لم تكن المملكة في سنوات رؤية 2030 هي المملكة قبلها، فالمشهد يتغير بوتيرة سريعة، في مواكبة واقعية للمستجدات المحلية والدولية، التي تفرض على الدول أن تتسلح بكل ما هو حديث وجديد، وإلا أصبحت خارج السرب الدولي، وبالتالي عليها أن تتحمل تبعات اختيارها. الرؤية التي أعلن عنها ولي العهد في صيف 2016، لم تترك قطاعاً في البلاد، إلا ومنحته قدراً هائلاً من برامج التطوير والتحديث، بداية من منظومة الاقتصاد، مروراً بالمجتمع، وليس انتهاءً بالسياسة والثقافة والرياضة وغيرها، وهو ما أثمر عنه اليوم عن نجاحات ملموسة، شهد بها القاصي والداني، وفي المقدمة المنظمات الدولية، التي رأت أن السعودية تُعيد صياغة المملكة الثالثة على مرتكزات قوية، وثوابت صلبة، وهي تستشرف عالم التقدم والازدهار. لا أبالغ إذا ربطتُ بين ما سبق، وبين قرار خادم الحرمين الشريفين قبل أيام، بتعيين الأستاذ سلمان الدوسري وزيراً للإعلام، ليس لسبب، سوى أن هذا التعيين جاء في وقت مهم جداً من تاريخ الرؤية، التي بلغت نصف عمرها، وبقي نصف آخر، وبالتالي هي في حاجة إلى خطاب إعلامي رسمي متطور، يشرح للجميع، في الداخل والخارج، ما هي أبعاد الرؤية وفلسفتها وأهميتها، وما أنجزته، وما سوف تنجزه، ودور المواطن والمقيم والمسؤول في المحافظة على مكتسباتها، ودعمها، حتى تحقق جميع التطلعات المرجوة. ولعل الخبرات التي يتمتع بها الوزير الدوسري، من خلال عمله الميداني في عدد من المؤسسات الإعلامية، ولمدة تصل إلى ربع قرن، تساعده على إعادة صياغة أدوات الإعلام السعودي، ودعمها بالمنطلقات الوطنية، التي ترسخ الولاء والانتماء إلى هذا الوطن، وتثمر عن منظومة إعلامية وطنية حديثة، ولكن بمواصفات عالمية، تمكنها من نقل صورة صادقة ومعبرة للمملكة وشعبها، في ظل ما تشهده البلاد من قفزات تنموية، أحدثتها برامج الرؤية، وليس هذا فحسب، وإنما أوقن بأن الزميل الدوسري، سيكون قادراً على دعم مؤسسات الإعلام المختلفة للمحافظة على تاريخها المشرف. بعيداً عن أي مجاملة أو إطراء، أبدي تفاؤلي بالمشهد الإعلامي السعودي خلال الفترة المقبلة، وأتوقع أن يواكب إعلامنا المستجدات الدولية، ويبدأ من حيث انتهى الآخرون، معتمداً على تاريخ إعلامي وطني مؤثر وملتزم ومهني، يراعي قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، خاصة أن المملكة أوجدت أجيالاً من الإعلاميين البارعين، الذين يمكن الاعتماد عليهم في تلك المهمة.