يخترق تركيا صدعان رئيسان، الأول هو صدع شمال الأناضول ويمتد من أطراف بحيرة «وان» في أقصى الشرق إلى إسطنبول غربا. في حين ينطلق الثاني من نقطة الالتقاء مع صدع شمال الأناضول شرقا ويمتد جنوب شرق عبر ولايات «بينغول وإلازيغ وكهرمان مرعش» وصولا إلى «هاتاي». وتكمن خطورة الزلازل بتلك المنطقة في أنها تعج بالسكان. وكتب المختص بالزلازل ستيفن هيكس في تغريدة له «وقع الزلزال بالقرب من الحدود السورية، في منطقة تتمتع بكثافة سكانية عالية». وأكد هيكس أنه وفقا للأخبار والصور المبدئية، فمن الواضح أن الزلزال سيسجل كواحد من أكبر الزلازل التي حدثت في منطقة سكنية في تاريخ الكرة الأرضية. وتسبب الزلزال بتدمير عدد كبير من المنازل والطرق في تركيا وسورية وخلّف مئات القتلى والجرحى حتى الآن، وما زالت عمليات البحث وإخراج العالقين تحت الأنقاض جارية. وانهارت آلاف البنايات والعمارات السكنية التي يصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من 10 طوابق. ويصل متوسط طوابق البناية الواحدة في تركيا 6 طوابق، يحتوي كل طابق على نحو 4 شقق سكنية، وهو رقم يشير إلى أن سكان المباني التي تهدمت يصل عددهم إلى عشرات الآلاف، الأمر الذي يزيد المخاوف من وجود "حصيلة مرعبة" للضحايا. وترافقت الزلازل مع عاصفة ثلجية بدأت في تركيا، ، ويتوقع أن تشتد خلال الساعات المقبلة وهو ما زاد من حجم المأساة الإنسانية للناجين الذين لا زالوا ينتظرون بالعراء مع التحذيرات من الدخول إلى المنازل واستمرار الهزات الارتدادية. وقال علماء الزلازل إنّ الزلزال، الذي ضرب تركيا وسورية، بقوة 7.8 درجات، قد يكون أحد أكثر الزلازل تسبّباً بوقوع ضحايا خلال الأعوام ال10 الماضية، بحيث تسبّب بصدع يمتد طوله ما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية. وفيما يلي تفسير العلماء لما حدث تحت سطح الأرض، وما يمكن توقعه في أعقاب ذلك: وكان مركز الزلزال على بُعد 26 كيلومتراً تقريباً شرقي مدينة نورداي التركية، وعلى عمق نحو 18 كيلومتراً عند فالق شرقي الأناضول، والذي لم يتسبّب، خلال القرن ال20، بنشاط زلزالي كبير. ووفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، لم تسجل المنطقة سوى 3 زلازل بقوة 6 درجات منذ عام 1970. لكن في عام 1822، تعرّضت المنطقة لزلزال، بلغت قوته 7 درجات، وأدّى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص. وبلغ متوسط الزلازل، التي تتجاوز قوتها 7 درجات، أقل من 20 زلزالاً على مر التاريخ، الأمر الذي يجعل زلزال اليوم حدثاً خطيراً. ووفقاً لرئيسة كلية لندن الجامعية للحد من المخاطر والكوارث، جوانا فور والكر، فإنّ «الطاقة المنبعثة من الزلزال، الذي ضرب تركيا وسورية اليوم، تزيد 250 ضعفاً على الزلزال الذي ضرب وسط إيطاليا في عام 2016 بقوة 6.2 درجات، وأودى بحياة نحو 300 شخص». ولم يسجّل قوةَ زلزال اليوم نفسها سوى زلزالين فقط، وهو من أكثر الزلازل فتكاً في الفترة الممتدة من عام 2013 إلى عام 2022. يعد صدع شرقي الأناضول هو خط زلزالي عبارة عن كسر في الصخور، يؤدي إلى انزلاقات زلزالية، تتدافع بموجبها ألواح صخرية صلبة على امتداد خط الصدع الرأسي، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الضغوط، حتى تنزلق إحداها في النهاية في حركة تفضي إلى إطلاق قدر هائل من الطاقة، التي يمكن أن تتسبّب بحدوث زلزال. وربما يكون صدع سان أندرياس في كاليفورنيا أشهر هذه الصدوع في العالم. ويحذّر العلماء، منذ وقت طويل، من احتمال وقوع زلزال كارثي هناك. وقال عالم جيولوجيا الكواكب في الجامعة المفتوحة في بريطانيا، ديفيد روثيري، إنّ «الاهتزاز على سطح الأرض ربما كان أشد من تأثير زلزال على مستوى أعمق، له القوة نفسها، عند المصدر».