جاءت زيارة وزير الخارجية الى سورية ولقاء الرئيس بشار الأسد "في إطار ما توليه المملكة العربية السعودية من حرص واهتمام بكل ما من شأنه خدمة قضايا أمتنا العربية، وتعزيز مصالح دولها وشعوبها"، وشددت الزيارة على محاور عدة منها المصالحة السياسية الشاملة في هذا البلد العربي بما يحافظ على وحدة سورية، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها، ويحقق الخير لشعبها الشقيق ولتفتح صفحة جديدة في علاقات المملكة مع دمشق بعد انقطاع دام 12 عامًا عندما قطعت المملكة علاقاتها بعد اندلاع الأحداث في سورية التي تحولت إلى مواجهات مسلحة بين فصائل كثيرة والقوات السوري. ونظرًا إلى المعاناة الإنسانية التي يعيشها الملايين من الشعب السوري في الداخل والشتات، وأهمية حل الصعوبات الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سورية، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية. وأهمية تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها، وعلى ضرورة دعم مؤسسات الدولة السورية، لبسط سيطرتها على أراضيها لإنهاء تواجد الميليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري. ولتمهيد الطريق أمام سورية للعودة إلى الجامعة العربية التي استبعدت منها، وافقت المملكة على بدء إجراءات استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين. منذ نشوب الحرب الأهلية في سورية، اتخذت المملكة موقفًا معارضًا للمواجهات المسلحة التي فتحت الأراضي السورية لتدخل وميليشيات حزب الله للقتال في سورية، وضمن الرؤية الاستراتيجية لقيادة المملكة لتحقيق وحدة الموقف العربي أسوة ببقية دول العالم الحريصة على مصالحها المشتركة، فتحت المملكة قنوات اتصال مع الحكومة السورية، من خلال فرصة تقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية في 6 فبراير الماضي. وبعثت الدبلوماسية السعودية بإشارات إيجابية للمصالحة مع النظام السوري عندما تحدث وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان عن توافق في الآراء في العالم العربي على ضرورة اتباع نهج جديد في التعامل مع دمشق لمواجهة الأزمات الإنسانية. وكان مسؤول في وزارة الخارجية في الرياض قال إن "الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، ونحن بحاجة إلى التفكير في طرق للتواصل والتواصل مع سورية". بدوره، قال بشار الأسد في مقابلة مع قناة "آر تي" الروسية " "السياسة السعودية اتخذت منحى مختلفاً تجاه دمشق منذ سنوات، ولم تتدخل في شؤون سورية الداخلية كما أنها لم تدعم أياً من الفصائل". وما زاد في تسريع وتيرة التواصل السعودي مع دمشق هو رئاسة المملكة للدورة الحالية للجامعة العربية التي ستعقد قمتها المقبلة في مايو المقبل والتي قد يدعى إليها الرئيس بشار الأسد بعد التوافق في مجلس التعاون الخليجي. هذه الزيارة شكلت نهجا للدبلوماسية السعودية البراغماتية في حل المشكلات وإطفاء الحرائق، ومنها المساعي الحالية للتوصل إلى حل للأزمة اليمنية وحرصها على إشاعة الاستقرار في المنطقة العربية. اللقاء السعودي - السوري أكد على أهمية محاربة عمليات تهريب المخدرات. التقارب السعودي - السوري يؤكد إعادة فتح بعثة دبلوماسية في دمشق وإعادة سفير سعودي إلى سورية لدعم إعادة الإعمار في سورية. بعودة سورية إلى الجامعة العربية فإن المملكة أعطت الحكومة السورية فرصة لا تعوض للعودة إلى المحيط العربي، لكن يبقى على دمشق أن تعترف بالحقائق والتغيرات الإقليمية والعالمية وتتعهد بتنفيذ الاتفاقيات والمبادرات الخاصة بالتوصل إلى تسوية سياسية شاملة وعودة ملايين اللاجئين وضمان سلامتهم.