استطاعت المملكة العربية السعودية القيام بدور مهم في ضبط الاقتصاد العالمي، واستحوذت من خلال مشاركاتها في قمة مجموعة العشرين على أهمية استثنائية، ودائمًا ما يُعوّل المراقبون على المملكة الإسهام الفاعل في دعم الاقتصاد العالمي والمضي به إلى الاستقرار الذي تنشده الدول والمواطنون بها. وشكّل دخول المملكة إلى مجموعة العشرين الدولية التي تضم أقوى 20 اقتصادًا حول العالم زيادة في الدور المؤثر الذي تقوم به في الاقتصاد العالمي، كونها قائمة على قاعدة اقتصادية صناعية صلبة. وكان لنجاح قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في توجيه سياسة المملكة الاقتصادية ودعم الاقتصاد وقطاع الأعمال الوطني، أبلغ الأثر في جعل المملكة دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي وقبلة آمنة للاستثمارات من مختلف دول العالم. وتأكيداً لمكانة المملكة وثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية الرشيدة التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة إضافة إلى النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي، تشارك المملكة في اجتماعات قمة مجموعة العشرين الاقتصادية منذ دورتها الأولى في واشنطن بتاريخ 15 نوفمبر 2008م، وجاءت هذه المشاركات تأكيداً على مكانة المملكة في المحفل الاقتصادي الدولي، والتزامها بالاستمرار في أداء دور فاعل وإيجابي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، وعلى دورها في صياغة نظام اقتصادي عالمي يحقق نموًا اقتصادياً عالمياً متوازناً ومستداماً وبما يحافظ على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية. وتماشياً مع التزام المملكة بحرية التجارة فإنها تواصل القيام بجهودها لدعم مبادرات تحرير التجارة على جميع المستويات، كما تواصل المملكة تقديم التمويل لأغراض التجارة من خلال عدد من البرامج والصناديق الوطنية والإقليمية. وجاءت عضوية المملكة في مجموعة العشرين نتيجةً لارتفاع أهميتها كمصدر ومسعر للطاقة العالمية التي تهم جميع دول العالم، ولارتفاع حجم تجارتها الدولية وتأثير ذلك على دول العالم، كما جاءت نتيجة لارتفاع مواردها المالية، التي من المتوقع أن تزداد في المستقبل -بمشيئة الله-، وتزيد من أهمية المملكة في الاقتصاد العالمي، ولهذا فإن السياسات المالية التي تتخذها المملكة لا تؤثر في اقتصادها فقط، إنما لها تأثير واضح وواسع في المستوى العالمي، حيث تؤثر في نشاط الاقتصاد العالمي من خلال تأثيرها في التجارة العالمية ومن خلال التحويلات إلى الخارج وسياسة الاستثمار في الأوراق المالية العالمية. وأسهم توسع دائرة تأثيرات الدور الاقتصادي السعودي في المنطقة في تصنيف المملكة من بين أفضل اقتصادات العالم الناشئة جنبًا إلى جنب مع دول صاعدة كالصين والهند وتركيا، وسط ما تمثله المملكة من ثقل اقتصادي في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط والبلدان العربية. ومن النتائج الإيجابية لعضوية المملكة في هذه المجموعة توفير قنوات اتصال دورية بكبار صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية، ما يعزز التعاون الثنائي مع الدول الرئيسة المهمة في العالم، ورفعت عضوية المملكة في هذه المجموعة من أهمية توفير مزيد من الشفافية والمعلومات والبيانات المالية والاقتصادية المتعلقة بالمملكة أسوة بدول العالم المتقدم، ومن المتوقع أن تؤدي عضوية المملكة في المجموعة إلى تنسيق وإصلاح بعض السياسات في عدد كبير من المجالات المالية والاقتصادية، ما سيدفع إلى مزيد