شهد استاد لوسيل ختام منافسات كأس العالم 2022 في قطر بعد مواجهة مثيرة بين الأرجنتينوفرنسا، بحضور أكثر من 88 ألف مشجّع، نجح خلالها منتخب التانجو في الفوز بلقب النسخة الأولى من المونديال في العالم العربي، وللمرة الثالثة في تاريخه. وتزامن نهائي البطولة مع اليوم الوطني لدولة قطر، وتمكن ميسي ورفاقه من حصد اللقب بالفوز على فرنسا بركلات الجزاء الترجيحية 4 /2 بعد مباراة ماراثونية انتهى وقتيها الأصلي والإضافي بالتعادل بثلاثة أهداف لمثلها ، ليعود منتخب التانجو إلى منصة التتويج بعد غياب دام أكثر من 36 عاماً، منذ فوز الأرجنتين بالكأس بقيادة الأسطورة مارادونا في مونديال المكسيك عام 1986. وسبق انطلاق صافرة بداية المباراة حفل ختامي موجز، بمشاركة الفنانين دافيدو وعائشة ومنال وبلقيس وورحمة وريدوان وأوزونا وجيمز ونورا، بأداء من أغاني الألبوم الغنائي الرسمي لكأس العالم قطر 2022، مع إضاءة 32 كرة تشبه الأجرام السماوية مزينة بأعلام الدول التي شاركت منتخباتها في البطولة العالمية. وتضمّن الحفل التأكيد بلسان شاعرين عربيين، تميم البرغوثي ومحمد ولد بمبا، على روح كرة القدم التي عكستها البطولة، وكيف أن كرة القدم هي عالم بديل عوضاً عن العالم الحقيقي، إذ تتساوى البشرية في هذا العالم الكروي، فلا فوارق بين المتنافسين، فيما تتوزع الامتيازات على الجميع بالتساوي. وتجسّد هذه الكلمات العلاقة بين قطر والتحديات التي واجهتها في سبيل تنظيم حدث استثنائي مثل كأس العالم، وإلقاء الضوء على الإصرار القطري المدعوم بوقفة الشعوب العربية والعالمية مع أحقية التنظيم، دون معايير مزدوجة أو مكاييل متغيرة في الأحكام، مع ربط ذلك بأبيات للإمام الشافعي يشير فيها إلى عين السخط وعين الرضى، تلك العين التي ترى شيئاً وتغمض عن أشياء وفق الرغبة والهوى لا وفق الحكم الموضوعي. واختتمت الفقرة بكلمات من الميراث الشعري لمؤسس دولة قطر، الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، رحمه الله، والذي دفن في مدينة لوسيل، التي تحتضن استاد نهائي المونديال، عبر أبيات تشير إلى العزم الذي لا ينثني مهما كانت الصعوبات والتحديات. وقال حسن الذوادي، الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث، " تفخر قطر باستضافة نسخة تاريخية لا تُنسى من مونديال كرة القدم، لقد شكلت هذه البطولة مصدر إلهام لمليارات الأشخاص في أنحاء عالمنا العربي والشرق الأوسط والعالم بأسره، فقد نجحنا في جسر الفجوة بين الشرق والغرب من خلال كرة القدم، واستعرضنا أفضل ما في ثقافتنا وتراثنا وعاداتنا، وسيبقى الأثر الإيجابي لاستضافة هذه البطولة الرائعة، على الصعيد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والبيئي، ملموساً لعقود قادمة." وقال المهندس ياسر الجمال، المدير العام للجنة العليا للمشاريع والإرث: "لقد كانت رحلة مذهلة، لم تقتصر على آخر 29 يوماً هي أيام المنافسات؛ فقد بدأت رحلتنا مع البطولة منذ اثني عشر عاماً. لقد تعهدنا أمام العالم في 2010 باستضافة نسخة مبهرة من كأس العالم، وبالفعل نجحنا في ذلك بطريقة مبهرة، بفضل التخطيط المتميز والتعاون مع شركائنا في قطر والعالم، وقدمنا تجربة استثنائية للمشجعين، وعمليات نقل سلسة، كما نظمنا النسخة الأكثر إتاحة وشمولية في تاريخ كأس العالم. أشكر جميع موظفينا وشركائنا على ما بذلوه من جهد لتنظيم نسخة استثنائية من كأس العالم." من جهته قال ناصر الخاطر، المدير التنفيذي لكأس العالم: "عندما يفكر المشجعون في جميع أنحاء العالم في مونديال قطر 2022، سيتذكرون الأحداث المثيرة على أرضية هذا الاستاد، والاستادات السبعة الأخرى، والتجربة المذهلة التي عاشها جمهور البطولة، والتي ستبقى خالدة في ذاكرتهم بلا شك. لقد أنجزنا مهمتنا في استضافة كرنفال عالمي للرياضة الأكثر شعبية على هذا الكوكب، فكان مهرجاناً اتحد فيه المشجعون من خلال شغفهم المشترك بكرة القدم." وأضاف: "فخورون باستضافة النسخة الأكثر تقارباً وإبداعاً من كأس العالم، والأكثر ملاءمة للعائلات في تاريخ المونديال، والتي ستترك إرثاً مستداماً في قطر والمنطقة والعالم. لقد أرست هذه البطولة معايير جديدة لاستضافة الأحداث الكبرى في المستقبل، وكل من لعب دوراً في استضافتها على مدار الاثني عشر عاماً الماضية يحق له أن يفخر بما أنجزه على طريق الإعداد لهذه النسخة التاريخية من كأس العالم." ويعد نهائي البطولة المباراة رقم 64 في الحدث التاريخي الذي انطلق في استاد البيت في 20 تشرين الأول/نوفمبر الماضي، وكشفت أرقام مونديال قطر 2022 بيع أكثر من 4ر3 مليون تذكرة لحضور مباريات البطولة، التي استضافتها ثمانية استادات عالمية المستوى، وتقع جميعها ضمن مسافة لا تتجاوز ساعة واحدة من وسط العاصمة القطريةالدوحة. ونجحت قطر في استضافة البطولة الأكثر تقارباً في المسافات في تاريخ كأس العالم، منذ انطلاق النسخة الأولى من المونديال عام 1930، حيث أتيحت الفرصة أمام المشجعين لحضور أكثر من مباراة في يوم واحد خلال المراحل الأولى من منافسات البطولة، واستقبلت الدولة أكثر من مليون و 400 ألف زائر على مدى 29 يوماً. وإلى جانب حضور المباريات في استادات المونديال؛ استمتع الجمهور بمجموعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية بالعديد من المواقع في أنحاء البلاد، من بينها مهرجان الفيفا للمشجعين بحديقة البدع بالدوحة، والذي استقبل قرابة 2 مليون مشجّع طوال أيام البطولة، وكورنيش الدوحة، والمناطق المحيطة بالاستادات. كما شكّلت المعالم السياحية في قطر وجهة لالتقاء المشجعين من كل مكان للاحتفاء معاً بشغفهم المشترك بكرة القدم، والتعرف على ثقافات متنوعة من أنحاء العالم في أجواء استثنائية.