اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب الثلاثاء، بالسعي من خلال النزاع في أوكرانيا "للقضاء" على روسيا، متعهّداً بمواصلة هجومه العسكري بطريقة "منهجية"، وذلك بعد حوالي عام على اندلاعه. جاء خطاب بوتين عن حال الأمة قبل ساعات من خطاب آخر للرئيس الأميركي جو بايدن الموجود في بولندا بعد زيارة غير مُعلنة إلى أوكرانيا الإثنين، حيث وعد الأوكرانيين بمزيد من الأسلحة. كذلك، تأتي هذه المبارزة عن بعد غير المسبوقة، والتي تذكّر بأشدّ ساعات الحرب الباردة توتّراً، قبل ثلاثة أيام من الذكرى السنوية لشنّ الهجوم على أوكرانيا الذي تسبّب في أزمة اقتصادية عالمية ودفع الدول الغربية إلى تقديم دعم عسكري قوي لكييف. وبعدما أكّد بوتين أن هدفه ضمان "أمن" روسيا، تعهّد تحقيق أهداف هذا الهجوم "خطوة بخطوة وبعناية ومنهجية"، رغم أنّ القوات الروسية مُنيَت بسلسلة انتكاسات عسكرية في الأشهر الأخيرة. وقال إنّ الغرب يريد "إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، أي القضاء علينا مرة واحدة وإلى الأبد"، متهماً واشنطن وحلفاءها الأوروبيين بتحمّل "مسؤولية تأجيج النزاع الأوكراني و(سقوط) ضحاياه". وأضاف "ولكنّ لا بد أنهم يعرفون أنّه من المستحيل هزيمة روسيا في ساحة المعركة"، قبل أن يشكر "كل الشعب الروسي على شجاعته وتصميمه". ودعا إلى دقيقة صمت على أرواح العديد من الجنود الروس الذين قُتلوا في أوكرانيا. وعلق بوتين في خطابه أمام الجمعية الاتحادية، مشاركة روسيا في معاهدة الاسلحة الاستراتيجية والهجومية "معاهدة ستارت الجديدة". ومعاهدة "ستارت" هي معاهدة لتخفيض الأسلحة النووية بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسي، وتعرف باسمها الرسمي "تدابير زيادة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها". وقال: "أنا مضطر لأن أعلن أن روسيا ستعلق مشاركتها في معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية". وأضاف "أكرر روسيا غير منسحبة من المعاهدة، لكنها تعلق مشاركتها، كما سوف تأخذ في الاعتبار الترسانة الاستراتيجية لدول مثل فرنسا وبريطانيا، أي القدرة الهجومية المشتركة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)". وأكد "إذا قامت الولاياتالمتحدة بإجراء تجارب نووية، فنحن سنقوم بالمثل". وأضاف "الناتو يريد إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، وبعد ذلك يريد أن يشرف على منشآتنا النووية". وفي إشارة إلى العقوبات الدولية على بلاده، اعتبر بوتين أنّ الغرب "لم يحقّق شيئاً ولن يحقّق شيئاً"، في الوقت الذي قاوم فيه الاقتصاد الروسي بشكل أفضل ممّا توقعه الخبراء. وقال "لقد حرصنا على استقرار الوضع الاقتصادي وحماية المواطنين"، معتبراً أنّ الغرب فشل في "زعزعة استقرار مجتمعنا". وتعكس تصريحات الرئيس الروسي رؤية للصراع تختلف عن تلك التي كشفها بايدن في اليوم السابق في كييف. وكان الرئيس الأميركي أكّد خلال زيارته إلى أوكرانيا أنّ "كييف لا تزال صامدة. الديموقراطية لا تزال صامدة". في هذه الأثناء، ندّد البيت الأبيض بخطاب المعادي للغرب. وقال مستشار الأمن القومي جايك ساليفان للصحافيين "لا أحد يهاجم روسيا. هناك نوع من السخافة في فكرة أنّ روسيا كانت تتعرّض لشكل من أشكال التهديد العسكري من أوكرانيا أو من أي طرف آخر". قلق صيني مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا، لا تزال تطالب أوكرانيا بشكل متكرّر بالحصول على أسلحة متطوّرة من حلفائها، في مواجهة هجمات وضربات ممنهجة على البنى التحتية للطاقة. وحتى الآن، وافق الغربيون على تزويدها بالدبابات الثقيلة، ولكن ليس بالطائرات المقاتلة. والإثنين، أعلن بايدن أنّ بلاده ستزيد مرّة أخرى هذه المساعدة بمبلغ 500 مليون دولار. ومن المقرّر أن يجتمع بايدن الأربعاء في وارسو مع قادة مجموعة "بوخارست التسع" من الكتلة الشيوعية السابقة التي انضمّت إلى حلف شمال الأطلسي. يبقى أنّه يمكن لموسكو أن تعوّل على دعم الصين، التي من المتوقّع أن يزور كبير دبلوماسييها روسيا. ودعت بكين إلى "تعزيز الحوار" في أوكرانيا، مؤكدةً أنها "قلقة للغاية" من النزاع الذي "يتفاقم بل يخرج عن السيطرة". استدعاء قالت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء إنها استدعت السفيرة الأميركية لين تريسي بشأن ما وصفته "بالمسار العدواني" المتزايد لواشنطن متهمة إياها بتوسيع انخراطها في الصراع الأوكراني. وأضافت وزارة الخارجية "في هذا الصدد، أبلغنا السفيرة بأن المسار العدواني الحالي للولايات المتحدة لتعميق المواجهة مع روسيا في جميع النواحي يأتي بنتائج عكسية". كما طالبت الولاياتالمتحدة بتقديم تفسير بشأن انفجارات ألحقت أضرارا بخطي أنابيب الغاز نورد ستريم-1 ونورد ستريم-2 العام الماضي.