من التطوير للقطاعات المالية والاقتصادية ويصب في نهاية المطاف في مصلحة المملكة واقتصادها. وتتويجاً لما تملكه المملكة من إمكانات اقتصادية عالمية أنشأت العديد من المدن الاقتصادية، كما شرعت بإنشاء مشروع مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض على مساحة تبلغ مليوناً وست مئة ألف متر مربع مشكلاً أحد المراكز المالية الرئيسة في العالم لوجوده بأحد أكبر اقتصاديات المنطقة وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط من حيث الحجم والتنظيم والمواصفات التقنية والتجهيز. وفي مجال مناخ الاستثمار أثنى تقرير البنك الدولي على الإصلاحات التي أجرتها المملكة في السنوات الأخيرة في مجالي التنظيم والرقابة على القطاع المصرفي، وصنف التقرير المملكة في المرتبة 12 من بين 183 دولة، مبيناً أن المملكة ومن خلال عضويتها في مجموعة العشرين وبالتنسيق مع دول هذه المجموعة تبذل جهوداً كبيرةً لتحقيق الاستقرار ودعم الدول النامية، إضافةً لإسهامها في مؤسسات التنمية الإقليمية والدولية. وتتخذ المملكة دومًا مواقفًا معتدلة في قراراتها الاقتصادية التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة، وتلتزم في أداء دور فاعل وإيجابي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، ما يؤكد دورها المهم والفاعل في صياغة نظام اقتصادي عالمي يحقق نموًا اقتصادياً عالمياً متوازناً ومستداماً يحافظ على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية. وصنف تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD الاقتصاد السعودي بالأعلى نموًا في مجموعة العشرين لعامي 2022م و2023م، حيث أعلنت المنظمة في تقريرها السنوي OECD آفاق الاقتصاد العالمي للعام 2022م عن توقعاتها بأن تبلغ نسبة نمو الناتج المحلي لاقتصاد المملكة إلى 9.9 % عام 2022؛ كأعلى نسبة نمو بين دول مجموعة العشرين G20 التي تشمل (اقتصاد مجموعة العشرين واقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية). وعلى الرغم من التحديات الرئيسة التي يواجهها الاقتصاد العالمي، في ظل استمرار التضخم لفترة أطول من المتوقع وتباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2022 و2023، إلا أن تقديرات تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالنسبة للمملكة جاءت مُخالفة للنظرة القاتمة والضبابية التي تنطلق من عدة عوامل رئيسة؛ وفي مقدمتها الأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وتفاقم الضغوط التضخمية وتشديد السياسات النقدية وإجراءات الإغلاق العام نتيجة موجات التفشي الجديدة ل (كوفيد 19). وخفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها OECD توقعاتها لأداء الاقتصاد العالمي عن العام الجاري والعام 2023، حيث تأثرت تقديراتها بتباطؤ النمو في أغلب اقتصادات في العالم إلا أنه أبقى توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال عام 2022 عند 9.9 %، وارتفاع نمو الاقتصاد السعودي خلال العام القادم 2023 بنسبة 6 %. ويأتي هذا الإعلان بعد إشادة صندوق النقد الدولي، بقوة اقتصاد المملكة وقوة وضعها المالي، مؤكدين أن الآفاق الاقتصادية للمملكة إيجابية على المديين القريب والمتوسط، مع استمرار انتعاش معدلات النمو الاقتصادي، واحتواء التضخم، بالإضافة إلى تزايد قوة مركزها الاقتصادي الخارجي. وأكد خبراء صندوق النقد الدولي أن مواصلة المملكة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية ستساعد في ضمان تحقيق انتعاش قوي وشامل وصديق