تُشرف وتشرئب الأعناق، وتتوق الأنفس لليالي الخير المقبلة ..فكما أن للخير بشائر ومبشرات، فإن لكل ضيف عزيز وَقْعٌ وصَدى ..تحن وتهفو للقائه القلوب في شوق كبير ومحبة ممزوجة بالفرح والألم معاً ..أما الفرح فهو التهيؤ والاستعداد بقرب قدوم العزيز والأنس به ..وأما الألم فلكون هذا الضيف سيرحل ويتركك بعد حين لحولٍ كامل، لا تدري ما الله فاعل فيه، ليعود ثانية إن بقي في العمر بقية ..فلا يلبث قليلاً إلا وترى الدموع منهمرة لفراقه، والصدور متحشرجة وتسمع لها أنات وزفرات ..فيا ليت كل أيامنا رمضان ..وياليت كل الليالي ليالي رمضان ..ويا ليت هذا الضيف لا يفارق قيد أَنمُلة .ويبقىفينا إلى الأبد . حياك الله يا ليالي التوبة والغفران، فقد تعودنا مع إطلالة شهر رجب المحرَّم أن تهب علينا نسمات شهر رمضان المبارك مبشِّرة بقرب حلوله ..وتزداد تلك الُبشريات عند دخول شهر شعبان الذي نحن فيه والحمد لله، نسأله تعالى أن يبارك لنا فيه ويبلغنا والمسلمين أجمعين شهر رمضان المبارك، مع التوفيق لصيامه وقيامه والفوز بالمغفرة والعتق من النيران ..آمين . لقد أوشك أن يهل علينا هذا الشهر الكريم ..بأيامه ولياليه العامرة بالخير والبركات، علاوة على ما فيه من ليلة مباركة هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ..فضلاً من الله تعالى وتكريماً وتميزاً لهذا الشهر ولأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..فأي جائزة أكبر من أن يغفر الله لك في هذا الشهر ويعتقك مع العتقاء فيه ..بل ويجعل لك فيه هذه الليلة المباركة والتي ثوابها خير من عبادة 83 عاماً تقريباً ..فأي فضل وأي شرف هذا الذي أكرمنا الله تعالى به سبحانه فله الحمد وله الشكر . فلنشمِّر إذاً استعداداً لاستقبال هذا الشهر وتحصيل الأجر والثواب المضاعف ..فكم رقدنا ونمنا إلا ما رحم ( فما أطال النوم عمراً ..وما قصَّر في الأعمار طول السهر ) فما لنا لو أسهرنا ليلنا وأمأنا نهارنا فيه مع الإخلاص والتقوى، سعياً .لنيلعظيم الأجر ورفيع الدرجات علاوة على ما في الصوم من فوائد عديدة لا تخفى على الناس أجمعين .. لقد أوشك أن يظلنا شهر القرآن بأيامه ولياله المشرقة وبنفحاته، وزيادة إقبال المصلين على المساجد وامتلائها في الصلوات المفروضة وصلاة القيام والتهجد وتلاوة القرآن الكريم ..إلى جانب بركاته وخيراته الوفيرة من مختلف أنواع التمور والقهوة، الفول والسُحَيرة والسمبوسة .وأصنافالحلويات وغيرها، خيرات لا حصر لها ولله الحمد والمنّة ..لكن ! الحذر ..الحذر من الإسراف والمبالغة ..ولنُكثِر من الشكر لله سبحانه فبالشكر تدوم النعم ..مع الاجتهاد في الدعاء خصوصاً عند الإفطار فدعوة الصائم عند فطره لا تُرد كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم ..كما أن في السحور بركة فاحرص عليه ولا تدع هذه السنة مطلقاً . غير أن لجحا مع السحور قصة عجيبة، فيُحكى أن جحا حين كان صغيراً، كان يحرص على سُنة السحور ولا يتركها أبداً مع أنه لا يصوم وقتها، فرآه بعض الناس يقوم مع المسحراتي كل ليلة ليوقط الناس للسحور وليتسحر معه، فسألوه مرة يا جحا : لما نراك تقوم للسحور يومياً مع أنك لا تصوم؟ ! .فقال: هل أنا مجنون؟ لقد تركت الفرض فهل تريدون مني أن أترك السُنَّة كمان ولا أتسحر؟ ! . والآن دعونا نقول : مرحباً بتباشير شهر رمضان المبارك حياها الله ..بلغنا الله وإياكم شهر رمضان أعواماً عديدة وأزمنة مديدة بالخير والقبول ..وما تنسوا سُنة السحور ..بس مُش على طريقة جحا ..!! y_alyousof@yahoo .com