الحمد لله على نعمة العربية التي جعلتني أقرأ النصوص وأتبحر في روضاتها الغنّاء، وأتأمل تدوينات العرب وأفهمها، فلغتهم لغتي، ولسانهم لساني. ويعظم أجري بقراءة القرآن دون لحن ولا إخلال ولا تعتعة. الحمد لله أن لساني يتكلم العربية، فأستطيع التحدث بكل طلاقة، وبأروع أسلوب، وأكثر دقة، وأفضل معنى. الحمد لله على وجود كتب عريقة في لغتي، فمتى ما أردتها من مظانها وجدتها بضغطة زر، أو خشخشة ورق. أشكره أن جعل اللغة العربية عروس اللغات، وأغناها ألفاظا وخطابات، وأكثرها جملا ومفردات، وأرقاها طرفا ومشتقات. أحمده على تكالب أكثر الأقوام الأعجمية عليها، ومحاولة إتقانها، وجعلها لغة ثانية مع لغتهم الأساس؛ لأنها اللغة الحية البهية، وما أجلّ اسمها، وأشرف رسمها! لست وحدي أفتديها كلنا اليوم فداها لم يمت شعب تفانى في هواها واصطفاها ما أروع من يقرأ تفسير القرآن من علماء أفذاذ، ويعيش مع كلماتهم، وينبهر بقوة حجتهم، وجودة بناء ألفاظهم، وسعة اطلاعهم، وطول أنفسهم. أقرأ تفسير أحدهم عند وقوفه في تفسير قوله تعالى: "وعلم آدم الأسماء كلها" أنه "علمه جميع أسماء الأشياء، من وحش الخلاء، وطير الفضاء باللغة العربية" فتعليمه باللغة العربية عين المفخرة والممدحة والمنقبة. بل الفذّ الآخر الذي يقول: "ربط الله بين اللسان العربي وبين إعمال العقل، فقال تعالى: "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" فتفاعل المسلمون مع القرآن، فأعملوا عقولهم، وأنتجوا حضارة لا تُنكر". أتمتم ثناء عندما أقف على كلمة واحدة، فتتغير الجملة بأكملها عندما أغير تركيبها، وتبقى اللفظة كما هي في مكانتها المرتفعة، وشموخها العالي. فالعين باصرة، والعين نابعة، والعين كتاب، والعين جاسوس، والعين نفيس، والعين ذات، وهكذا لغتنا الحية الغنية. أتأملها بخيالي وهي بكامل زينتها، وأبهى حسنها في مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وارتباط اسمها بملك الدولة الذي أعلى من شأنها، وأسمى مسماها، وأجلى ذكراها، وانكب العالم على خطبتها وودادها. لو لم تكُنْ أمُّ اللغاتِ هيَ المُنى لكسرتُ أقلامي وعِفتُ مِدادي، لغةٌ إذا وقعتْ على أسماعِنا كانتْ لنا بردًا على الأكبادِ، ستظلُّ رابطةً تؤلّفُ بيننا فهيَ الرجاءُ لناطقٍ بالضّادِ.