للبيئة، لافتين النظر إلى أن المملكة تتعافى بقوة في أعقاب الركود الناجم عن جائحة كوفيد. من جهة أخرى استطاعت المملكة العربية السعودية بوصفها إحدى الدول الرائدة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات على مستوى دول مجموعة العشرين (G20) وبالاستناد على منجزها التراكمي الكبير تحويل فريق عمل الاقتصاد الرقمي إلى مجموعة عمل دائمة، وقيادة دول المجموعة إلى إجماع واصطفاف حول خريطة طريق لقياس وتعريف الاقتصاد الرقمي، إضافة إلى اعتماد مبادئ الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان، كما أدت جملة هذه التطورات إلى تكريس موقعها على المستويين الإقليمي والعالمي كوجهة تقنية رائدة. وعزَّزت جملة هذه الخطوات والإجراءات والتطورات والقفزات النوعية التي حققها قطاع الاتصالات وخطواته المتسارعة لمواكبة التطورات والمستجدات التقنية، فرص تقدم المملكة في المؤشرات والتقارير ذات الصلة، حيث احتلت المملكة المرتبة (2) في التنافسية الرقمية بين دول مجموعة العشرين وفق المركز الأوروبي للتنافسية الرقمية، وتبوَّأت المركز رقم (1) في الريادة الحكومية وفق الاتحاد الدولي للاتصالات، كما جاءت في المركز ال(9) عالميًّا في القدرات الرقمية ضمن تقرير التنافسية، إضافةً إلى تقدمها في ترتيب سرعات "الإنترنت" إلى المراتب العشرة الأولى بعد أن كانت في المركز ال(105) في 2017م، وذلك بحسب تقرير نشره موقع "سبيد تست" العالمي المختص في قياس سرعات "الإنترنت" . وتأتي هذه المنجزات نتيجةً لما يحظى به قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من دعم وتمكين من قبل خادمِ الحرمين الشريفين الملكِ سلمانَ بنِ عبدالعزيز آل سعود وسموِّ وليِّ عهده الأمين -حفظهما الله- الذي أسهم في إرساء بنية رقمية متينة، إذ جرى تخصيص حزمة تحفيزية، عملت من خلالها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بمعاونة شركائها على ربط 3.5 ملايين منزل بشبكة الألياف الضوئية (الفايبر)، وتسهيل وصولها إلى قائمة أفضل (10) دول في العالم من حيث سرعة وانتشار "الإنترنت" والسوق الأكبر للتقنية في المنطقة بحجم يتحاوز 40 مليار دولار ، محققةً بذلك المرتبة (2) بين دول مجموعة العشرين في تحرير الطيف الترددي، إضافةً إلى تصدرها التقارير والمؤشرات الدولية ذات الصلة بوجودها ضمن أفضل (3) دول في العالم في مجال سد الفجوة الرقمية بوصولها في هذا الصدد إلى أقل من 1 %. وتواصل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات العمل على تطوير وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة الطموحة 2030، وتجني ثمار ذلك يومًا تلو الآخر، حيث حققت، مؤخرًا، أعلى نتيجة تاريخية لها في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية الصادر عن الأممالمتحدة منذ إطلاقه قبل أكثر من 20 عاماً، واستطاعت على صعيدي تنمية المهارات الرقمية وتمكين مشاركة المرأة، المضي أشواطًا بعيدة في هاتين الرحلتين وصولًا لتمكنها من تحقيق نمو على صعيد الوظائف التقنية والرقمية فاق التوقعات، إذِ استطاعت الوصول بعدد الوظائف إلى 318 ألف وظيفة كأكبر تكتل رقمي للقدرات الرقمية في المنطقة، كما تجاوزت نسبة تمكين المرأة في القطاع 30.5 % مستطيعةً بذلك تجاوز المتوسط الأوروبي ومجموعة العشرين، بالإضافة إلى وادي السليكون، ولقد أسهم إنشاء الأكاديمية السعودية الرقمية إلى صقل مهارات أبناء وبنات الوطن الرقمية، وتنمية قدراتهم، وتسخير مردوداتهم في دفع عمليتي التحول الرقمي ودعم نمو الاقتصاد الرقمي.