يعاني البعض من اضطراب العلاقات ولا يدركون حقيقة هذا الأمر، ولكنه يعيق الإنسان من الاستمرار في علاقة سوية وناجحة مع الآخرين، وغالبًا ما يحدث اضطراب العلاقات للأطفال الذين لم يمدهم آباؤهم بالعطف والحب الذي يحتاجونه، فيكبرون ليصيروا مضطربين نفسيًا وغير شاعرين بالأمان. وإذا ما انشغل الآباء بمشكلاتهم الشخصية وأهملوا أبناءهم، فإن الأبناء يفهمون في الغالب أنهم غير مستحقين للحب والدعم والاهتمام، والأسوأ من هذا أنهم يفقدون ثقتهم بالآخرين ويتوقعون من الغير أن يجرحهم، ويتجاوز الحدود كما فعل ذووهم، فإذا تجنب هؤلاء الصدام ووضعوا حاجزًا بينهم وبين الناس في الوقت الذي يتوجب عليهم فيه التعامل والتقرب، فهم في الغالب يعانون من اضطراب العلاقات. هناك أربعة أنماط لاضطراب العلاقات ومعرفتها ستساعد على تحديد أسبابه ونشأته وكيفية علاجه، الأول هو الارتباط الآمن: يقصد به الشخص الذي حظي بعلاقة قوية بأمه يشعر بالأمان في العلاقات ويثق بسهولة، وفي العلاقات العاطفية، رغم إيمانه بأهمية استقلالية كل طرف، إلا أنهم لا يتحرج من التعبير عن مشاعره ورغبته في التقرب من الشخص الآخر وقضاء وقت معه. الثاني هو الارتباط المتوتر القلق؛ وفي هذا النوع من الارتباط، يكون الشخص في الغالب قد عانى من عدم اهتمام والدته له، فكانت كلما يغضب أو يُجرح تتركه وحيدًا، بدلًا من ملازمته والعطف عليه. وهذا جعله يشعر بعدم الأمان، فهو لم يتعلم أبدًا كيفية التأقلم مع العواطف. فحين تعلم من تعامل أبويه أن لا أهمية لمشاعره صار يخاف من مواجهتها. وبالتالي حين يعاني من مشاعر الغضب مثلًا، ولا يعرف كيف يعبر عنها للآخرين، يقومون بتخزينها بداخله. وهذا يؤدي لشعور هائل بالقلق لأنه يظن في عقله أنه يحاول الهروب من مشاعر خطيرة لا يتوجب عليه أن يعبر عنها. النمط الثالث هو الارتباط المتجنِّب والرافض للآخرين؛ وهو الشخص صاحب الارتباط المتجنِّب والرافض يكون غير مبالٍ من الناحية العاطفية. بمعنى أنه ينكر أهمية أحبائه ويجعلهم يشعرون بأنهم غير محبوبين بسبب تجاهله لهم. وهو يرفض الصدمات بشكل قطعي وأي خلافات وكأنها ليست مهمة لنمو وتطور العلاقة. والنمط الرابع هو الارتباط المتجنّب الخائف، فمن يعاني من الارتباط المتجنّب الخائف يعاني من مشاعر متضاربة، فهو يتوق لمشاعر الحب والاهتمام من الطرف الآخر، ولكنه في نفس الوقت يخشى قربه. فهو يريد التقرب من شريك حياته ولكن ليس لدرجة التي تجعل العلاقة وطيدة. وذلك لأنه يرى أنه إذا ما انتهت العلاقة فسينهار ويحبط نتيجة قوة العلاقة التي كانت بينه وبين شريك حياته. وبالتالي، فهو يحاول تجنب هذا الإحباط ببناء حواجز والابتعاد عمن يحب وتجاهل المشاعر ومشكلات العلاقة. يمكن تجاوز الأمر وحتى إن كان الأذى من شريك الحياة أو شخص ما قريب أو بعيد؛ المهم هو أن إدراك الأسباب سيخفف الوطأة، وسيجعل الشخص أقدر على تجاوزه، ومعظم الناس تعاني من مشكلات شخصية حين يتعلق الأمر بالعلاقات فتسعى للاستشارة فتلك إشارة إيجابية لحل المشكلة، إضافة لتطوير النفس وتطوير العلاقات بالآخرين وتجاوز مشكلات الماضي.