مجتمعنا تغير كثيرا بضعف القيم، حيث ذهب بعضها أدراج الرياح، وتبدلت مبادئ وعادات وتقاليد كان لها مكانة في حياة أهلنا، وحلت محلها اليوم سلبيات شاعت في المعاملات، رغم أداء العبادات وما يحث عليه ديننا الحنيف من فضائل الأخلاق وحسن المعاملة بين الناس، بل تحريم آفات أخلاقية تفسد القيم الاجتماعية؛ كالأحقاد والنميمة والغيبة والغش وقول الزور وقطع الأرحام والإضرار بالناس والغلظة والكبر والعقوق وأكل الحقوق. إن الإسلام منهاج للحياة القويمة وفلاح العبد في الدارين. والعبادات، وهي بين العبد وربه، تكتمل إذا اقترنت بالعمل بها لتهذيب النفوس وتقواها؛ لذا يجب إحياء الفضائل والتربية عليها، فما أثر الصلوات إن لم تنه عن الفحشاء والمنكر، وإن لم يكن الصيام إيمانا واحتسابا ولا يغير في النفوس فلا يكون منه إلا الجوع والعطش، وكذا الحج المبرور، والجمعة إلى الجمعة، كلها مواسم وفرص خير لبناء وصون النفس، وعندما لا يتحقق ذلك، فإن الخلل كبير وخطير على المجتمع. إن العبادات من فروض وسنن كلها خير للمسلم إذا عظم أثرها في الدنيا وتعاظم حصادها عاجله وآجله بحسن المعاملة، فكيف يضيع الإنسان كل هذا الخير بضياع قيم المعاملة؟!. في تصوري أنها أزمة حقيقية في الأخلاق حلقاتها مفقودة، ومغاليقها ضائعة إذا أهملت الأسرة قيم التربية الحسنة وضعفت القدوة في حياة الناشئة، وكذا التعليم عندما يكون تدريس المقررات التربوية لزوم الاختبارات وليس لتقويم السلوك وبناء القيم ويترك بصمة في حياة الأجيال، وكذا بعض وسائل الإعلام الذي أصبح فضاؤها أبوابا منفلتة لتشويه الأخلاق وإثارة الغرائز والضغائن، ثم شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت بيئة للفتن والانقسام والتناحر، وتطفح بألفاظ سيئة وخوض في الأعراض بين شركاء الحياة والدين والمجتمع الواحد والأمة الواحدة!. إن هذه الأزمة التي طالت الأخلاق الأسرية والمجتمعية، حتى في أسواقنا بالغش والكذب والتدليس، تحتاج إلى إعادة ترتيب رسالة مؤسسات المجتمع التربوية والإعلامية والدعوية، مع وقفة صادقة لتقييم أثر جهود ومليارات الريالات تنفق على تلك المؤسسات، لوضع القيم في صدارة أهدافها ورسالتها، وإلا ستظل مجرد وظائف وأرزاق، وبعد أن كنا نتساءل عن الغرب: لماذا يكرهوننا؟ أصبحنا نتساءل: لماذا وكيف نسيء إلى بعضنا؟!. قال تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).