دأب الفلاسفة والمفكرون العرب على نقد العربي المعاصر وتشريحه مدعين انطواءه على عوامل تعيق تطوره وتقدمه، فمنذ سقوط الدولة العثمانية وتحرر العالم العربي من قبضتها والعالم العربي يعاني التبعية الفكرية والحضارية، ما ولد شعورا لدى الكثيرين باستحالة تقدم العرب مرة أخرى.. مثل هذه الرؤى الفلسفية تم طرحها في العديد من القوالب والمقاربات لعل أهمها مشروع الفيلسوف المغربي: الدكتور محمد عابد الجابري (نقد العقل العربي). وأمام حالة الانهزام العربية الفكرية تبرز المملكة العربية السعودية اليوم كمنصة إشعاع حضاري يتجاوز تأثيره العالم العربي للفضاء العالمي الفسيح. إن بروز المملكة الحضاري اليوم يؤكد على أن العقل العربي الذي طالما تم انتقاده بل الحكم عليه باستحالة تطوره قادر على التفكير والتقدم، بل والريادة متى ما توافرت له العوامل المناسبة، ففي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده لأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - برز العقل السعودي العربي في مجال التعليم عبر تفوق الكثير من أبناء هذا الوطن في المحافل العلمية العالمية، وبرز هذا العقل في المجال الاقتصادي، والسياسي، والفني، والرياضي.. إلخ، حتى أصبحت هذه الدولة المباركة - ولله الحمد - قبلة للعالم أجمع في جميع هذه النطاقات، وهذا بدوره سيفتح للفلاسفة والمفكرين آفاقا جديدة للتعامل المنصف مع العقل العربي. لقد سبق وأكدت على حالة الريادة السعودية هذه وانعكاساتها على العالم العربي بصفة خاصة والعالم بصفة عامة في مقالة قبل خمس سنوات في زاويتي هذه بعنوان: "عصر النهضة السعودي" (الاثنين 9 ذو الحجة 1439ه - 20 أغسطس 2018م).. واليوم ولله الحمد تأكد كل ماورد في هذه المقالة ومنه: "وبصفتي مؤرخاً على اطلاع بمثل هذه التحولات في تاريخ الدول، فإنني أستطيع أن أرى الانعكاسات الإيجابية لمثل هذا العصر في العشر السنوات القادمة، تلك الانعكاسات التي لن تقتصر على المملكة، بل وستتعداها إلى العالمين العربي والإسلامي ليتحول عصر النهضة السعودي، إلى عصر نهضة عربي وإسلامي، فالمملكة تقع من هذين العالمين موقع القلب من الجسد".. حفظ الله المملكة وقادتها وشعبها.