يأتي رمضان من كل عام محملاً بالبركة والرحمة والخير الكثير، ونتناقل المباركات وعبارات التهاني منذ إعلان التباشير بحول شهر رمضان المبارك في كل وسائل التواصل الاجتماعي، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، حيث كان يستبشر ويبشر أصحابه بدخول رمضان بقوله: "أتاكم شهر رمضان شهر بركة، ينزل الله فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء ويباهي الله بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً". ورمضان من كل عام يستدعي ذكريات الأهل والأصدقاء، وكيف كانوا يستقبلون أهالينا شهر الرحمة والغفران ودعواتهم ببلوغه وصيامه وقيامه، وكيف كانوا يتسابقون في الدعوات، ولمّ العوائل الكبيرة على موائد رمضانية تعلمنا الكرم والصلة والصبر والتحمل، والفرحة بقدوم الأهل والأحباب، وتعطينا دروساً في التعاون والتآلف. كل ذلك وأكثر أضفى على رمضان مذاقاً ونكهة خاصة وبصمة مميزة تميزه عن سائر أيام العام ولياليه، فنجد البهجة والسرور تغمران الكبير والصغير من انتظاره إلى لحظة توديعه واستقبال العيد السعيد. ومكانة رمضان عالية عند المسلمين كافة، وفي حياة الأدباء خاصة، فهو شهر القرآن وشهر العبادة، كما أن له وقعاً كبيراً في نفوس الشعراء والكتاب من انتظار دخول الشهر حتى ختامه؛ فلهم بصمة روحانية مميزة، فقد سطرت أقلامهم وأفكارهم مشاعرهم تجاه الشهر المبارك فمنهم من وصف روحانيته، والبعض صور الاستعدادات والاحتفالات بقدومه، ومنهم من ركز على لحظة الإفطار، والبعض الآخر وصف انتظار مدفع رمضان والبعض وصف فرحته وفرحة المسلمين بقدومه والاستبشار بدخوله، وهذا يؤكد منزلته عندهم وأهميته الدينية والاجتماعية. والأدباء من أكثر الناس اهتماماً به وانشغالاً بالقراءة، فالأديب يهتم بفضاء رمضان الزماني ساعاته وأوقاته، فكل ذلك دوافع تعزز في نفس الأديب الإقبال على هواياته والتقوقع على كتبه ومكتبته وتلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه؛ فهو شهر ملهم للأديب مستمداً من بركة أيامه ولياليه مستفيداً منها بعدم إضاعة وإهدار وقته بما لا طائل ولا نفع منه، وعن تجربة شخصية حيث يعد رمضان باكورة وبداية كل عمل أدبي أو بحثي أنجزته، فمعدل الإنجاز في رمضان عندي يفوق غيره من شهور العام؛ فهو بحق فرصة لإنجاز المهمات والتقرب لرب السموات؛ ففيه تصفد الشياطين، ويبارك الباري في الأعمال ويعتق عباده من النار. فما أحوجنا إلى رمضان، فهو فرصة لشحذ الهمة والفوز بالجنة. كم أنت مدرسة تربوية يا رمضان، علمتنا وعودتنا وكأنك نقطة تحول في حياة الأشخاص، فرمضان وقت الخلوات الإيمانية والوقوف مع النفس ومحاسبتها؛ لتقيمها وتطورها والعمل على إصلاحها. * أستاذ الأدب والنقد المشارك في جامعة جدة