب معنا) ليرى الحياة بمنظارها الحقيقي.